اعتاد الشاب "حسان كبب" من أهالي حي الحاضر على زيارة أقدم دكان للعطارة في "سوق الطويل" عندما يحتاج لأي علاج طبيعي للآلام التي يواجهها، فدكان "عابدين" للعطارة والموجودة في أحد الأسواق التاريخية لهذه المدينة العتيقة مازالت تقدم لزبائنها مستحضرات وأدوية مستخرجة من مصادر طبيعية من البيئة المحلية.

"eSyria" زار دكان "عابدين" والتقى الشاب "حسان كباب" القادم إلى محل "عابدين" للحصول على علاج لمسمار اللحم، والذي قال: «يتميز العاملون في دكان "عابدين" من غيرهم بقدرتهم على تحديد المرض بدقة كبيرة ووصف العشبه المناسبة له.

مهنة العطارة بالأساس تعتمد على الكتب العشبية الطبية وعلى خبرة العطار الواسعة بالأعشاب والتمييز فيما بينها حتى يتمكن من وصف العشبة المناسبة للأمراض التي تعرض عليه، مؤكداً أن هذه المهنة اليوم لا تختلف عن الماضي، فهي ما زالت محافظة على أصولها وحتى على زبائنها

فأنا أتردد إلى "عابدين" بصورة مستمرة في أي مشكلة صحية أتعرض لها، ومنها الرشح، وتشقق القدمين، وحكة القدمين، واليوم أنا قادم للحصول على دواء لمسمار اللحم، حيث وصف لي "عابدين" أعشاب لدهنها على المكان المراد علاجه، مؤكداً أن استخدامه السابق للعلاج الطبيعي فاق في نتائجه وسرعة علاجه جميع الأدوية الكيميائية التي كان يستخدمها».

السيد عبدالله خالد عابدين

السيد "عبد الله خالد عابدين" صاحب "دكان عابدين" تحدث في البداية عن مهنة العطارة والأسس التي تقوم عليها بقوله: «مهنة العطارة بالأساس تعتمد على الكتب العشبية الطبية وعلى خبرة العطار الواسعة بالأعشاب والتمييز فيما بينها حتى يتمكن من وصف العشبة المناسبة للأمراض التي تعرض عليه، مؤكداً أن هذه المهنة اليوم لا تختلف عن الماضي، فهي ما زالت محافظة على أصولها وحتى على زبائنها».

ويعدد "عابدين" بعض الأعشاب الطبية التي يستخدمها وخواصها العلاجية، فيقول: «إن "الزعتر البري" يفيد في التهاب القصبات والسعال، ونبتة "البابونج" المشهورة في منطقتنا تفيد في حالات تشنج الكولون، وتعقم الأمعاء، ونبتة "المليسة" مهدئة للأعصاب، ونبتة "دار فلفل" منشطة للأعصاب ومقوية للجسم.

الشاب حسان كباب

بينما نبتة "الكركديه" التي تشتهر بها السودان فهي من المنشطات التي تمنح الطاقة للجسم، أما "زهرة الألماسة" فتفيد في تنشيط الكلية، ونبتة "الهندي شعيري" تفيد في تخفيض حمض البول، ونبتة "مُر مكي" تفيد في تنقية البشرة من الكلف والزيوان وما شابه، و"الدمسيسة" التي وصفها العالم العربي "ابن البيطار" وصفا دقيقا فإنها تفيد في آلام المعدة المصحوبة بالتقلص، و"الخلة البلدي" ورد وصفها في كتب ابن سينا وابن البيطار وذكر كلاهما أن مرارتها شديدة، ولها فائدة كبيرة في علاج المغص الشديد».

أما فيما يتعلق بالمقارنة ما بين الدواء الطبيعي والكيميائي، فيقول "عابدين": «يردد الناس مقولة (تعالج عند العطار ولا تذهب إلى الطبيب) وهذا إن دل على شيء فإنه يعبر عن الأهمية الواسعة التي تتمتع بها الأدوية الطبيعية على حساب الكيميائية، موضحاً أن الأعشاب لها فائدة في الشفاء بنسبة 80% لأي مرض.

صورة للمتجر

فالفرق بين الطب القديم والطب الحديث هو أن الأطباء استخلصوا المادة الفعالة من مواد الطبيعة، وصنّعوها على شكل حبوب أو مراهم أو سوائل، وغاب عن ذهنهم بأن المادة الفعالة لا تكفي وحدها؛ لأن الله- سبحانه وتعالى- خلق الكون بتكامل دقيق».

ويضيف "عابدين": «على الرغم من الأهمية التي تتمتع بها مهنة العطارة بين الناس، إلا أن الناس إلى اليوم يوجد لديهم خوف من التداوي بالاعشاب، وذلك نتيجة لامتهان عدد كبير من الناس لمهنة التداوي بالأعشاب دون أي خبرة أو شهادة علمية تتيح لهم العمل في هذا المجال بهدف الربح الباهظ، الأمر الذي أدى إلى تقديم وصفات وأعشاب لا تتناسب مع طبيعة المرض الذي يشكوا منه المريض معتمدين في ذلك على مقولة: إن (ما لا ينفع لا يضر)».

ويؤكد "عابدين" أنهم لا يقومون بتصنيع الأدوية ولا الخلطات العلاجية، حيث يقتصر عملهم على تقديم العشبة للمريض وتعليمه كيفية استخدامها، والسبب في ذلك ليس الخوف من الوقوع في الخطأ وإنما عدم رغبته بالتعامل مع الدواء كسلعة مادية تهدف للربح فقط، فمهنة العطار هي مهنة إنسانية وليس مادية، وبرأيه فإن هذا هو سبب الشهرة الواسعة التي كسبها دكان "عابدين" للعطارة منذ القدم وحتى الآن.

الجدير بالذكر أن للطب رأي طبي في موضوع العلاج بالأعشاب، حيث تقول الدكتورة الصيدلانية "رشا حماده": «يجب استعمال العلاج بالخلطة العشبية كمكمل وداعم للعلاج الدوائي، وذلك بعد تشخيص المرض من الطبيب المختص، ويجب أيضا معرفة الطبيب الذي يشرف على العلاج بأن المريض يتداوى بأي خلطة عشبية؛ وذلك بسبب أن بعض الأعشاب قد تتداخل بتأثيراتها الجانبية مع بعض الأدوية، لذا انصح من يتداوى بالأعشاب أن يستشير أي طبيب مختص بما يتناوله من خلطات عشبية».

يذكر أن أول محل لعابدين نشأ في عام /1895/، بإدارة "عبده عابدين" وهو المؤسس الأول لمهنة العطارة في حماة.