وسط مدينة حماه، وتحديداً في الجهة الشرقية من مركز المدينة وسط منطقة سياحية عابقة بالتراث، يقع قصر عابق برائحة الماضي، هو قصر "محمد باشا الأرناؤوط".

يقع هذا القصرعلى ضفاف نهر العاصي بالقرب من جسر "شفيق العبيسي" في مركز المدينة، ويحده من الشمال منطقة الحاضر الكبير، في حين ييحده من الجنوب ساعة حماة، وقلعة حماة غرباً، أما من الشرق فيحده حي القصور.

محمد باشا أرناؤوط هو والي عثماني وُلي مدينة طرابلس اللبنانية ثلاث مرات قبل توليه مدينة حماه

مدونة وطنesyria زارت "قصر الأرناؤوط" بتاريخ 5/5/2013 والتقت الآنسة "تهاني بيطار" من أهالي حي الحميدية فقالت: «في الحقيقة اعتدت زيارة القصر كل سنة مرة على الأقل خصوصاً عندما يأتي لزيارتي أصدقائي من خارج مدينة حماة، وكما وجدت من انطباعات الجميع فإنهم كانوا ممتنين لهذه الزيارة فما وجدوه كان أكثر مما حكي لهم خاصة بما يخص هذه القاعة».

لقطة من داخل القصر

وللتعرف أكثر على تاريخ القصر، مدونة وطن "esyria" التقت بالسيد ياسين الأحمد أحد المهتمين بدراسة تاريخ الأماكن التاريخية لمدينة حماة، والذي تحدث عن القصر بقوله: «يعد قصر الأرناؤوط من المعالم التاريخية والأثرية الهامة في حماة، بني على يد محمد باشا أرناؤوط الذي كان والياً لحماة في تلك الفترة، وتم البناء على مرحلتين، الأولى في عهد محمد باشا أرناؤوط عام 1620 ميلادية حيث بني الطابق الأرضي بمساحة 4466 مترا مربعاً، أما الثانية فتم فيها بناءُ الطابق الأول عام 1920 بمساحة 3991 متراً مربعاً والسطح بمساحة 855 متراً مربعاً، واستخدم القصر في عهد الدولة العثمانية كسجلٍ مدني لتسجيل قيود المواطنين».

وتابع«محمد باشا أرناؤوط هو والي عثماني وُلي مدينة طرابلس اللبنانية ثلاث مرات قبل توليه مدينة حماه» على حد قول الأحد الذي أكد أيضاً أنه «كان مولعاً ببناءِ القصور كثيراً، حيث شيد عدد من القصور كان من أشهرها قصر الأرناؤوط في حماة، كما أنه بنى مسجداً وسط حماه أطلق عليه اسم جامع المدفن إذ دُفن فيه ودون عليه تاريخ وفاته.

مجرى نهر العاصي بالقرب من القصر

بعد وفاة الوالي محمد باشا الأرناؤوط، حوّل القصر من مكان سكن للوالي الأرناؤوط إلى دار للحكومة، وبعدها إلى مقرّ للسجل المدني إبان الإحتلال الفرنسي، ومن ثم تحوّل بعد ذلك إلى سجن حماه المركزي، وكانت إسطبلاته مقرا لآليات ورحبة الشرطة في خمسينات وستينات القرن الماضي، كما كان يوجد في طابقه العلوي بعض مكاتب الشرطة، ومنها لجنة المرور وشهادات السواقة قبل أن يُهجَر ويهمل، ليغدو في وضع بائس يرثى له».

على الصعيد المعماري، يقول الأحمد: « تبلغ مساحة قصر الأرناؤوط نحو 4000 متر مربع، ويضم نحو 50 غرفة في طابقين، ويؤكد كثرة من الباحثين والمعماريين أن قصر الأرناؤوط يقدم صورة نموذجية لأبنية مدينة حماه العريقة في العصر العثماني، من حيث تصميمها الهندسي الفريد وأبنية الحجر المحلية، التي هي عملية بسيطة ذات أبعاد متناسبة مع ميل للزخرفة وشعور بتناسق البنيان، كذلك فإن هدوء المنظر الطبيعي والحدائق والأقنية الحجرية ميزات تعطي جمالاً ريفياً آسراً لقصر الأرناؤوط».

مكان القصر من غوغل

وأضاف الأحمد: « ظل القصر مهجورا منذ أكثر من عشرين عاما، وخلال الأشهر الأخيرة قرر مجلس مدينة حماه، الذي هو الجهة المالكة لهذا المبنى التاريخي وبالتعاون مع وزارة السياحة السورية عرض القصر في سوق الاستثمار السياحي ليجري توظيفه سياحيا كفندق ومطعم تراثي، حيث سيجري توظيف الطابق العلوي كفندق من فئة ثلاثة نجوم، وسيضم بعد الانتهاء من ترميمه وافتتاحه ناديا صحيا ورياضيا وصالة حفلات وغاليري (صالة عرض) فنية وقاعة اجتماعات وغيرها، كما سيوظف التراس (الشرفة) فوق الطابق العلوي كمطعم صيفي، وهناك مطعم ثان، وسيتسع المطعمان لنحو 350 كرسيا، أما الطابق الأرضي فسيوظف كقاعات ومحلات عرض تحف شرقية».