امتلاكها لمخزونٍ ثقافي ولغوي مكّنها من أن تمسك مقاليد الشعر بكل صدق وعفوية، فخطّت بحروفها النثرية كلمات تبعث الجمال، حملت بطياتها حكايا المجتمع والطبيعة والمرأة والشهيد.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 19 حزيران 2020، مع الشاعرة "سوسن خضر الشيخ" فتحدثت عن مسيرتها الأدبية قائلة: «نشأت ضمن أسرة محبّة للعلم وبيئة اجتماعية مشجعة على الثقافة ضمن مدينة الفكر والثقافة "السلمية"، كان لهذا أثر كبير بتبلور موهبتي الأدبية وصقلها، فبدأت بكتابة الخواطر على أطراف كتبي المدرسية بعمر الرابعة عشرة، وفي المرحلة الابتدائية كنت رائدة على مستوى القطر بمجال الخطابة والفصاحة والغناء والإلقاء الشعري، ولفتت موهبتي اهتمام عائلتي، فعززوها ودعموني بتوفير كتب المطالعة التي كان لها دور كبير في تطوير ملكتي الشعرية وتنميتها، فالقراءة هي طقسي اليومي الذي لا بد منه، أحتاجه لأسكب شغفي للمعرفة والاطلاع على تجارب الآخرين، وهي مفتاح ساحر للغوص في هذا العالم، كونها الحامل الأساسي لتجربة الكاتب الشعرية التي تمكنه من امتلاك مفاتيح كلماته وأدواته الشعرية التي تجعل منه مبدعاً وتمكنه من الارتقاء بتجربته الأدبية وبروحه وقلمه، فالشاعر يولد مبدعاً والقراءة تغني وتصقل هذا الإبداع للوصول بشكل أفضل لقلوب الناس، وفي رأيي الثقافة وحدها لا تعطي شعراً، بل لا بدّ من ارتباطها بالموهبة التي تظهر مهارة الكاتب وامتلاكه للأداء الشعري والمفردات اللغوية».

كأن أُمي وجع .. أشتاقه كوطن بعيد .. .... كأن ضوءً غاب .. .. فاحترقت .. لك موعد أمي .... موعد دائم برائحة وطن يأخذُني لياسمين طفولتي لعريشة حزينة مرمية على ملامح قلبي لبركة ماء بلون أخرس نظري أغرق نصف قصائدي وسرق الوقت من ضفائري وترك جدائل العيون تعيد كل يوم حلمي يمطر دمعي يستفيق ثغري لنجوى الروح وينساب كساقية بين سريري وغرفتك الدافئة تراتيل نور

وأضافت: «الشعر بالدرجة الأولى هو نضوج للروح وتطويق لها بهالة من الياسمين، والكتابة فعل إبداعي وعفوي يحرك فينا مشاعرنا إن أتقنا كتابتها وصياغة حروفها وكلماتها، وبرأيي أن القصيدة هي حالة شعورية وفكرية ذاتية، وكانت قصيدة النثر هي التي استهوتني وجذبتني موسيقاها وصياغتها، باعتبارها تتناول الموضوعات الإنسانية بمفردات بسيطة تصل بسهولة إلى القارئ، فلكل كاتب طريقته التي يختارها ليخط طريقه الأدبي من خلالها، ويعبر عن صوته مقروءاً، ليكون قلمه لساناً يتكلم ويلامس أحوال الناس وقضاياهم، فمن خلال كتاباتي كتبت عن الوطن والشهيد والمرأة والطبيعة والحب».

من إصداراتها الأدبية "سراج مطر"

وعن رأيها بالملتقيات الأدبية ومواقع التواصل الاجتماعي، قالت: «للملتقيات دور كبير في تنشيط الحركة الثقافية والتعريف بنتاج وتجرية الكاتب، ولكن للعالم الافتراضي الأزرق الدور الأهم في أيامنا هذه؛ فهو نافذة تطل على العالم الخارجي وتفتح آفاقاً جديدة، وتتيح الفرصة للتعرف على الكثير من الأصدقاء وتجاربهم الأدبية المتنوعة، كما ساهمت بنشر نتاجنا الأدبي والتواصل المباشر مع القارئ الذي يكون الحكم الأساسي على كتاباتنا، ما يعطينا حافزاً لتقديم أفضل ما لدينا».

ومن منشوراتها نختار نصاً نثرياً بعنوان "أمي" تقول فيه:

من شهادات التكريم

« كأن أُمي وجع .. أشتاقه كوطن بعيد .. .... كأن ضوءً غاب .. .. فاحترقت .. لك موعد أمي .... موعد دائم برائحة وطن يأخذُني لياسمين طفولتي لعريشة حزينة مرمية على ملامح قلبي لبركة ماء بلون أخرس نظري أغرق نصف قصائدي وسرق الوقت من ضفائري وترك جدائل العيون تعيد كل يوم حلمي يمطر دمعي يستفيق ثغري لنجوى الروح وينساب كساقية بين سريري وغرفتك الدافئة تراتيل نور».

الكاتب والناقد الأدبي "شاكر فريد حسن اغبارية" قال عن تجربتها: «"سوسن خضر" شاعرة متميزة النبرة، تتسم بشفافيتها وتلقائيتها وعفويتها ووضوحها، نصوصها شفيفة، سهلة ممتنعة، واضحة، لا غموض، ولا رموز، ولا التباس أو تعقيد فيها، تأخذنا في قصائدها إلى عوالم زاهية ملونة مليئة بالنبات والزهور والطيور المغردة، فمرة نجدها سعيدة مبتهجة تزقزق فرحاً، ومرة تشدو بالأنغام والألحان الحزينة، حيث ترى أمامها مشاهد الألم والوجع والموت والدم المراق على الأرض السورية.

من مشاركاتها بإحدى الأمسيات الشعرية

كما إنها تكتب عن الحب بكل نبضات قلبها ونفثات روحها، وتتأجج بالمشاعر الأنثوية العاطفية بوعي شعري لافت، وحس إنساني راق، وما يميز قصائدها الإيحاءات والموسيقا الداخلية، واللغة الحية النابضة الهادئة، بالإضافة إلى الصورة الشعرية الجديدة المبتكرة، وهذه الصورة هي المحرك الموسيقي الإيقاعي لكلماتها المنسابة، كما أن كتاباتها تحمل وحدة عضوية وجدلية متكاملة من حيث الأسلوب والصياغة واللغة والصورة الشعرية والمضمون».

الشاعر "أيهم الحوري"، وهو قارئ لأشعارها قال: «تصيغ الأديبة "سوسن خضر" نصها على مقام فكرها الرصين، وعلى وزن إحساسها الآسر بعمق الفكرة وبساطتها بآن واحد، فمن خلال حروفها وكلماتها تسرقنا إلى عالم مترف بالجمال تأسرنا بتعابيرها وأناقة حروفها وكلماتها الشعرية من حيث إيقاعها الموسيقي ولغتها بكل حالاتها الوجدانية العميقة وبساطة ألفاظها، فهي الواثقة بعبير حروفها المتعب بالهم الجمعي، وليس الشخصي، شاعرة تهتم بالبساطة وصدق الإحساس، وتجسيد رؤية مرادها إيصال رسالتها للمتلقي فنصها الشعري العامر الذي يروي حكاية أنثى تشرق حضوراً في زمن الفراغ».

يذكر أنّ "سوسن خضر الشيخ" مواليد "سلمية" خريجة معهد إعداد مدرسين قسم التربية الموسيقية، صدر لها ديوان شعري بعنوان "سراج مطر"، والثاني قيد الطباعة، شاركت بالعديد من المهرجانات والملتقيات الأدبية منها مهرجان "أم الربيعين" في "طرطوس" عام 2017، وفي "دمشق" عام 2019، وفي مهرجان "تحية للشهداء الأبرار" بالعام نفسه، وغيرها الكثير في أماكن مختلفة من "سورية".