رحل المدرّب السوري "محمد العطار" باكراً، تاركاً خلفه إرثاً رياضياً وأخلاقياً كبيراً لا يمكن تعويضه بسهولة، حيث خلّف في محطاته كلاعب ومدرّب أفكاره وإبداعاته الكروية في النوادي والمنتخبات التي أزهرت في العالم وسط ظروف الحرب والآلام السورية.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 1 كانون الأول 2018، مع الصحفي "ربيع حمامة" العامل في صحيفة "الاتحاد"، الذي رافق المدرّب الراحل كمنسق إعلامي لمدة ثلاث سنوات في منتخب "سورية" للناشئين، ليتحدث عن مسيرة الراحل بالقول: «تألّق المدرّب "محمد العطار" كلاعب منذ مطلع الثمانينات حتى بداية الألفية الجديدة، واشتهر بضرباته الرأسية وبنيته الجسدية القوية، وكانت بداياته في فئات نادي "الطليعة" الحموي، ولعب لعدة أندية محلية، مثل: "الشرطة"، و"الجيش"، وغيرهما، وفي صفوف منتخباتنا الوطنية على اختلاف فئاتها. وأبرز ما حققه خلالها مع المنتخبات كلاعب، برونزية كأس "آسيا للشباب"، إضافة إلى فضية البطولة العربية في "بيروت" لفئة الرجال، ليبدأ بعد اعتزاله مشواره التدريبي الناجح مع أندية محلية كـ"الطليعة"، و"النواعير"، و"الشرطة"، و"حطين"، والأبرز كان على صعيد تدريب المنتخبات الوطنية، ولا سيما أنه نجح في كل المنتخبات التي درّبها؛ حيث نال المركز الثاني مع منتخب الأشبال عام 2012 خلال تصفيات آسيا بمشاركة 7 منتخبات، وتسلّم بعدها مهمة تدريب منتخب الناشئين عام 2013 خلال مرحلة صعبة مرّت بها "سورية"، ومع ذلك وبمعسكرات محلية، وتحت ضغط الإرهاب وقذائف الحقد المستمرة، نجح بمحطة "الأردن"، وتأهل إلى نهائيات كأس "آسيا". ومن الأراضي التايلاندية رفع العلم السوري عالياً معلناً الوصول إلى نهائيات كأس العالم بـ"تشيلي" عام 2015، ومن رحم المعاناة أثبت المنتخب بقيادة "العطار" قوة شكيمته في كأس العالم مع نخبة المنتخبات العالمية، ومع نهاية تلك المشاركة عام 2015 تم الاعتماد على مدرّبين آخرين للمنتخبات المتتالية، ليرحل "العطار" إلى سلطنة "عمان"، ويدرّب في نادي "مجيس"، وعاد قبل عام، وآخر محطاته كانت مع فريق "حطين" لعدة أسابيع خلال الموسم الحالي 2018».

كان لاعباً في نادي "الشرطة" أغلب سنوات حياته، ولعب وشارك مع منتخب "سورية" بالدورة العربية في "لبنان"، وكنت مع الراحل في عام 2015 بمنتخب الناشئين كمساعد له، وهو صاحب الإنجاز في تأهله إلى كأس العالم، كنا معاً في التحضير والنهائيات ومعسكرات كثيرة بـ"روسيا، ولبنان، والبحرين" حتى بطولة كأس العالم في "تشيلي"، كان إنساناً نبيلاً، يستقبل الجميع بابتسامة مهما كان وضعه النفسي والجسدي، يمتلك فعلاً الروح الرياضية، وعلى الصعيد الشخصي، فقد أضاف إلى حياتي الرياضية الكثير من القيم

ويكمل عن شخصية الراحل: «أسميته صانع الإنجازات لأنه بصم أينما حلّ، سواء بأنديتنا أو منتخباتنا، فامتلك العلم والعمل والضمير، وهي أهم مقومات العمل الرياضي، عملنا معاً بصفتي مسؤولاً إعلامياً لعدة منتخبات بفئات عمرية مختلفة، والأبرز كان منتخب الناشئين الذي تكوّن في ذروة الأزمة السورية عام 2013، ومن أصل 40 لاعباً فقط في مرحلة الانتقاء قام بانتقاء 23 لاعباً، ليبدأ معهم من نقطة الصفر بهمة قلّ نظيرها، وإمكانيات محدودة استطاع المضي بهم إلى نهائيات آسيا، وفي منتخب 2013 اتفقنا على رسالة محبة وسلام وتنافس وليس فقط المشاركة، وضربنا بقوة أينما حللنا، وكنا نتمرّن تحت القذائف، وارتقى شهيدان من صلب المنتخب، ومع ذلك لم نتوقف، وأيام كثيرة كانت الحافلة التي تقلّ المنتخب تغيّر طريقها، فكان "العطار" يصمّم على العودة إلى الملعب التدريبي في "دمشق"، وكان يقول لنا دوماً: (حتى لو بقي شخص واحد في المنتخب سنتدرّب، ولن يمنعنا الإرهاب من تحقيق هدفنا، لأن بلدنا يستحق الكثير ونفديه بكل شيء)؛ فهو من أوصلنا إلى نهائيات كأس العالم من رحم المعاناة، فخرّج أبطالاً ترفع لهم القبعات. مدرّب عظيم قليل الكلام وغير متطلب؛ لأنه واثق ويعرف ماذا يريد بمنهج يدرس في الظروف التي كنا فيها آنذاك، حتى إنه أحضر عائلته لتقيم في "دمشق" كي لا يضطر إلى ترك المنتخب ولو لدقيقة لحرصه ووطنيته الكبيرين».

المنسق الإعلامي "ربيع حمامة" إلى جانب الكابتن الراحل "محمد العطار"

الكابتن "زياد شعبو" عنه يقول: «كان لاعباً في نادي "الشرطة" أغلب سنوات حياته، ولعب وشارك مع منتخب "سورية" بالدورة العربية في "لبنان"، وكنت مع الراحل في عام 2015 بمنتخب الناشئين كمساعد له، وهو صاحب الإنجاز في تأهله إلى كأس العالم، كنا معاً في التحضير والنهائيات ومعسكرات كثيرة بـ"روسيا، ولبنان، والبحرين" حتى بطولة كأس العالم في "تشيلي"، كان إنساناً نبيلاً، يستقبل الجميع بابتسامة مهما كان وضعه النفسي والجسدي، يمتلك فعلاً الروح الرياضية، وعلى الصعيد الشخصي، فقد أضاف إلى حياتي الرياضية الكثير من القيم».

لاعب نادي "تشرين" والمنتخب الأولمبي "عبد الرحمن بركات" بدوره قال: «كنت مع الكابتن "محمد العطار" على مدار ثلاث سنوات بمنتخب الناشئين، فكنا برفقته في تصفيات "آسيا" في "الأردن"، وتأهلنا إلى نهائيات كأس آسيا في "تايلاند"، ثم تأهلنا إلى كأس العالم للناشئين في "تشيلي"، وهو صاحب فضل على جيل من الرياضيين، فمن كان معه في منتخب الناشئين اليوم هم أسماء في كرة القدم بـ"سورية" وخارجها، وكان يمتلك جانباً إنسانياً استثنائياً، فقد كانت تطول بنا أيام التدريب في المعسكرات بعيداً عن أهلنا، ولم يجعلنا نشعر بغيابهم أبداً، كان بمنزلة الأب لنا في كل التفاصيل».

المدرّب الراحل "محمد العطار" مع منتخب سورية للناشئين في "تايلاند" 2014

يذكر، أن المدرّب الراحل "محمد العطار" من مواليد محافظة "حماة" عام 1969، متزوج ولديه 4 أبناء، وقد وافته المنية يوم الجمعة 30 تشرين الثاني 2018.

الكابتن "زياد شعبو"