«تتميز تجربة الشاعر "مصطفى علواني" بجنوحه نحو شعر الغزل والحب، فالحب في قاموسه شمس تملأ الحياة والكون سعادة، يقول في إحدى قصائده: هي الحياة فلولا الحب ما سطعت/ شمس وما غرد القمري في الغسق/ هي الحياة فلولا الحب ما كتبت/ قصيدة الشعر في شوك من الأرق.

والجمال يستهويه فيأخذه إلى عوالمه البعيدة يقول:

سمعت شعرك الذي تنشده في الزوايا الهادئة البعيدة عن البهرجة فملكني، فأهنئك على شعرك الجميل

أهوى الجميلات لا عمر يباعدني/ ما دام نبض الهوى بالقلب قد خفقا».

مصطفى العلواني

هذا ما قاله الناقد الدكتور "سعد الكردي" واصفاً نتاج الشاعر "مصطفى العلواني"، وأضاف متحدثاً عن لغته:

«لغته سهلة بعيدة عن الغموض، وتراكيبه مشدودة لا تفكك فيها ويمتلك زمام التعبير الشعري بقوة وذلك بأدواته الشكلية والمعنوية».

أما الشاعر "بدوي الجبل" فقد قال عن شعر "مصطفى علواني": «مفرداته أنيقة وديباجته صافية وتصويره شفاف».

ويقول عنه الشاعر "محمد الحريري": «سمعت شعرك الذي تنشده في الزوايا الهادئة البعيدة عن البهرجة فملكني، فأهنئك على شعرك الجميل».

موقع eSyria التقى الشاعر "مصطفى علواني" في مبنى اتحاد الكتاب العرب- فرع حماة، وكان لنا معه هذا الحوار:

  • ما عناصر العملية الإبداعية؟
  • «تقوم العملية الإبداعية فعلياً على عنصرين رئيسين هما الموهبة وامتلاك الأداة؛ فالشاعر الموهوب لا يقول الشعر من فراغ، والموهبة تصقل وتنمو بالمطالعة الواسعة على الشعر وحفظ الجيد منه، حتى يتكون لدى الشاعر مخزون فني من لغة جميلة وتمرس بالأساليب الفصيحة الجارية على العربية ليتمكن من سنن العربية وملكة البيان. والعنصر الثاني الذي يضمن صحة العملية الإبداعية هو امتلاك الأداة، أي اطلاعه على أدوات

    العمل الإبداعي وإتقانه لها كالعروض والنحو واللغة والنقد.

    وما ينطبق على الشاعر ينطبق على الناثر فالقاص والراوي وكاتب المقال يلزمه في البداية وجود الموهبة وتكوين الملكة، ومن ثم إتقان قواعد وضوابط العمل الذي يمارسه، فضلاًًًًًًًًً عن امتلاك ثقافة عامة واسعة وأفكار ناضجة وخيال واسع.

    أرى أن العمل الفني هو عمل إبداعي وليس عملاً حرفياً، فالشاعر ليس مضخة تعمل على المازوت إن زود به نطق وإن انقطع عنه سكت، إن العمل الفني هو تعبير عن تجربة شعورية بصورة موحية ولا يستطيع الشاعر أن يعبر عن تجربته الشعورية بعمل إبداعي إلا إذا كان ممتلكاً للموهبة ومستلزماتها».

    وعن تأثير عنصري الزمان والمكان في تجربته الشعرية يقول: «إن الشاعر يعيش في زمان ومكان معينين وهو يتأثر بالبيئة ومعطيات العصر لذلك فإن نتاجه الأدبي يحمل طوابع وزمن عصره، وصوره وتعابيره. فأفكاره ليست رواسم مجمدة أوتعابير جاهزة مستمدة من الآخرين بل هي تعبير موحٍ مستمد من واقع التجربة التي يمر بها وتحمل خصوصيته وطوابعه، لذلك قيل إن الشاعر هو الأسلوب، وقديماً نفى النقاد القدامى الأشعار المنسوبة لبعض الشعراء لكونها تخالف خصائصهماالأسلوبية. ولم تكن العلاقة بين المادة والصورة الشعرية عند الشاعر العربي علاقة نقل حرفي، بل كانت دائماً علاقة إبداع تقوم على خلق علاقات جديدة وتناسبان لا وجود لها في الواقع، ونمثل على ذلك بنموذجين "لابن المعتز" و"ابن الرومي"، يقول "ابن المعتز":

    ولازورديه تزهو برز فتيها/ بين الرياحين على حمر اليواقيت/ كأنما فوق قامات ضعفن بها/ أوائل النار في أعواد كبريت.

    ويقول" ابن الرومي":

    إن أنسى لا أنسى خبازاً مررت به/ يرطو الرقاق وشك اللمح بالبصر/ ما بين رؤيتها في كفه كرة/ وبين رؤيتها قورار كالقمر/ إلا بمقدار ما تنداح دائرة/ في لجة الماء يلقى فيه بالحجر.

    هذان نموذجان لوظيفة الشاعر الإبداعية في تعامله مع مادته، مخزون الصورة معروف وواقعها معروف، ولكن الصورة الشعرية شيء آخر ابتدعه الشاعر وتصل إلى ذروه الإبداع في الصورة المبتدعة في تركيز بالغ وفي وحدة كاملة لا وجود لها في الصورة الأصلية، ولعلك إذا قرأت قصيدتي التي بعنوان "صوفية الحب في وادي حماة" تجد ما أوردناه أعلاه واضحاً:

    دورة تعطي وأخرى تحمل/ وأغان مشجيات ترسل/ إنها قصة حب أشرقت/ وتوالت منذ شع الأزل.

    ومن أجمل ما قرأت في تحليل عملية الإبداع هو ما أورده "حازم القرطاجني"، فهو يذكر عشر قوى تمثل في رأيه جميع الأنشطة الذهنية التي يمارسها العقل أثناء عملية التسجيل: بعضها أنشطة مدركة واعية وبعضها الآخر تتم ممارسته بصورة غير مدركة، وأبرز هذه القوى والملكات هي قوة التخيل، القوة الحافظة، القوة المأثرة، القوة الصانعة، فعندما يقول الشاعر إن هذه الصبية وردة يكون قد مارس قوة التخيل وكذلك مارس القوة المؤثرة على اختيار اللفظة التي تلائم المعنى وهي وصف للصبية بالجمال والنضارة والشباب، وقد مارس بالطبع القوة الأخيرة وهي أهم تلك القوى جميعاً وهي القوة الصانعة التي تعتمد على كل القوى السابقة».

    وختم قائلا: «الشعر عندي هواية وليس احترافاً، وهو تعبير عما أعانيه من مشاعر وتجارب وهو يأتيني ولا أطلبه ولا أدعي ما ليس في، وأترك موضوع شعري للنقاد المخلصين والمتذوقين العارفين منهم الذين يضعونني في الموضع الصحيح، وإن أكثر ما يقتل الشاعر أو الأديب هو الغرور والإعجاب بنفسه وكثيرون من الشعراء مصابون بهذا المرض وأما الإنسان المعتدل المنصف لنفسه فعليه أن يكتب وعلى المختصين أن يقيموه بعدل وإنصاف، والناس أحرار فيما يكتبون وفيما ينهجون والزمن خير حاكم على الشعر الخالد، فإلى الآن مازلنا نستشهد بشعر "زهير والبحتري والمتنبي" وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح».

    وعن رأيه في شعراء "حماة" قال: «الشعر في "حماة" بخير، ويكفي شهادة الدكتور "حسام الخطيب" بأن الشعر في حماة يحتاج إلى دراسة خاصة».

    الجدير بالذكر أن الشاعر "مصطفى علواني" من مواليد مدينة "حماة" عام /1940/م، درس في مدارسها، وتابع تحصيله العلمي في "دمشق" حتى حصوله على شهادة الدكتوراه في الديموغرافيا، عمل خبيراً في علم السكان في اليمن والأمانة العامة للتخطيط في قطر، ودرّس في جامعة قطر وعند عودته إلى الوطن درّّّّّس في جامعة البعث في "حماة" وهو الآن عضو محكم في "مجلة الإسكوا" التابعة للأمم المتحدة.

    بقي أن نذكر أن للشاعر "مصطفى علواني" ثلاثة دواوين شعرية:

    - النشاوى الغريرات.

    - درة التاج.

    - كرم .

    وله ثلاثة كتب في الديموغرافيا:

  • التوزع السكاني عند العرب.

  • القوة العاملة والتخطيط لها.

  • – خصوبة السكان ومحدداتها الوسيطية.