280 عاماً لم تمحُ إرث أجدادهم الذي حافظوا عليه جيلاً بعد جيل، في مضافة تحتوي ذكرياتهم مفتوحةً للصادي والغادي، ومزرعة يربون فيها الخيول، هيؤوا لها السبل لتكون حاضرةً للفوز في السباقات، وعلى مدى قرون.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 6 آذار 2020 "فوزان البرازي" ليحدثنا عن مضافتهم قائلاً: «كانت تسمى "القناق" وهي كلمة تركية وتعني المضافة عمرها من عمر أجدادي منذ أكثر من 280 عاماً، حيث كان جدي "محمود آغا البرازي" رئيساً للبلدية عام 1919 في "حماة" واستضاف الملك "فيصل" أثناء زيارته لجميع المدن السورية، وحضر وجهاء من "سورية" مثل "سلطان باشا الأطرش" ومن "آل المهاين" و"علي بيك العظم" و"خالد طيفور" وعدد كبير من الوجهاء وكان عدد المضافات أكثر من 25 مضافة، ومع تطور الحالة الاجتماعية وبعد وفاة الأجداد الأوائل تناقصت في أول الخمسينيات لـ15 مضافة وعندما جاء التنظيم لمدينة "حماة" عام 1983 جعلني أنقل المضافة إلى مكانها الحالي في حي "الشريعة"، وهي عبارة عن غرفتين أساسيتين الأولى غرفة مجالس يومية فيها مقاعد إسمنتية يكسوها سجاد قديم يدوي ومساند من القش وفيها منقل نحاسي متوضع على قاعدة خشبية مع دلال القهوة، والغرفة الثانية فيها جلسة عربية وتحتوي على منقل ومجموعة دلال قهوة ومدفأة حطب ومهباج وصمد قديم للفلاحة، ولجام ومعنقة وسلب من الصوف للخيل ومنفاخ للفحم ومجموعة تحف تراثية قديمة، ودرجت العادة على فتح المضافة من صلاة المغرب، وحتى الواحدة ليلاً، يؤمها الأقارب والأصدقاء والجوار وشخصيات من أعلام "حماة"».

كمعظم العائلات في "حماة" امتهنا تربية الخيول وما زلنا نحافظ على سلالتها المتنوعة مثل "العبية الشراكية"، "الكحيلة الكروش"، "الكحيلة أم عرقوب"، "الصقلاوية"، "المعانقية السبيلة"، "الكحيلة الدعجانية"، وكثير من السلالات للحفاظ على إرث الأجداد وقد هيأنا لها مزرعة وزودناها بإسطبل مناسب للحفاظ على سلالاتها ونظافتها وتقديم الطعام لها والاهتمام بولادتها مع سائس الخيول، والمضمّر لترويضها وتهيئتها للمشاركة بالعروض والسباقات التي تقام في "حماة"، "تدمر"، " اللاذقية"، "حمص"، و"دمشق"، وقد حافظت على الفوز بالمرتبة الأولى، ومنها الحصان "الصقلاوي الأمير" الحائز على جائزة بـ"حماة" عام 2006 وفرس "المعانقية السبيلة" المشهورة باسم "تيما بوي" ابنة "غود بوي" الحائزة على جائزة "أوغاريت" في أيلول عام 2000 وفرس "اللبوة" الفائزة بمهرجان الربيع بـ"حماة" عام 2006 والمراتب الأولى منذ عام 1985 وحتى الآن

ويحدثنا "سحبان البرازي" عن تربية الخيول قائلاً: «كمعظم العائلات في "حماة" امتهنا تربية الخيول وما زلنا نحافظ على سلالتها المتنوعة مثل "العبية الشراكية"، "الكحيلة الكروش"، "الكحيلة أم عرقوب"، "الصقلاوية"، "المعانقية السبيلة"، "الكحيلة الدعجانية"، وكثير من السلالات للحفاظ على إرث الأجداد وقد هيأنا لها مزرعة وزودناها بإسطبل مناسب للحفاظ على سلالاتها ونظافتها وتقديم الطعام لها والاهتمام بولادتها مع سائس الخيول، والمضمّر لترويضها وتهيئتها للمشاركة بالعروض والسباقات التي تقام في "حماة"، "تدمر"، " اللاذقية"، "حمص"، و"دمشق"، وقد حافظت على الفوز بالمرتبة الأولى، ومنها الحصان "الصقلاوي الأمير" الحائز على جائزة بـ"حماة" عام 2006 وفرس "المعانقية السبيلة" المشهورة باسم "تيما بوي" ابنة "غود بوي" الحائزة على جائزة "أوغاريت" في أيلول عام 2000 وفرس "اللبوة" الفائزة بمهرجان الربيع بـ"حماة" عام 2006 والمراتب الأولى منذ عام 1985 وحتى الآن».

ذكرى من تاريخ المضافة

ويتابع "سحبان" عن عشقه للخيل قائلاً: «لقد ولدت بأحضان الخيول وترعرعت معها لأن الخيول العربية تعلم الشهامة والرجولة والنخوة والحكمة وأربي أولادي كما تربيت على عشق الخيل.

يحتاج الفرس الواحد لأكثر من خمسين ألف ليرة سورية شهرياً في المزرعة، أما تدريبه للسباق فيكلف مئة وخمسين ألفاً شهرياً وأكثر، وتبدأ مرحلة تهيئة الخيول للسباق بتطبيع المهرة بعمر سنتين لمدة شهر وبعدها استراحة شهر وترجع لتبدأ بالمسارات أي المشي يومياً لمدة شهر والمرحلة بعدها شهرين بالخبوب وهذا يكون في المزرعة وبعد أربعة شهور تنزل المضمار وتتمرن مع خيول السباق لمدة شهرين أيضاً، وبعد ما مجموعه ستة أشهر من التمرين يقرر المدرب أن تشارك بالسباق أو يمدد لها فترة التدريب وقد نالت الجوائز التي يقدمها النادي بـ"حماة" أو أحد المتبرعين وبعض الجوائز تكون من المربين أو دعاية لشركات وهي جوائز صغيرة لا تساوي مصروف الرأس الواحد والاتحاد الرياضي لا يهتم بسباقات السرعة، بل بالخيول التي تقفز الحواجز فقط لأنها لعبة أولمبية».

فوزان البرازي في مضافته

ويحدثنا مساعد المهندس "مفاز كوجان" عن المضافة قائلاً: «أرتاد المضافة منذ 31 عاماً، خمسة عشر منها بشكل يومي، وما شجعني على هذا الاستمرار أولاً صاحب المضافة "فوزان" الكريم واستقباله الجميع بوجه بشوش ومعرفته في أصول المضافات فمثلاً لا يجلس بصدر المضافة وتبدأ الضيافة من اليمين إلا إذا زار المضافة شخصية اعتبارية ما لأول مرة فتكون بداية الضيافة من عنده، وثانياً تجمع عدة شرائح اجتماعية حموية تساهم بتعميق الثقافة الاجتماعية، واحترام آدب الحديث والاستماع للمتحدث مهما كان شأنه، وتعزيز الألفة والمحبة بين الجميع، حيث تجمع الشاب بعمر العشرين مع المسن ذي الخمسة وتسعين عاماً والأحاديث تدور على كافة الأصعدة، ويرتاد المضافة الزوار على ثلاث فترات من الساعة السادسة والنصف وحتى الثامنة مساء وعددهم قليل، ومن الساعة الثامنة والنصف وحتى العاشرة ليلاً وعددهم يتراوح بين الخمسة عشر وحتى العشرين، ومن الساعة العاشرة وحتى الواحدة ليلاً ويبلغ عددهم حوالي الأربعين زائراً ومع ذلك تجد "فوزان البرازي" يستقبل الجميع بمحبة واحترام من بداية الاستقبال وحتى آخر الوقت مراعياً مستوى ثقافة الجميع وكأنه أب لهم، إن التواصل الاجتماعي في المضافة أرقى من التواصل الاجتماعي الحديث وعامل مهم في شد أواصر المحبة».

مفاز كوجان من رواد المضافة