في "سلمية" بدأ، ومنها إلى العاصمة انطلق، ليثبت فيها أن طموحه الأول لم يكن مبنياً على رمال هشّة، إنه "هايل عابدين" اللاعب السابق والمدرب الحالي، والحكم في كرة السلة السورية.

مدونة وطن "eSyria" التقت المدرب "هايل عادين" يوم الأربعاء 27 تشرين الثاني 2013، لتتعرف على تجربة غنية بالنجاحات رغم كل الصعوبات، نسأله عن بداياته، ومن كان له الفضل في اكتشافه كلاعب، فقال: «الانطلاقة عبر بوابة نادي مدينة "سلمية" الرياضي، هذا النادي الذي أدار ظهره إلى كل الألعاب باستثناء الكرة الطائرة، ومع هذا كنا على ثقة من خيارنا في دخول هذه اللعبة، وكان أول من أشرف على تدريبنا الأستاذ "يوسف ناصر" ومن ثم انتقلنا إلى الفئات العمرية وكان الفضل في ذلك إلى المدرب "أحمد الزير"، كان ذلك أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، استمر ذلك حتى اعتزلت اللعب، وكان للإصابة دور بارز في ذلك».

كانت هذه المباراة في نهائي الدوري، وخسرنا بعد التمديد بفارق نصف سلة محققين الوصافة خلف "الاتحاد"

هل كل لاعب بالضرورة سيصبح مدرباً، أم أن لمهنة التدريب شروطاً مختلفة؟ عن هذا أجاب الكابتن "هايل" بالقول: «بالتأكيد هناك شروط لمن يتولى مهنة التدريب، أهمها درايته الكاملة بقانون وخطط اللعبة، ثانيها الحس القيادي الذي يؤهله لكي يدير مجموعة من اللاعبين».

"هايل عابدين" في إحدى المحاضرات الرياضية

وتابع: «بالنسبة لي كان الانتقال إلى عالم التدريب من خلال استحداث فريق للسيدات لأول مرة في "سلمية" بعد أن كانت هذه اللعبة في أدراج النسيان نتيجة عدم توافر الكوادر القادرة على المتابعة اليومية، أو بالأحرى عدم الاهتمام بهذه اللعبة كان السبب الرئيسي».

ويعزو التفاته إلى هذه اللعبة مذ كان طالباً في المعهد الرياضي في "حمص"، وفي هذا الخصوص قال: «الدراسة أضافت إلى الموهبة العلم الأكاديمي، فجئت متسلحاً بالعلم وكانت قبلها الممارسة، من هنا كسبت ثقة إدارة النادي في ذلك الوقت، وكانت الانطلاقة مع هذه اللعبة في نادٍ ريفي في ذلك الزمن والكل يعلم أن "حلب" و"دمشق" هما معقل هذه اللعبة».

"هايل عابدين" مع محاضر "سلوي" أميركي

ثم قدم لنا لمحة تاريخية عن كرة السلة النسوية في نادي "سلمية"، حيث قال: «مع بداية عام 1992 صعدنا إلى مصاف أندية الدرجة الثانية على مستوى السيدات، وهذا ما أسس لوجود قاعدة شعبية لكرة السلة في مدينتنا من خلال المراكز التدريبية التي كانت تفتتح في فصل الصيف».

وأضاف: «ومن المفارقات أن لاعبتين تمت دعوتهما إلى منتخب "سورية" للناشئات وهما: "هنادي ميوس" و"خزامى خلوف"، ولاعبة ثالثة من نادي "كفربهم" وكانت محافظة "حماة" تنطلق من جديد في هذه اللعبة وهي معقل كرة اليد السورية آنذاك، وكانت الأيادي البيضاء المترافقة مع الخبرة المتميزة للأستاذ "عبد الكريم فاخوري" سبباً في نشر هذه اللعبة على مستوى المحافظة».

لكن يبقى للمرء طموح يتخطى حدود المكان، خاصة إذا كان هذا المكان لن يمنحه أكثر من كونه مدرباً في نادٍ ريفي بنظر الآخرين، فكان القرار الحاسم بالتوجه إلى العاصمة، عن تجربة السنوات هناك قال: «البداية كانت مع نادي "بردى" وصعدت بسيداته إلى الدرجة الثانية، ومن ثم إلى الدرجة الأولى، كنت حينها مساعداً للمدرب "هشام الشمعة"، ثم انتقلت إلى التدريب في نادي "الثورة" الدمشقي ويعتبر من أعرق الأندية السورية على مستوى السلة النسوية، وذلك بين عامي 2005 - 2009 حققنا وصافة الدوري لموسمين خلف "الجلاء"، و"الاتحاد"، ومعظم لاعباته أصبحن في الفريق الأول للنادي».

ولأن الرغبة في تقديم الإنجاز تلو الآخر اتجه إلى نادي "أشرفية صحنايا" وعن سبب النجاح مع هذا النادي يقول: «اهتمام النادي كان سبباً في نجاح هذه اللعبة وحققنا قفزات سريعة حتى عدنا به إلى مكانه الطبيعي بين أندية الدرجة الأولى».

كثيراً ما يشعر "هايل عابدين" بضرورة انطلاق هذه اللعبة في الأندية الريفية، وهنا سألناه عن الفرق بين الأندية الفقيرة، والغنية في تطور لعبة ما ليست شعبية بالمعنى الكامل، فأجابنا قائلاً: «بالطبع تحولت الرياضة إلى مؤسسات رياضية لا بد من دعم مادي لها، لذلك نجد الأندية الغنية متفوقة إلى حد كبير، لكن الاجتهاد لدى الأندية الفقيرة حقق المراد لدى البعض منها وأذكر هنا نادي "سلمية" الذي استطاع عام 2010 التفوق على العامل المادي وقارع الكبار ليدخل في دائرة الضوء، من خلال ناشئاته وحقق وصافة الدوري لأكثر من عام، وهنا لا بد من الإشادة بجهود المدربين: "صفوان سيفو، وبشار فاضل" وهما من الجيل الذي أشرفت على تدريبه سابقاً».

أما عن رأيه في السلة السورية التي خف بريقها في السنوات الماضية، وما الذي حدث لها، فقال: «تمتلك "سورية" من المواهب ما يؤهلها لتتبوأ المكانة اللائقة عربياً وآسيوياً، لكننا بحاجة إلى دعم مادي ومعسكرات تدريب خارجية أكثر، هذا الجانب انتبهت إليه دول الجوار وهم اليوم متفوقون، إن الانكماش في مسألة المعسكرات الخارجية، وشح الاحتكاك مع الفرق المتفوقة، يفرض علينا أن ننظر ونستفيد من تجارب دول الجوار».

بعد التدريب كانت محطة التحكيم هدفه التالي، قال: «ربما كان عامل التدريب وهاجس التفوق في هذا المجال كان له التأثير الكبير في دخولي إلى عالم التحكيم، وأنا اليوم مصنف حكم درجة أولى».

في ذاكرة كل رياضي حدث بارز لا يمكن أن ينساه، ومباراة "الثورة" الدمشقي، و"الاتحاد" الحلبي، من المباريات العالقة في ذاكرة "هايل عابدين" وعنها قال: «كانت هذه المباراة في نهائي الدوري، وخسرنا بعد التمديد بفارق نصف سلة محققين الوصافة خلف "الاتحاد"».

الأستاذ "أحمد الزير" مدرب كرة سلة في نادي "سلمية"، تحدث عن "هايل عابدين" اللاعب، وقال: «لا أبالغ إن قلت إن "هايل" من اللاعبين البارزين في هذه اللعبة، وكان من أشد اللاعبين اهتماماً، ويبدو أن هذا الاهتمام حمله معه ليتحول إلى مدرب ناجح، وأنا مسرور لما حققه مع أكثر من نادي في "دمشق"، فالأمر في غاية الصعوبة أن تقتحم حصون الأندية الكبيرة والمتفوقة مادياً وفنياً في الألعاب الجماعية، ومنها "كرة السلة"».

الجدير ذكره أن الكابتن "هايل عابدين" من مواليد "سلمية" في العام 1965، شارك في عدة دورات تدريبية بإشراف الاتحاد العربي واتحاد غرب آسيا، والاتحاد السوري، التي أقيمت داخل "سورية"، حقق كمدرب مركز وصيف الدوري السوري أكثر من مرة مع نادي "الثورة الدمشقي" لفئة الناشئات، كما ساهم في عودة سيدات "أشرفية صحنايا" إلى الدرجة الأولى، وسبق ذلك الصعود مع ناديي "سلمية، وبردى" إلى الدرجة الثانية.