على أهميته التاريخية يبقى "اصطبل عنتر" موقعاً أثرياً مغموراً، يخفى على الكثيرين من أبناء منطقة "سلمية" وريفها، لم يلق الاهتمام المطلوب، فلم يبق له أثر فوق هذه الأرض، ولربما لو قيض لمنطقة هذا الاصطبل أي بعثة تنقيبية لكنا اكتشفنا اصطبل عنتر أكثر، خاصة الأجزاء التي تقع تحت الأرض الآن.

مدونة وطن وبتاريخ 20 تشرين الثاني 2013 التقت الباحث الأثري "أمين قداحة" والذي عرفنا عن "اصطبل عنتر" بقوله: «اسم عربي لخرائب حصن روماني قديم، مع بقايا قرية بسيطة على قمة جبل عالي، يقع للشمال من جبل الحوايس، ويبعد عن قصر ابن وردان حوالي 10 كم باتجاه الشرق، يعود تاريخ بنائه إلى سنة 557 م».

اسم عربي لخرائب حصن روماني قديم، مع بقايا قرية بسيطة على قمة جبل عالي، يقع للشمال من جبل الحوايس، ويبعد عن قصر ابن وردان حوالي 10 كم باتجاه الشرق، يعود تاريخ بنائه إلى سنة 557 م

يغطى هذا الحصن القديم منطقةً بمساحة 75 م ×80 م، وله أربعة أبراج موزعة على زوياه الأربع بالإضافة لبرجين شيدا على جانبي المدخل من الجهة الجنوبية بحسب الباحث "قداحة"، ويضيف: «وهناك برج مربع وحيد في وسط جداره الشرقي، حيث نجد بالقرب من هذا الجدار مبنىً ذا قناطر كان كنيسة مبنية بأحجار ضخمة وهي تتجه إلى الشرق ويبعد جدارها الشرقي عن السور ثلاثة أمتار وشكلها مستطيل بأبعاد11.60 × 16.50 م يسبقها نارثكيس (وهو خلوة أو مقصورة للراهبات) مستطيل بعرض الكنيسة، لها مدخل من الغرب وآخر من الجنوب، وباب صغير خلف قدس الأقداس».

الباحث أمين قداحة

ويضيف "قداحة": «ينقسم "الخورص" (وهو الحرم المخصص للصلاة) ينقسم إلى ثلاثة أقسام تنتهي بخط مستقيم إلى الخارج، وهناك صهريجان للمياه، في وسط الجهة الشمالية ملاصقاً للسور وآخر في الجهة الغربية. وفي وسط الجدار الشمالي كان يوجد بناء قسم إلى قسمين مبلطين بفسيفساء بيضاء. أما النقش الوحيد الذي عثر عليه فهو على عتبة الباب الرئيس حيث وجدت كتابة يونانية مسيحية مؤرخة من سنة 557 في ساكف 3.20 م ×76 سم، يمكن ملاحظة الحرفية العالية والروعة في أسلوب جمع ودمج الأجزاء السفلية من الجدران مع الأساسات».

قيل في إحدى دراسات المستشرقين أن هذا الإصطبل كان حصناً بيزنطياً، وهذا ما يعتقده ويؤكده لنا الأستاذ "حسن القطريب" وهو مدرس متقاعد في مادة اللغة الجغرافية وعضو مؤسس في جمعية "أصدقاء سلمية" و"العاديات" وغيرها من الجمعيات زار الموقع وحدثنا عنه بالقول: «زرت "اصطبل عنتر" في سنة 1985م وأثناء جولتي بالقرب من قرية "الهيمانية" بريف مدينة "سلمية" لإعداد دراسة للمعجم الجغرافي الموجود في المدارس الثانوية حالياً، قد لفت انتباهي وجود شكل الصليب بشكل شعاعي على كل جدار أو عمود تقريباً، حتى على الطريق المؤدي لمكان "اصطبل عنتر" نجد هذا الشكل نفسه، وهذا ما أكد لي أن البيزنطيين قد مروا من هنا».

الباحث حسن القطريب

الطريق التي تصل لهذا الموقع الأثري مبنية وليست طريق ترابية عرضها حوالي 2-3م وعلى جانبيه أساسات لغرف من الحجارة البازلتية، ويتابع "القطريب": «هذه الطريق لم تستعمل ولم تكتمل لأسباب ليست معروفة ويرجح أن سبب ذلك يعود لخروج البيزنطيين من المنطقة بعد سيطرة العرب المسلمين عليها، وهناك بقايا لمعصرة زيتون، وفي وسط البناء إلى الجنوب يوجد باب بازلتي له قوس على شكل نصف دائرة، ومن أحد أعمدته يخرج أصيص كرْم، فيشرف على منطقة سهلية واسعة وهو ما يدل على الاكتفاء الذاتي لدى السكان آنذاك».

ولكن ما هو السبب الذي كان وراء تسمية "اصطبل عنتر" بهذا الاسم، يقول "القطريب": «أعتقد أن التسمية ليست أصيلة للمكان، لكنها بدوية طارئة عليه بعد بنائه وسيطرتهم عليه، ولقيمته الكبيرة فاسم "عنتر" رمز للفروسية والقوة فكان السكان ينسبون المكان لاسم ما دليلاً على اهتماماتهم ومشاغلهم».

ويؤكد "أمين قداحة" ذلك بقوله: «صفة الاصطبل يغلب أن تكون أطلقت عليه من جراء استخدامه اصطبلا للخيول أيام العثمانيين، بينما إلصاق اسم "عنتر" جاء مشابهاً لتسمية قصر "ابن وردان" الذي هو اسم لأحد شيوخ قبائل البدو وليس بانيه الأول».

  • الصورة الرئيسية: هي الصورة الوحيدة المتوفرة لاصطبل عنتر، وهو مخطط منقول عن بعثة أمريكية عام 1905.