للحج في قلوب المسلمين وعقولهم معانٍ سامية. فهو حلم يسعى لتحقيقه من لم يسبق له الحج وأمل يتسابق المؤمنون للوصول له. وهذا العام /2008/ أحيت مدينة "حماة" موسما للحج وهو ليس كباقي المواسم فقد أقيمت مناسك الحج التقليدية في المدينة وليس في الديار المقدسة..

ربما قد يندهش القارئ من قراءة هذه الكلمات ولكن هذا ما حصل بالفعل فالحجاج هذه المرة هم من الأطفال دون سن السادسة في روضة "Happy Home ". موقع eHama زار الروضة في يوم الحج للأطفال بتاريخ 4/12/2008 وكان لنا مع مديرة الروضة الآنسة "دانيا بارودي" اللقاء التالي:

  • مشروع الحج فكرة مميزة ما الدافع وراءها ؟
  • ** الدافع الأول لإقامة مشروع الحج في روضتنا هو غرس الثقافة الدينية في نفوس الأطفال وتنشئتهم على معانٍ روحية تغذي الروح والنفس عن طريق تعليمه وتدريبه من خلال القصص والتطبيق العملي. حيث عرف الأطفال قصة سيدنا ابراهيم وقصة السيدة هاجر وابنها النبي اسماعيل عليه السلام وكيفية بناء البيت وقصة ماء زمزم وسبب رمي الجمرات على ابليس والمعنى المراد من السعي بين الصفا والمروة والطواف، ومعاني أخرى كالتعريف بمكة المكرمة والمدينة المنورة وأهميتها بالنسبة إلينا كمسلمين ومدى قدسية هاتين المدينتين والرسول (ص) وفضل زيارة قبره، كما يتعلم الأطفال الهدف من توقيت العيد بعد الحج وهم في هذه الحالة عندما يتابعون برامج التلفاز ستكون لديهم فكرة مسبقة عن تجربة مروا بها وعرفوها وعاشو معانيها وفي أذهانهم ونفوسهم صور وعبر عن هذا الركن العظيم من أركان الإسلام.

  • ما هي الخطوات التي اتبعتيها في تنفيذ مشروع الحج؟
  • ** قمنا بعدة خطوات واستمر التحضير لهذا المشروع لمدة تتجاوز ثلاثة أسابيع فأحضرنا عدة مجسمات للكعبة المشرفة ورمي الجمرات وقبر النبي (ص) كذلك قمنا بتحضير مكان للمسعى (الصفا والمروة) وجبل عرفات ومكان الصلاة بالمزدلفة... وفي فعالية أخرى قمنا بصنع جوازات سفر للأطفال وطلبنا منهم توقيع الموافقة من أهلهم على جواز السفر، كما طلبنا من الأهل إحضار ملابس الإحرام وأثواباً بيضاء طويلة (كلابية) وقبعات بيضاء بالنسبة للذكور وثياب صلاة بالنسبة للإناث، كما قمنا بتدريب الأطفال لمدة تتجاوز أسبوعين على كافة مناسك الحج حتى وصلنا إلى يوم ما قبل عطلة العيد فاخترنا أن يكون هو يوم الحج، حيث قام الأطفال بأداء مناسك الحج في يوم واحد ثم قام الحجاج الصغار بشراء الهدايا لأمهاتهم وآبائهم ولهم أيضا بطريقة رمزية من أحد أركان الروضة فنحن لم ننس تخصيص مكان للتسوق وشراء الهدايا ومن هذه الهدايا (مسبحة للأم والأب ولعبة للحجاج وتمر وماء زمزم ومسواك) وفي نهاية يوم الحج عاد الحجاج الصغار إلى بيوتهم للاحتفال وأحضر الطبل وفرقة التراث الشعبي (العراضة الحموية) واستقبلهم أهلهم بحفاوة بالغة ستترك أثراً في نفوسهم وعقولهم لمدة طويلة من الزمن.

  • كيف كان تعاون أهالي الأطفال وتقبلهم للفكرة؟
  • ** تعاون الأهالي معنا بشكل كبير وملحوظ ولكِ أن تتخيلي حجم سعادتهم بهذا المشروع ومدى تحفيزهم لأطفالهم وشعرنا بتقديرهم لتعبنا واهتمامنا حيث إننا الأوائل في مدينة "حماة" من قام بتنفيذ مشروع الحج كما لا أستطيع وصف حجم شعور الأهل بالفرح والسعادة عند استقبالهم للحجاج الصغار مع فرقة التراث الشعبي والطبل عند كل منزل من منازل هؤلاء الأطفال.

    *ما هي الصعوبات التي واجهتكم في تنفيذ هذه الفكرة؟

    ** كانت الصعوبات في البداية بإقناع الأطفال بفكرة الحج فبعض الأطفال اعتقد أنه سيسافر حقيقة لذلك رفضوا لبس الإحرام ولكنهم في النهاية تشجعوا مع أصحابهم وتجاوزوا شعورهم بالخوف.

  • سمعنا عدة انتقادات لتنفيذ فكرة الحج وخاصة أنها تمثل بحد ذاتها قدسية خاصة وركناً من أركان الإسلام غير قابل للتمثيل، ما هو ردك على هذه الانتقادات؟
  • ** لقد سبقتنا بهذه الفكرة كل من اندونيسيا وماليزيا وعدة بلدان من الشرق الأقصى حيث إنهم يقومون بكل هذه التدريبات قبل الحج. وهم بحسب الاحصائيات من أكثر الحجاج التزاما في أثناء أداء مناسك الحج في الديار المقدسة. وهذه الانتقادات مردود عليها من قبل علماء ومراجع دينية قمنا بسؤالهم قبل تنفيذ مشروع الحج وقد أيدونا بهذه الفكرة، وبعد هذه التجربة إذا سألنا طفلاً أو طفلة في الروضة عن أي منسك سيجيب وبدون تفكير.

    وعلى سبيل المثال إذا كان السؤال كم عدد الجمرات التي ترمي بها ابليس؟ سيجيب: 7 جمرات، وإذا كان السؤال: ما الهدف من رمي الجمرات؟ سيذكر لنا القصة بكاملها. هدفنا هو تعريف الطفل وتثقيفه دينيا وليس مجرد إحضار المجسم، كلنا يعلم الحكمة القائلة (العلم في الصغر كالنقش في الحجر).

    من الجدير بالذكر أن روضة Happy Home (البيت السعيد) تقع في "حي الشريعة" في مدينة "حماة"، وهي تتبع نظام "مونتسوري" للتعليم.