تعدّ أكلة "الشلق" من المأكولات التراثية الشتوية التي تميز أهالي مدينة "حماة" في طريقة إعدادها وتحضيرها، وقديماً كانت رقائقها تستخدم لصناعة حلوى "البقلاوة" الذائعة الصيت.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 آذار 2016، "مرعي الإدلبي"؛ الذي يعمل منذ ثلاثين عاماً في مهنة صناعة الحلويات الشرقية؛ حيث تحدث عن تاريخ صناعة "الشلق" وسبب التسمية بالقول: «هي نوع من الحلويات الشعبية، وتعد من الأكلات الحموية المشهورة والقديمة في آن معاً، حيث يحلو تناولها في السهرات الشتائية الباردة لما تحتويه من سعرات حرارية عالية، وهي كلمة "تركية" المنشأ وتعني الشيء الرقيق، وهناك قصة متداولة يرويها صانعو الحلويات عن تاريخ هذه الأكلة تحديداً؛ وهي أن أحد السلاطين العثمانيين كان قد طلب في أحد الأيام من جاريته التي تدعى "بقلاوات" أن تقدم له حلوى لذيذة تختلف في مذاقها عن أي طبق قدم له يوماً، فابتكرت الجارية رقائق "الشلق"، وأضافت إلى حشوتها الجوز والفستق الحلبي، وسكبت فوقها القطر، وقدمتها إلى السلطان الذي أعجبته كثيراً، وأطلق على تلك الأكلة "بقلاوة" تيمناً بجاريته، وقد توارث الحمويون طريقة إعداد هذه الأكلة التي تختلف في مذاقها وطريقة تحضيرها عن حلوى "البقلاوة" التي يعرفها الجميع، وأصبحت بالنسبة لهم الحاضرة دوماً في ليالي فصل الشتاء البارد، وهي تقدم للضيف العزيز تعبيراً عن الاحتفاء به».

تختلف طريقة إعداد رقائق "الشلق" عن سواها من الحلويات الشرقية مثل: "القطايف، والكنافة"، فنحن لا نضيف إلى الطحين مادة الخميرة، وما يميز طريقة تحضيرها هو سكب العجين على الصاج النحاسي ومده براحة اليد، والإحساس بنعومة ملمسه، وكما يقال في التعبير الحموي "أن (تخاوي) العجينة بعضها بعضاً"

وفيما يتعلق بطريقة التحضير، يضيف: «تختلف طريقة إعداد رقائق "الشلق" عن سواها من الحلويات الشرقية مثل: "القطايف، والكنافة"، فنحن لا نضيف إلى الطحين مادة الخميرة، وما يميز طريقة تحضيرها هو سكب العجين على الصاج النحاسي ومده براحة اليد، والإحساس بنعومة ملمسه، وكما يقال في التعبير الحموي "أن (تخاوي) العجينة بعضها بعضاً"».

الشلق

وطريقة إعداد أكلة "الشلق" سهلة وبسيطة كما وصفتها ربة المنزل "هيفاء الجاجة"؛ فهي لا تحتاج إلى مكونات إضافية كثيرة، وتتابع: «نقوم بمد رقائق "الشلق" بعضها فوق بعض، ونضع المكسرات بين تلك الرقائق، وتختلف هذه المكسرات حسب الأذواق؛ فمنهم من يضع الجوز والقرفة فقط، وهي المعروفة أكثر لدى أهالي مدينة "حماة"، حيث نقوم بتقطيعها وسكب مادة القطر المضاف إليها السمن العربي، ونضعها قليلاً في الفرن حتى تنضج لكي تقدم بعدها ساخنة. وهناك طريقة جديدة مبتدعة أيضاً في إعدادها، وذلك بلف الرقائق بعد حشوها بالجوز والقرفة وإضافة مادة القطر إليها».

غنى هذه الأكلة بالمكسرات والسعرات الحرارية التي تمنحها للجسم تحدث عنها الصيدلاني "حسان سوتل" بالقول: «لا شك أن الجوز من المكسرات المهمة لصحة الجسم عند إضافته إلى الأطعمة، وبوجه خاص للحلويات، فهو يحتوي عناصر غذائية منها البروتينات والألياف والمعادن والفيتامينات، وغني بالأوميغا 3 المنشطة للذاكرة والجهاز العصبي، كما يعد الجوز مهماً لعضلة القلب فهو يخفض نسبة الكوليسترول. والقرفة الموجودة أيضاً ذات فائدة لكونها مفيدة لصحة القلب وتساعد في خفض ضغط الدم؛ فهي مصدر للمنغنيز والحديد والألياف، ووجودهما في الأكلة مع المكونات الأخرى يمنح الجسم الكثير من الفائدة».

تحضير الشلق

الباحث في علم الاجتماع "زهير عدي" تحدث عن علاقة هذه الأكلة بالطقوس الاجتماعية، قائلاً: «ترتبط هذه الحلوى المنزلية بالطقوس الخاصة لشهر "رمضان"، وخاصة في لياليه الباردة، فما زالت ذاكرتي مفعمة بصور الطفولة ولحظات اجتماع الأقارب في بيت والدي، كانت الأسرة وبعض الأقارب يجلسون حول المدفأة، ويتبادلون الأحاديث ويروون القصص الطريفة، ولا يحلو السهر دون وجود أطباق الحلوى المختلفة، ومنها أكلة "الشلق" التي كانت والدتي تعدها بعناية خاصة احتفاء بالضيوف، كنا ننتظر أطباق هذه الحلوى بفارغ الصبر لمتعة تذوقها، ولأنها بحسب قول الأهل تمنح الدفء».