تجربة خلاقة، تصدى لها أحد رجال قرية "أمية" بزراعة شتلة من الزيتون، على الرغم من المعرفة المسبقة بطبيعة الأرض الصحراوية المالحة، حيث تحوّلت فيما بعد إلى بستان شاسع، ونقلت التجربة إلى القرى المجاورة.

مدوّنة وطن "eSyria"، بتاريخ 21 كانون الأول 2016، وخلال زيارتها لقرية "أمية" التي احتضنت تلك التجربة، وجدت ظاهرة زراعة الزيتون فيها، فهذه المنطقة مشهورة بعدم نجاح الزراعة والمحاصيل كثيراً، لأسباب تتعلق بملوحة مياهها، وقسوة تربتها. وعن تلك التجربة ونجاح زراعة الزيتون، تحدّث النجل الأكبر لصاحب الفكرة "محمّد عبد الخوير"، فقال: «والدي الراحل "عبد حسن الخوير" كان عاشقاً للزراعة والأرض، إضافة إلى إيمانه بأنّ الزيتون شجرة مباركة، والتربة التي في قريتنا رملية، كلها كانت عوامل ليساهم الوالد بالعمل على زراعة شتلة واحدة من الزيتون في منزله، ويترقب مدى نجاحها، وبعد عامين من المراقبة والاهتمام والرعاية بتلك الشتلة، وجدها تنمو سريعاً، ونجحت زراعتها نجاحاً غير متوقع، فأعلن عن رغبته بزراعة بستان كامل من الزيتون في القرية، وبمساحة 10 دونمات، ووصل العدد الإجمالي في ذلك البستان إلى 250 شجرة. وقد أعطى ذلك البستان كل الوقت والجهد، بحكم حبّه الكبير ومعرفته الكبيرة بالزراعة والأرض، ومنذ عام 1992 خطا هذه الخطوة، حتّى عام 2010 عند وفاته، ووهبها لنا واعتبرها وصية لأولاده من أجل الحفاظ عليها».

عندما سمعتُ بتلك التجربة، وللوهلة الأولى تفاجأت، لكنني تواصلت مع أهلها، وشاهدت حبات الزيتون، فوجدتها في نجاح تام، وفي كل عام تقريباً أشتري كمية من حصاد ذلك البستان في سبيل بيعه إلى أهالي مدينة "القامشلي"، والكثيرون منهم يرغبون بالشراء للمؤونة وزيت الزيتون

وتابع "محمّد الخوير" عن تلك التجربة: «ساهم نجاح تلك التجربة في اقتداء عدد من أبناء قريتنا وقرية "تميم" المجاورة بها، وزراعة تلك الشجرة أيضاً، لكون تربتها شبيهة بتربة قريتنا، لتكون هذه الأشجار لوحة جميلة في منطقتنا، خاصة أنها تفتقر إلى الخضار والزراعة الناجحة والجيدة كباقي مناطق "الجزيرة السورية"، حتّى سميت منطقتنا جنوب "تل حميس" بهذه الأشجار بمنطقة خيّرة ومباركة، وساهمت بتخفيف معاناة أهالي المنطقة بهذه البادرة. أمّا بالنسبة لاستثمارها، فكميّات الزيتون التي نستخرجها من تلك الأشجار تكفي قريتنا وعدداً من القرى الأخرى، وبعضها يذهب إلى أسواق "القامشلي" لبيعها هناك. يبقى الأهم من كل هذا وذاك، أن هبة عظيمة منحت لنا، وورثة كبيرة حصلنا عليها، وكل أفراد الأسرة عاهدوا أنفسهم أن يحافظوا على وصية الوالد، بالحفاظ على هذه الزراعة والمزرعة».

"محمد الخوير" على يمين إخوته في بلدتهم "تل حميس"

أمّا "خالد عادل العلي" من أهالي ريف "تل حميس"، فقد تحدّث عن تجربة قرية "أمية" بزراعة الزيتون، حيث قال: «على امتداد مساحة واسعة وشاسعة لا نجد في منطقتنا إلا تلك المزرعة من الزيتون باللون الأخضر، فهي لون الحياة والتفاؤل والجمال. أمّا باقي المساحات، فهي جرداء وصحراء، لذلك تكمن أهمية تلك التجربة من خلال الصورة التي ذكرناها بالدرجة الأولى، إلى جانب تأمين مؤونة أغلب أهالي القرية المذكورة والقرى المجاورة من مادة الزيتون، بعيداً عن عناء السفر إلى "القامشلي" أو غيرها من البلدات في سبيل شراء المادة. أمّا بالنسبة لدعم تلك التجربة، فكان بتقديم كل أساليب التعاون والمساعدة بصورة دورية لصاحب الأرض، وكثيرة هي المرات التي نمدّ أيدينا إلى أيادي أهالي المزرعة للحفاظ على هذه التجربة الثمينة».

"سعدون خلف المحمّد" من أبناء مدينة "القامشلي"، تحدّث عن العلاقة التي تجمعه مع مزرعة "أمية" القول: «عندما سمعتُ بتلك التجربة، وللوهلة الأولى تفاجأت، لكنني تواصلت مع أهلها، وشاهدت حبات الزيتون، فوجدتها في نجاح تام، وفي كل عام تقريباً أشتري كمية من حصاد ذلك البستان في سبيل بيعه إلى أهالي مدينة "القامشلي"، والكثيرون منهم يرغبون بالشراء للمؤونة وزيت الزيتون».

الزيتون في قرية "تميم"