بعد قرون على بنائه، تجاوز "حمام الأسعدية" وظيفته التي بني لأجلها، فأصبح مكاناً يزوره الناس بعقلية السائح حتى ولو كانوا من أبناء المحافظة نفسها، خاصة أنه بقي محافظاً على طرازه المعماري الأصيل وأدواته القديمة.

أما لماذا سمّي الحمّام الواقع في سوق "المنصورية" الأثري أو ما يعرف بسوق "الطويل" حالياً باسم "حمام الأسعدية" فذلك يعود إلى بانيه "أسعد باشا العظم" في الفترة 1153هـ-1740م وهي الفترة ذاتها التي بنى فيها "أسعد باشا" قصر العظم التوءم لقصر العظم الدمشقي الشهير.

يوجد عدة أقسام في حمام "الأسعدية" فهناك البراني والوسطاني الأول والوسطاني الثاني ومن ثم الجواني، ويعد وجود قسمين وسطاني في الحمام هو ميزة في هذا الحمام

مدونة وطن eSyria زارت "حمام الأسعدية" بتاريخ 14/7/2009 والتقت أحد زبائن الحمـّام وهو الأستاذ "غسان العبسي" مدرس لغة عربية الذي قال لنا وهو يهم بالقيام بالاستحمام: «الحمامات في سورية لها هيكل وتصميم واحد تقريباً، والوضع في هذه الأيام مختلف في أن القادمين إلى الحمام لا يكون قصدهم الاستحمام بالدرجة الأولى بل هو سيران، ومن الأكلات المعروفة في الحمام "المجدّرة مع اللفت" وكذلك فتّة الحمّص».

باب الحمام

ويضيف "عاصم الشامي": «كان هناك بعض "التفريك"، أحد مراحل الاستحمام، والمطاعم التي تزود الحمام بالوجبات منها مطعم "البابا" ومطعم "الشمطية"، كذلك كانت تحلو للزبائن "السيّالة" في الشتاء».

والتقينا السيد "عاصم الشامي" الذي ورث استثمار هذا الحمام هو وإخوته من والده "ممدوح"، ويصف السيد "عاصم" الحمام: «يوجد عدة أقسام في حمام "الأسعدية" فهناك البراني والوسطاني الأول والوسطاني الثاني ومن ثم الجواني، ويعد وجود قسمين وسطاني في الحمام هو ميزة في هذا الحمام».

السيد عاصم الشامي

وعن الفائدة من وجود وسطاني أول وثانٍ في الحمّام يقول: «يعد الوسطاني الأول جزءاً متمماً للبراني عندما يزدحم الحمام في فصل الشتاء حيث يقوم الزبائن بتبديل ثيابهم في البراني أو الوسطاني الأول ويضعون أماناتهم في درج مخصص لكل زبون ويعطى مفتاحه، كما يعطى "درزة" وهي عبارة عن منشفة لتبدأ عملية الاستحمام بالدخول إلى غرفة البخار، ويكون أمام الزبون عدة خيارات في التكييس والتفريك والمسّاج، بعدها يصبح الزبون حرّاً في الوقت الذي يريد قضاءه داخل الحمام، وعندما يخرج إلى الوسطاني فإننا نعطيه مناشف، ويعود لتبديلهم مرة أخرى في البراني، وعندها يخرج المستحم إلى البراني بعد أن ينهي حمّامه، فإننا نقدم له كأساً من الشاي أو مشروباً بارداً حسب رغبته، ومنهم من يفضل تناول النرجيلة، أما في الأعراس، فإننا نحجز الحمّام للعريس، فنجهزه كما يرغب أن يكون».

ولا يوجد في الحمام حالياً قسم خاص بالنساء، وإن كان هذا القسم موجوداً حتى فترة سابقة.

التفريك أحد مراحل الاستحمام

ويقول السيد "مازن الشامي" أحد العاملين في حمّام "الأسعدية": «كان باب الحمّام لا يغلق سوى في أول أيام العيد، ويبقى العمل متواصلاً على مدى /24/ ساعة، كانت فترة النساء بين الساعة الثانية عشرة ظهراً حتى الساعة السادسة مساءً، ويوجد لدينا مناشف حريرية أصلية مشغولة على النول اليدوي يعود عمرها إلى 70-80 عاماً، ولا تستخدم على الإطلاق بل تظل مجرد منظر للزبون لذلك فهي قليلة الاهتراء».

وكانت شركة الإنشاءات العسكرية قد قامت بترميم الحمام سنة /1983/، حيث كان يوجد رسم مصور لقصر "يلدز" في "اسطنبول" على الجدار الجنوبي في البراني، وقد أزيلت هذه اللوحة منذ عدة سنوات عندما رمم الجدار الذي يحملها.

أما على الجدارين الآخرين فتوجد لوحتان كبيرتان بمقاس /2.5×2/ متر تقريباً، إحداهما لجسر "الغزالة" القديم في منطقة "ساحة العاصي" من رسم الفنان "فؤاد المصري" وهي موجودة على الحائط الشمالي.

أما اللوحة الثانية على الجدار الشرقي فيظهر فيها الهيكل الخارجي لحي "الطوافرة" مع جزء من "بيمارستان النوري"، وصور لنساء يقمن بتعبئة الجرار من مياه العاصي.

ومن الألعاب المعروفة في الحمّام لعبة "استطعم"، حيث يدير أحد الأشخاص ظهره إلى باقي المستحمين ويضع يده خلف ظهره، وعليه أن يحزر من ضربه عليها.

ويعد حمّام "الأسعدية" ثاني حمام حموي من حيث المساحة بعد حمام "الدرويشية" الذي يحتاج اليوم إلى الكثير من العناية والترميم للحفاظ عليه.

  • تم إنجاز هذه المادة عام 2009.