لكل محافظة ما تتميز أو تشتهر فيه عن غيرها حتى ولو كانت مجاورة لها، وهذا التميز يتبع في كثير من الأحيان للعادات والتقاليد، فمحافظة "الحسكة" على سبيل المثال تتميز منذ عدة عقود بصناعة "الكليجة" تلك الحلويات التي جاءت من الثقافة التركية، ولكن أهالي المحافظة أدخلوا عليها لمساتهم لتتماشى مع واقع المجتمع الجزراوي.

موقع eHasakeh وضمن جولاته لرصد طقوس العيد دخل محلات خباز الأقدم والأشهر في المحافظة في صناعة "الكليجة" والتقى السيد "سمير خباز" الذي قال :«نحن من أوائل من امتهن مهنة الحلويات في المحافظة، فقد كانت البداية مع صناعة الخبز حيث كان والدي يدير المحل، وفي عام 1976 م قمنا بتحويل الدفة تجاه الحلويات بعد أن ترك والدي العمل في المحل، ونقوم بصناعة الحلويات العربية والإفرنجية، ويتميز شعب المحافظة بأنه ذواق ويحب تجربة العديد من الأصناف، وتكثر مبيعات الحلويات في الأعياد الدينية وبسبب التنوع الكبير للمجتمع الحسكاوي يستمر الطلب على الحلويات في فترات متقاربة وعلى مدار العام».

أعمل في هذه المهنة منذ عشر سنوات تقريباً واختص في هذا النوع من الحلويات، حيث يكثر الطلب عليها في مواسم الأعياد من جهة ومن جهة أخرى تعود على الطعم الذي نقدمه زبائننا منذ زمن، فمنذ فترة طويلة لم تتغير الطعمة في أي من الوجبات التي تم صناعتها، ويعود هذا الإتقان إلى الالتزام الحرفي بالخلطة التي نعتمدها

يضيف "خباز": «على الرغم من تنوع الأصناف التي نقوم بصناعتها إلا إن الكليجة هي سيدة الحلويات في العيد، ويشيع مثل في المحافظة يردده الجميع وهو: "من لا يقدم الكليجة في العيد فليس عنده عيد"، وهذا الصنف ليس من صناعة المحافظة ولكنه جاء إلينا من المجتمعات التركية، إلا أنه لم يأت بهذا الشكل الذي تخبز عليه اليوم، فقد قمنا وعلى فترات متلاحقة بإدخال العديد من المنكهات على الكليجة، وبهذه الإضافات أصبح للكليجة طابعاً خاصاً تتميز به المحافظة، فعلى الرغم من أن المحافظات الشرقية تتمتع بنفس العادات والتقاليد إلا إن هذا التشابه لم ينطبق على هذا الصنف، ففي "دير الزور" تخبز بأشكال مختلفة تشبه رغيف الخبز كما تختلف فيه المكونات ويسمى "الأقراص"، وفي محافظة "الرقة" يطلق عليها نفس الاسم ولكنها أيضاً تختلف من حيث الشكل والمضمون، ويمكن القول إن أنجح الأنواع هو ما يتم صناعتها في محافظة "الحسكة"».

المعلم زياد يحضر مكونات الكليجة

السيد "زياد وليد محمد صادق" معلم صناعة الكليجة يقول: «أعمل في هذه المهنة منذ عشر سنوات تقريباً واختص في هذا النوع من الحلويات، حيث يكثر الطلب عليها في مواسم الأعياد من جهة ومن جهة أخرى تعود على الطعم الذي نقدمه زبائننا منذ زمن، فمنذ فترة طويلة لم تتغير الطعمة في أي من الوجبات التي تم صناعتها، ويعود هذا الإتقان إلى الالتزام الحرفي بالخلطة التي نعتمدها».

يضيف "صادق": «تمر مرحلة صناعة الكليجة بعدة مراحل وهي خلط المقادير المكونة من حب الهال والمحلب وجوزة الطيب والفانيل والقرفة والقرنفل والشمرة، حيث نقوم بوضع 200 غرام من كل هذه المكونات في آلة الخلط مع 2.5 كيلو غرام من السمنة و 2.5 كيلو غرام من السكر و1.25 ليتر من الحليب، ونقوم بخلطه جيدا ومن ثم نضيف للخلطة نصف قالب من الخميرة السريعة لكي نبدأ العمل بالعجينة فوراً، وفي المرحلة الأخيرة نقوم بإضافة 5 كيلوغرامات من الدقيق ونتركه قرابة خمس دقائق ليعجن بشكل جيد، ومن ثم نقوم بتقطيع العجين وصنعه على شكل دوائر أو مستطيلات ويضع عليها أحد العاملين بعض المكملات لتأخذ شكلها النهائي، ثم ندخلها إلى الفرن لمدة 15 دقيقة لتصبح جاهزة، وبعد تبريدها تصبح جاهزة للبيع، وللكليجة عدة أنواع مثل المحشية بالعجوة /التمر المعجون/ والمغمسة بالسمسم، والمصنوعة بالسمن العربي وهذه تصنع حسب الطلب بسبب سعرها المرتفع نسبياً».

مرحلة العجين

أما السيد "أحمد محمد عبيد" فيقول: «أعمل كمساعد للمعلم زياد ويقتصر عملي على وضع البيض المخفوق على الكليجة لتأخذ لونها الأشقر بعد النضج، وأيضاً أقوم بتقطيع العجينة في حالة الطلب الكثير عليها لتلبية طلب الزبائن كما أقوم بمراقبة الفرن حتى لا تحترق الوجبة، بمعنى أدق أنا أقوم بتنفيذ الأعمال التي يتم فيها التقصير في الإنتاج بسبب تزايد الطلب».

السيد "أمين أحمد إدريس" أحد الزبائن الذي وجدناه في المحل يقول: «أصبحت الكليجة طقساً من طقوس العيد الذي لا يمكن تجاوزه بأي شكل من الأشكال، وحتى الذي لا يشتريها من المحلات سيقوم حتماً بصناعتها في المنزل، فهي تُقدم بمجرد وصول المباركين بالعيد ومن النادر أن تدخل بيتاً قد دخله العيد وتخلفت عنه الكليجة، ولهذا ترى الناس في منتصف النهار لا يفضلون النظر فيها لأنهم قد تناولوا فيما مضى من نهارهم كميات أوصلتهم لحد الإشباع».

عملية تقطيع الكليجة