هو آبدة تاريخية وأثرية ذات ندرة معمارية وفنية، تميز بالنوعية المادية من جهة والأسلوب المعماري من جهة أخرى، قصر "ابن وردان" أجمل القصور الأثرية في سورية.

يقع القصر على مسافة ستين كيلومتراً شمال شرق مدينة "حماة"، ويرجع تاريخه إلى القرن السادس الميلادي، وتعودُ تسميته الى أحد شيوخ قبائل البادية الذين سكنوه فنسب إليه، وهو ما أكده عالم الآثار "بتلر هوارد" مدير البعثة الأميركية إلى سورية.

زرتُ أماكن تاريخية وأثرية عديدة في سورية، ولكلٍ منها خصائصها التي تميزها وهو ما يتجلى في قصر "ابن وردان"، الذي يأسر زائره بابداعه الهندسي والفني المتقن، فهو أشبه بلوحةٍ تتوج لعهد بيزنطي سلف وتمهيد لعصر عربي وإسلامي

مدونة وطن "eSyria" زارت القصر بتاريخ 24/8/2013 والتقت السيد "أحمد القاضي" أحد زائري المكان، فتحدث عنه بالقول: «زرتُ أماكن تاريخية وأثرية عديدة في سورية، ولكلٍ منها خصائصها التي تميزها وهو ما يتجلى في قصر "ابن وردان"، الذي يأسر زائره بابداعه الهندسي والفني المتقن، فهو أشبه بلوحةٍ تتوج لعهد بيزنطي سلف وتمهيد لعصر عربي وإسلامي».

حجارة القصر من الداخل

وللتعرف أكثر حول القصر التقت المدونة المهندسة "وفاء دواره"، الاختصاصية في علم الآثار، والتي تحدثت بالقول: «يتألف القصر من ثلاثةِ أبنيةٍ، القصر والكنيسة والثكنة، وهي مشيدة من الحجارة البازلتية بأسلوب يسمى "الأبلق"، وهو أقدم مثال عن طراز العمارة السورية، بالإضافة إلى احتواء القصر على بعضِ الحجارة الكلسية حول النوافذ بوجه خاص.

ويعتبر القصر أوسعَ الأبنية الثلاثة وأكبرها، وهو ذو طبقتين يتألف من باحة في الوسط التي تحيط بها الغرف من جهاتها الأربعة، ويقع مدخله الرئيس في الواجهة الجنوبية وتزيد مساحته على \2000\ متر مربع، في حين تختلف الطبقة العليا بتقسيمها عن الطبقة السفلى وتغطي الأخيرة سقوف بعضها بأقبية متقاطعة، كما تنفتح الجدران بنوافذ تعلوها أقواس مدببة الشكل وهو أيضاً من أقدم نماذج العمارة السورية، أما غرف القصر فرصفت أرضها بالحجارة الكلسية، في حين رصفت أرض الغرفتين الغربيتين من القصر بفسيفساء من مكعبات حجرية ملونه».

باحات القصر

"دوارة" أضافت أيضاً، بالقول: «القسم الثاني من القصر هو الكنيسة، التي تقع إلى الغربِ من القصر وهي مستطيلة الشكل ويتوسطها جناحان يعلوهما عتب بازلتي يحمل كتابة يونانية تؤرخ البناء بعام \564\ ميلادية، إلا أن اللافت في رقبة القبة أنها تعرضت للهدم وما زال جزؤها الشمالي قائماً ما يدل على عظمتها وطريقة بنائها، كما أن لهذه الكنيسة طبقة ثانية تضم شرفة تطل على بهو الكنيسة الداخلي.

جدران الكنيسة مزخرفة بالفسيفساء الملونة ذات المكعبات الحجرية والزجاجية وهذه الكنيسة تذكر بكنيسة "فيتال" بإيطاليا التي بناها أيضاً الامبراطور "جوستان" وما تزال فسيفساء جدرانها وأرضها وحنيتها موجودة حتى يومنا هذا.

القصر من غوغل

أما القسم الثالث من القصر فهي "الثكنة"، التي خرب معظمها وطمر تحت التراب عدا أجزائها العلوية، التي يمكن الاستدلال من بقاياها على أنها ذات مسقط شبه مربع وأنها تتكون من باحة واسعة يتوسطها بناء عال ذو طبقتين وتحيط بها غرف وقاعات».

وأضافت "دواره" بالقول: «يتمتع القصر بسر ميزه عبر السنين، يتمثل بالرائحة العطرة التي تنطلق من جدرانه، ما أدى لانتشار عددٍ من الأساطير بين السكان المحليين وزوار القصر منذ مئات السنين، خاصة أن الرائحة التي تصدر عن جدران القصر في مواسم الأمطار، وهو ما فسرهُ الآثاريون بعجن طينه بالأعشاب والورود خاصة الورد الجوري.

وزار الموقع عدد من الرحالة والباحثين والمؤرخين في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين منهم "البارون فون أوبنهايم" و"ستريغوفسكي"، إلا أن الأبحاث الأثرية الجدية قام بها عالم الآثار "بتلر" رئيس البعثة الأثرية الأميركية من جامعة برنستون، التي قامت بأبحاث في سورية بشكل متقطع بين أعوام 1889م و 1909م».