تحظى مسيرتها في الحياة بالكثير من المحطات الإنسانية، خاصة في عالم الطب الذي عاشت معه سنوات طويلة، وكانت لشهور طويلة وحيدة في منطقتها، فأنقذت أرواحاً ما زالت تكنّ لها الوفاء، وتركت بصمتها في أي مكان توجد فيه.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 10 كانون الأول 2016، زارت القابلة القانونية "شوشانيك غازريان" في منزلها بمدينة "القامشلي"؛ للتعرّف إلى مشوارها في اختصاصها المذكور، وجوانب أخرى بذات الجانب، خاصة التطوعي والإنساني، لكنها بدأت الحديث عن البدايات، فقالت: «أثناء الدراسة في المرحلتين الابتدائية والإعدادية ظهر التميّز والاجتهاد عندي، وأثناء تلك المدة كنتُ أقدم أعمالاً كثيرة من التطريز والأعمال اليدوية على الرغم من صغري؛ ساهمت بها في معارض مدرسية كثيرة، وبرز في داخلي حبّ المساعدة والتعاون؛ وهو ما كسبته من أسرتي وأهلي. بعد الحصول على الشهادة الإعدادية توجهت إلى الدراسة في معهد التمريض في "دير الزور"، أنا وطالبة فقط من "القامشلي"؛ كنّا مؤهلتين للدراسة بهذا الاختصاص، في المعهد تابعت هوايتي بإنجاز الأعمال اليدوية، إضافة إلى ذلك كنتُ أقوم يومياً بتعليم زميلاتي تلك المهنة، وسعادتي كبيرة لأن العشرات منهن أتقنّ المهنة بامتياز، إلى جانب ذلك تصديت لتعليم اللغة الأرمنية في دور التعليم بـ"دير الزور" طوعياً ولمدة عامين، وخلال سنوات دراستي الثلاث في المدينة المذكورة كنت مواظبة للحصول على المراكز الأولى؛ فعلى أساسه يتم انتقاء الأفضل، والأوائل لإكمال دراسة القبالة في "حلب"، فكنت بين العشرة الأوائل».

في جميع النقاط الطبية التي عملت فيها، اسمها باقٍ على ألسنة جميع الكوادر، حتّى بعد سنّ التقاعد القانوني لها، يذكرها الناس وزملاؤها ومن عاشرتهم بالحديث الحسن والذكر الطيب، الإنسانية التي تعاملت معها في عملها شيء رائع، وقد ساهمت بتحقيق الكثير من الإنجازات الخيّرة، ولها فضل كبير في إنقاذ المصابين الذين كانوا يزورونها

وتتابع عن مرحلة ما بعد الدراسة: «عام 1979 تخرّجت وتوجهت للعمل في مستوصف بلدة "تل براك" الذي يبعد عن "القامشلي" 48كم، ولمدّة عام كامل كنت أتوجه إلى البلدة يومياً، لكوني كنتُ الوحيدة في المركز المذكور، حيث ساهمت بإنقاذ حالات كثيرة من الأمراض والإصابات والإسعافات، وأبناء البلدة وريفها القريب والبعيد كانوا يعتمدون عليّ فقط، وكنت أتوّجه إلى منزل أحدهم مهما كان بعيداً في سبيل معالجة شخص لا يستطيع التوجه إلى المستوصف. أمّا عام 1980، فكان العمل في المستشفى الوطني بـ"القامشلي"، وهنا أيضاً كنت ألبي دعوات جميع الأقسام للمساعدة والتعاون؛ وهو ما زاد من الضغط والتعب والإرهاق، لكن طالما فيه خدمة طبية وإنسانية، فالسعادة كانت هديتي».

"شوشانيك" لديها علاقات اجتماعية طيبة من خلال عملها الطيب

الدورات التي اتّبعتها "شوشانيك" عديدة، لتكمل بها خبراتها، وأضافت: «أغلب الدورات كانت تجري خارج المحافظة، وكنتُ الوحيدة من المنطقة، ويتم الاختيار بناء على التميز، إضافة إلى الإيفاد لعدة دول عربية، مثل: "مصر، تونس، الأردن" كدورات لتنظيم الأسرة، ثم كان لي شرف تسلّم مهمة شعبة التغذية على مستوى المحافظة، والحصول على شهادة مدربة للتغذية. أمّا مسؤولة اللقاح في المحافظة، فتسلّمت ذلك لمدة خمس سنوات، ثم العمل مع الهلال الأحمر السوري بالإسعافات الأولية لمدة ثلاث سنوات، وتزامناً كنتُ مدربة الإسعافات الأولية في الجمعيات الأهلية. وبالنسبة للخدمات الإنسانية الطبية كانت شبه يومية، حتّى في ساعات العيد الأولى من أحد أعيادنا توجهتُ إلى جنوب "تل حميس" للمساهمة في مساعدة الجرحى من الفيضانات. وتميزي في مؤسسات الدولة الصحية منحني أكثر من شهادة تقدير من قبل وزارة الصحة، والمنطقة الصحية بـ"القامشلي"».

الدكتورة "عبير مراد"، تحدثت عن مسيرة "شوشانيك" قائلة: «في جميع النقاط الطبية التي عملت فيها، اسمها باقٍ على ألسنة جميع الكوادر، حتّى بعد سنّ التقاعد القانوني لها، يذكرها الناس وزملاؤها ومن عاشرتهم بالحديث الحسن والذكر الطيب، الإنسانية التي تعاملت معها في عملها شيء رائع، وقد ساهمت بتحقيق الكثير من الإنجازات الخيّرة، ولها فضل كبير في إنقاذ المصابين الذين كانوا يزورونها».

من ورشاتها في الريف

يذكر أن "شوشانيك" من مواليد "القامشلي"، عام 1959.