تعدّ كنيسة "السيدة العذراء" للروم الأرثوذكس في مدينة "حماة" من أهم الأوابد التاريخية والأثرية؛ وتأتي تلك الأهمية لكونها من أقدم الكنائس التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الخامس الميلادي...

مدونة وطن "eSyria" زارت كنيسة "سيدة الدخول" (الاسم الذي يطلقه عليها أبناء الطائفة للروم الأرثوذكس) الواقعة في حي "المدينة" وذلك بتاريخ 29 آذار 2014، والتقت الآنسة "إليانا حمصي" من أبناء رعيتها وتقول: «تمتلك الكنيسة مكانة روحية لدى أبناء الطائفة فقد أخذت طابع الكاتدرائية (أي كنيسة الأسقف والمطران)، وكانت حتى عهود متأخرة ملاذاً لجميع الطوائف المسيحية، وتقام فيها الشعائر الدينية بأروقتها الثلاثة؛ الجنوبي للكاثوليك والوسط للأرثوذكس، والسريان والموارنة في الجناح الشمالي».

في أواخر القرن الثامن عشر تم تخصيص هذه الكنيسة لطائفة الروم الأرثوذكس، وقد سميت الكنيسة بهذا الاسم من وحي عيد دخول السيدة العذراء إلى الهيكل

وعن تاريخ بنائها تحدث لنا الأب "نكتاريوس" من الكنيسة ويقول: «أساس الكنيسة يعود في الأصل إلى دير "مار مارون" ومجمعه الذي وجدت فيه والعائد إلى أواخر القرن الخامس الميلادي والمؤرخة عام 498م، تهدمت الكنيسة قديماً مراراً كان آخرها في منتصف القرن الثامن عشر، ثم بنيت ووضعت فيها أيقونات لكبار فناني مدارس التصوير الإيقونوغرافي كأيقونة "المسيح" تصوير "يوسف المصور" والعائدة إلى القرن السابع عشر والموجودة حالياً في مزار "السيدة" في حي "المدينة" بـ"حماة"، وكذلك وضعت فيها أدوات فضية كنسيّة حيث لا توجد كنيسة في "سورية" تحوي مثلما تحويه كنيسة "السيدة"، كما يوجد فيها بقايا أيقونسطانس خشبي مذهب يعود إلى ما بين القرنين 12-15م».

الكنيسة من الداخل

ويضيف الأب "نكتاريوس": «في أواخر القرن الثامن عشر تم تخصيص هذه الكنيسة لطائفة الروم الأرثوذكس، وقد سميت الكنيسة بهذا الاسم من وحي عيد دخول السيدة العذراء إلى الهيكل».

وعن أهم أقسام الكنيسة يتابع: «تتألف الكنيسة من عدة أقسام أهمها؛ "صحن الكنيسة" المخصص للمرنمين وللشعب ويصور لنا الفردوس السماوي، و"المائدة" وتحوي كنيسة "سيدة الدخول" على ثلاث موائد مقدسة تمتاز بأيقوناتها الجميلة في أعلى الهيكل وهي "الضوء الإلهي، القيامة، ميلاد المسيح، التجلي الإلهي"، إضافة إلى "المذبح" وفيها مذبحان، المذبح الشمالي وقد نقلت حجارته إلى الجدار الغربي من الجامع الكبير بـ"حماة" بعد أن هدمت الكنيسة، أما حجارة المذبح الجنوبي فبقيت وأعيدت إلى مكانها كما كانت، ويعود تأريخ المذبحين إلى عام 595م بفارق شهرين بينهما فالمذبح الشمالي قبل الجنوبي».

أسد آرامي 1500-1200 ق.م

تهدمت الكنيسة عام 1982 وأعيد بناؤها بين عامي 1992-1993 وعندها تم العثور على لقى أثرية مهمة تحدث عنها الدكتور "جورج نحاس" في كتابه "مكتشفات أثرية جديدة في سورية الوسطى - الثانية"، ويقول: «من أهم هذه اللقى تمثال لأسد آرامي من حجر البازلت فوق عمود (بوضع عادي) يعود تاريخه إلى 1500-1200ق.م تقريباً، ويعتقد أنه من بقايا القصر الآرامي في تل "حماة" (القلعة)، وتم العثور عليه في مدخل الكنيسة بالزاوية الغربية الشمالية (تحت الجرسية) تحت مدخل الشعرية النسائية وبعمق 2.5م تقريباً، إضافة إلى العثور على بقايا فسيفسائية من الزجاج الملون المطبوخ في أرضها وتحديداً في نهاية القسم الشمالي والزاوية الخارجية الشرقية، ووجدت حبيبات الفسيفساء مخربة ومنتشرة في أرض هذه الزاوية وبحدود مسافة 15-20م²، ومن أهم ما عثر عليه أيضاً في الجناح الشمالي للكنيسة وبعمق 1م تقريباً كنز فضي عادي ومذهب مؤلف من 14 قطعة كنسيّة جميعها مشغولة بطريقة الدقَّ وهي من أجمل القطع المسيحية التي ظهرت من حيث الفن والصنعة والمواضيع، ويدهش الناظر إليها من روعة مشاهدها وقوة التعبير فيها وامتلاك الفنان الصانع لمقدرة نادرة بدقتها وبروز شخوصها نفوراً بين 2-3سم عن السطح الخارجي للقطعة، وجميعها تم تسجيلها من قبل مديرية الآثار والمتاحف في مدينة "حماة" وتوثيقها أصولاً في النصف الثاني من عام 2005م».

القطع الفضية وعددها 14