قرية سهلية في حضن سهل "الغاب"، جعل العاصي والأرض الحمراء الخصبة منها لوحة شطرنج متنوعة الألوان، ليترك الغطاء النباتي آثاره على كل شيء.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 12 أيلول 2017، التقت "غسان عيسى" المرشد الاجتماعي في المدرسة الابتدائية في قرية "تل التتن"، ليحدثنا عن نشأتها قائلاً: «نشأت قرية "تل التتن" فعلياً بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي بعد ثورة الثامن من آذار، واستحدثت بعد صدور المرسوم التشريعي ذي الرقم 88، الذي صدر بتاريخ 23 آذار عام 1963، حيث وزعت الأراضي بموجبه على الفلاحين، بعد أن كانت الأراضي الزراعية منذ العهد العثماني وحتى عهد الانتداب الفرنسي في أيدي فئة قليلة من شيوخ العشائر وكبار الملاك والمتنفذين، وحصل معظم الفلاحين على أراض زراعية ضمن "سهل الغاب" بعد استصلاحه. وقد انتقل عدد من سكان القرى الجبلية كقريتي "بلونة" و"الحارة القبلية" التابعتين لناحية "عين الكروم" للإقامة قرب أراضيهم في "تل التتن"، وكان من أوائل من سكنوا ضمن القرية "مرشد فاعور" و"إبراهيم أسعد" و"نايف شعبان" و"ديب علي"، ثم توافد باقي السكان، لكن بقيت الأعداد قليلة نسبياً نظراً لبقاء بعض مالكي الأراضي في قراهم».

يقطن فيها حالياً نحو 300 شخص، ومعظم سكانها الأصليين سكنوا في مناطق مختلفة في "سهل الغاب" أو في محافظات أخرى نظراً لأن أغلبهم إما التحقوا بالجيش أو يسعون للإقامة في مناطق قريبة من أماكن عملهم، ولاتزال "الضيعة" محافظة على عاداتها وتقاليدها في الأفراح والأتراح كنوع من أنواع الألفة والمحبة والتعاون بين الأهالي

وتابع القول عن أصل التسمية: «أما التسمية التاريخية للقرية، فقد جاءت نتيجة وجود القرية على تل كان يتم إخفاء مادة "التتن" (التبغ) فيه للقيام بتهريبه من الساحل السوري إلى مناطق مختلفة أخرى، فالقرية كانت مرتفعة نسبياً تجاه مستوى مستنقع "الغاب" سابقاً، وقد تمكن المهربون من إخفاء موادهم وأسلحتهم فيه مدة طويلة، وبعد أن تم تجفيف الغاب واستصلاحه أصبح مؤهلاً للسكن، خصوصاً بعد أن تم توجيه المياه الفائضة ضمن قنوات محددة لمنع حدوث فيضانات. ويمر نهر العاصي في القرية بشكل متعرج ويحتوي مياه راكدة، وقد جف تقريباً نتيجة موجات الحر الشديدة، وتتعرض القرية لرياح قوية تستمر مـن أوائل حزيران حتى أواخر آب، كما تمتاز بالهواء النقي والسهول الخضراء الممتدة على طول النظر».

زراعة الشوندر السكري

أما عن الأعمال في القرية، فقال: «اعتمد السكان في عملهم على الزراعة، حيث تتم زراعة القطن والقمح والشعير والشوندر السكري وعباد الشمس والبطاطا وغيرها، وتسمح التربة الخصبة بزراعة كافة المواسم الصيفية والشتوية، وتتم زراعة أشجار التين والعنب والجوز والرمان والتوت قرب البيوت. وقد تضاءلت المساحة المزروعة حالياً بسبب عدم توافر المياه للسقاية نتيجة موجات الجفاف القوية، وخروج عدد من السدود من الخدمة بسبب الأحداث. كما يقوم الأهالي بتربية الدواجن والمواشي وصناعة الأجبان والألبان وتجفيف الملوخية والبامياء والباذنجان وصناعة رب البندورة ودق الحنطة، وكان بعض الأهالي يعملون سابقاً في المهن اليدوية، كصناعة الأطباق من القش الطبيعي والصناعي، وتدوير الحصر المستهلكة وتحويلها إلى أطباق».

أما عن الحدود الإدارية للقرية، فقال: «لا تزال ملكية الأراضي على الشيوع حتى اليوم كما حال معظم مناطق "سهل الغاب"، ويحد القرية من الشمال قرية "السعادة"، وهي قرية مستحدثة، حيث تم دمج قرية "تل الغار" وقرية "تل صياح" بجهود الشيخ "حسين أسعد" لتصبح قرية واحدة، أما الناحية الشرقية، فتلامس الحدود الإدارية لمدينة "السقيلبية"، ومن الناحية الجنوبية "حورات عمورين"، ومن الجانب الغربي "السكر" و"تل كمبتري"».

طرائق الري من نهر العاصي

أما عن القاطنين فيها وأوضاعهم الاجتماعية، فقال: «يقطن فيها حالياً نحو 300 شخص، ومعظم سكانها الأصليين سكنوا في مناطق مختلفة في "سهل الغاب" أو في محافظات أخرى نظراً لأن أغلبهم إما التحقوا بالجيش أو يسعون للإقامة في مناطق قريبة من أماكن عملهم، ولاتزال "الضيعة" محافظة على عاداتها وتقاليدها في الأفراح والأتراح كنوع من أنواع الألفة والمحبة والتعاون بين الأهالي».

"محمد فاعور" من سكان القرية، حدثنا عن الخدمات فيها، فقال: «تحتوي القرية مدرسة واحدة للتعليم الأساسي من الصف الأول وحتى التاسع، وتحتوي 100 طالب تقريباً، أما طلاب المرحلة الثانوية، فينتقلون للدراسة في مدارس "حورات عمورين" أو"السقيلبية"، ولا توجد فيها وحدة إرشادية زراعية خاصة بها، وإنما تتبع لقرية "عبر بيت سيف"، وتم إنشاء مسمكة طبيعية في نهر العاصي للسكان، بوضع بيوض الأسماك في نهر العاصي، لكن تم ردمها بعد موسم الجفاف الحاد».

صورة القرية على الخريطة

الجدير بالذكر، أن قرية "تل التتن" تتبع لناحية "عين الكروم" التابعة لمحافظة "حماة"، وكان عالم الآثار السوري المهندس "ملاتيو سجغنون" المختص بعلم قراءة النقوش الكتابية القديمة "الأبيغرافيا" قد عرج شخصياً على قراءة النقوش في "تل التتن" لاحتوائها فسيفساء كنائسية بالسريانية واليونانية.