استطاعت "أروى مبيض" أن تحجز لها مكاناً أمام دائرة النفوس بمنطقة "مصياف"؛ إذ امتهنت مهنة تعقيب المعاملات الحكومية لرغبتها بالعمل الدائم، وإعالة أسرتها؛ فكرمت من قبل الاتحاد النسائي.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 18 آذار 2016، معقّبة المعاملات "مبيض" أمام دائرة النفوس في المكان الذي تمارس فيه عملها اليومي من الساعة السابعة صباحاً حتى الساعة الثالثة ظهراً، فحدثتنا قائلة: «دوري في الحياة لا يقتصر فقط على رعاية أطفالي، فهناك العديد من الأمهات العاملات اللواتي استطعن التوفيق بين عملهن وتربية أطفالهن، فقد أردت أن أكون أمّاً منتجة لأعيل أفراد أسرتي، حيث كانت رغبتي القيام بعمل دائم وشريف، وقادتني المصادفة إلى التدرب بمكتب خاص للمعاملات الحكومية لمدة سنة، وبعد أن أتقنت المهنة فكرت بالعمل وحدي لأنني أردت العمل وكسب رزقي بالحلال.

أمرّ يومياً من هذا الطريق أكثر من مرة، ولفت انتباهي وجود "أروى" الدائم في هذا المكان، حيث أعجبني إصرارها على خلق فرصة عمل نبيلة بإمكانيات بسيطة جداً، وفضولي دفعني إلى أن أشتري منها، فوجدت أنها تمتلك الخبرة وتتقن عملها، فهي تطرح عليك جميع الأسئلة التي تساعدك على شراء الأوراق المطلوبة فقط، إضافة إلى أنها إنسانة ترضى بالربح القليل

وعلى الرغم من أنني لا أملك الإمكانيات المادية التي تساعدني على استئجار محل، إلا أنني استطعت تحقيق حلمي بإمكانيات بسيطة، حيث حملت كرسياً صغيراً وطاولة صغيرة ووضعتهما أمام دائرة النفوس بمنطقة "مصياف" وبدأت بيع الأوراق الحكومية بدءاً من صك زواج إلى الطوابع البريدية. بداية تعرضت لمضايقات من قبل العاملين بهذا المجال؛ فطبيعة عملي هي حكراً على الرجال، إلا أنني صبرت وتحملت طقس "مصياف" البارد شتاءً، وأذكر أنه حين كان ينزل المطر كنت أذهب إلى أحد المحال القريبة وأحمل الأوراق وأختبئ تحت سقفه، فكان صاحبه يرمي الكرسي الخاص بي بعيداً لمضايقتي، إلى أن رأته ابنته مرة وأقنعته أن يدعني وشأني، ومن حينها وهو يشتري مني كل ما يحتاج إليه من أوراق حكومية، كما يطرح علي العديد من الأسئلة المتعلقة بالعمل لخبرتي وإتقاني له. وهذه المهنة تحتاج إلى صبر ونباهة، وعلى الرغم من قساوة الظروف المحيطة بعملي، إلا أنني سعيدة به، وأسرتي فخورة بي»

أروى مبيض أثناء أدائها لعملها

التقينا "أمل عيد" حين توقفت للشراء من "أروى مبيض"، حيث أعطتنا رأيها بعمل الأخيرة قائلة: «أمرّ يومياً من هذا الطريق أكثر من مرة، ولفت انتباهي وجود "أروى" الدائم في هذا المكان، حيث أعجبني إصرارها على خلق فرصة عمل نبيلة بإمكانيات بسيطة جداً، وفضولي دفعني إلى أن أشتري منها، فوجدت أنها تمتلك الخبرة وتتقن عملها، فهي تطرح عليك جميع الأسئلة التي تساعدك على شراء الأوراق المطلوبة فقط، إضافة إلى أنها إنسانة ترضى بالربح القليل».

مختار منطقة "مصياف" "إياس الملوحي"، حدثنا عن عمل "مبيض" قائلاّ: «لا شك أنها امرأة مكافحة ومثال حي لكل امرأة تريد أن تعيش بشرف؛ فإضافة إلى عملها هذا فإنها تقوم بالعمل في مواسم قطاف الزيتون أو قطاف التين لتزيد من دخلها. عانت من تقبّل الآخرين لعملها، لكن الإرادة الصلبة التي تمتلكها، والصبر الذي تتحلى به، ورغبتها القوية بإعانة أسرتها؛ من الأسباب التي جعلتها تصمد أمام جميع المعوقات التي اعترضتها، فنجحت بالمحافظة على أسرتها، وساندت أفرادها لمتابعة تحصيلهم العلمي».

مختار منطقة مصياف إياس الملوحي

يذكر أن "مبيض" من مواليد "الشيخ بدر" 1968، أم لستّ بنات وصبي، وكرّمت من قبل الاتحاد النسائي بمنطقة "مصياف".