الشعر بالنسبة لها موسيقا تعادل انبثاق الضوء، يحمل عدة معانٍ في معنى، وإطاراً للوحة جسّدها الشاعر عبر حروفه، فمن خلال أشعارها حاولت إيصال رسالة المحبة وإظهار جانب الجمال والنور في هذا العالم؛ ليكون انتصاراً على القبح والعتمة خلال سنوات الأزمة.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الشاعرة "نصرة ابراهيم" بتاريخ 5 كانون الأول 2018، لتحدثنا عن مسيرتها الأدبية: «منذ الصغر والقراءة رفيقة دربي، حيث كنت أستعير القصص من مكتبة المدرسة، وبعد قراءتها أعيد صياغتها، وأضيف بعض الأحداث إليها، كما أنني قرأت قصائد "نزار قباني" وتأثرت بها وكتبت تعليقاتي على القصيدة بعبارة أحاكي القصيدة التي قرأتها فيها، كبرت قليلاً بما قرأته من قصص وروايات لـ"حنا مينا، وكوليت خوري، وألفة الأدلبي" وأشعار "محمد الماغوط"، وكانت البداية بكتابة الخاطرة الذاتية في المرحلة الثانوية، ونصّ تلو نصّ حتى بدأت تتكون ملامح قصيدة النثر، كما أنني تأثرت كثيراً بملامح الطبيعة وحالات الطقس المتبدلة من فصل لآخر، حيث كان لتلك المشاهد التي التقطتها كاميرا عيني في طفولتي دور كبير في صقل موهبتي الشعرية؛ فكم استعرت مما خزنته عيناي وذاكرتي من مشاهد لتخرج كلمات شعرية، فيكفيني أن أتأمل غيمة أو مشهد الضباب لتخرج الفكرة على شكل قصيدة، كما أنني كتبت القصة، وكانت أول قصة لي بعنوان: "ورقة" نشرتها في صحيفة "البعث" في تسعينات القرن الماضي، لكنني غادرتها لأنني رأيت أنني لا أستطيع تقديم أو إضافة أي جديد إلى فن القصة، فأنا أجد نفسي في الشعر، وشجرة النثر الأقرب إلى روح الحبر؛ فمن خلالها ترجمت كل ما حولي وكل ما تعيه الذات ليخرج للقارئ وينبهه إلى مكامن الجمال وقيمة ما نملك في داخلنا من أحاسيس ومكنونات، فالشعر إيمان بروح الكون والوصول إليها يكون بالفنون، فهو سلوك كلما ارتقى الشاعر بأسلوبه ارتقى أسلوب كتابته، وكلما ابتعد النص عن الذاتية صار أقرب إلى القارئ، والقصيدة حالة صدق وخلق أشبه بزيت يرشح من مسامات النفس كدفق شعوري داخل الشاعر، فهي انعكاس لعالمنا الداخلي والخارجي، فكانت قصائدي في البدايات ذاتية، ثم كتبت للوطن والشهيد والقصيدة الصوفية ومواضيع إنسانية متنوعة».

هناك ملتقيات ثقافية ترفد المؤسسات الثقافية؛ لأن القائمين عليها من أهل الاختصاص، وهي تغني المشهد الثقافي. أما بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي، فقد ساهمت في الوصول السريع للقارئ وإيصال النص بوقت أسرع، وساهمت في انتشار اسم الشاعر ونصوصه على نطاق أوسع، لكن بالمقابل لها سلبياتها؛ فالكثيرون ممن لا ينتمون إلى عالم الأدب أقحموا أنفسهم في عالم لا قمح لهم في حقله

وعن علاقتها بالشعر تحدثت: «هناك حقيقة ألا وهي: (كنت أسير على رؤوس الجبال بقربي تسير الكلمة تأبطت ذراعي، فقبلت بها صديقة وسرنا معاً؛ هي تتحرش برأسي، فأتحرش بالحبر وأرسمها قصيدة؛ كلانا عثر على جزئه المفقود عند الآخر؛ هكذا حتى توحدنا معاً). كما أن الشاعر يصبح مبدعاً حين يصل إلى الدرجات العالية في تجربته الشعرية، ويمتلك أدواته الفنية ويعمل على تطويرها في كل نص جديد، فالدراسة كشهادة شيء، والثقافة شيء آخر، والأعظم أن يجمع الشاعر الضفتين معاً في مجرى نبع الحبر بما يخدم الكتابة، وثروة الكاتب اللغوية يستمدها من قراءته وتجربته واكتشافاته لتجارب هذا العالم الذي لا ينتهي بعبارة أو كتاب أو تجربة أو أسطورة، فكلما قرأ أكثر زادت سعة معجمه، فالأدب رسالة وفكر، فكل ما يزيد من نضجي الفكري أحبه سواء أكان شعراً أو رواية أو فلسفة، وتاريخ العلوم بأكملها تفتح الباب للاكتشاف للعثور على كنز المعرفة، والأحب إليّ الفلسفة والرواية وقصيدة النثر».

مجموعة من دواوينها الشعرية

وعن الملتقيات الأدبية قالت: «هناك ملتقيات ثقافية ترفد المؤسسات الثقافية؛ لأن القائمين عليها من أهل الاختصاص، وهي تغني المشهد الثقافي. أما بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي، فقد ساهمت في الوصول السريع للقارئ وإيصال النص بوقت أسرع، وساهمت في انتشار اسم الشاعر ونصوصه على نطاق أوسع، لكن بالمقابل لها سلبياتها؛ فالكثيرون ممن لا ينتمون إلى عالم الأدب أقحموا أنفسهم في عالم لا قمح لهم في حقله».

تحدث الأديب والقاص "رياض طبره" عن الشاعرة "نصرة ابراهيم" بالقول: «عرفت "نصرة" شاعرة مجدة تشقّ طريقها كمن يصعد جبلاً أو ينحت في الصخر، فعلى الرغم من امتلاكها اللغة الصحيحة السليمة المعافاة من الكدر، إلا أنها ملكت أيضاً هذا الكنز من المفردات حتى تكاد تبحث عن معاني المفردات في المعجم، فهي شاعرة متمرّدة اختارت بنفسها هذا النزوع إلى الحداثة، فالقصيدة لديها من صميم قلبها، وانعكاس لحالها يوم ولدت من رحم نحلة البراري، والقصيدة عندها هذا التنازع الكبير ما بين الوزن الموسيقي المعروف ببحور الشعر، وما هو عندها من موسيقا النص، وقد كانت أولى خطواتها أنها تمرّدت على هذا الشكل وأغنت القصيدة بسيل من المفردات المعبرة القادرة على إيصال المعنى، فالشعر بالنسبة لها رسالة انتماء إلى وطن جريح يودع في كل ثانية ابناً باراً من أبنائه، وقد قدمت "نصرة" رسالتها وهي أخت الشهيد وعاشقة الشهداء، ولا تنسى الشاعرة المجدّة أن تدوّن في الحب أجود المقطوعات الوجدانية استكمالاً لحالة التمرّد التي طبعت وما تزال تطبع منتجها الإبداعي».

الشاعرة نصرة ابراهيم في إحدى أمسياتها الشعرية

يذكر، أن الشاعرة "نصرة ابراهيم" من مواليد "مصياف" عام 1971، تحمل إجازة باللغة العربية، عضو اتحاد الكتاب العرب، وعضة في جمعية "الشعر"، شاركت بالعديد من المهرجانات والمنتديات الثقافية في العديد من المدن السورية، نشرت قصائدها بالعديد من الصحف السورية ومجلات عربية كـ "زهرة الخليج" و"سوانا"، صدر لها ستة دواوين شعرية، منها: "بين فصلين"، و"مشهد افتراضي"، و"على بعد وطن"، وغيرها.