يعتبر قطاع التعليم أحد أهم ركائز التنمية البشرية التي تعمل في سورية في كل من وزارة التربية ووزارة التعليم العالي على المستويين المحلي والوطني لدعم نظام التعليم فيها. ضمن هذا الإطار، والمستفيد الأكبر هو الوطن أولاً ومن ثم الطالب المتفوق الذي يقدم ما حمله من خبرة وحصّله من علم في سبيل خدمة هذا الوطن.

لمعرفة المزيد عن موضوع المنح الدراسية توجهنا للقاء بعض المستفيدين من هذه المنح، ممن أتموا دراساتهم العليا وعادوا إلى الوطن، ليضعوا تجربتهم وخبرتهم في خدمة المسيرة التنموية في البلد.

لا شك أن تجربة السفر بحد ذاتها تعزز مهارة التكيّف مع مختلف الظروف، والتعامل مع ثقافات أخرى مختلفة

السيد "تمام يحيى" أحد المستفيدين من هذه المنح الدراسية، وهو حاصل على بكالوريوس في الاقتصاد، وهذه المنحة كانت السبيل الذي ساعده لإكمال تعليمه فحصل على ماجستير في الاقتصاد من جامعة Effex في بريطانيا، ومن ثم ماجستير في الاقتصاد الدولي من الجامعة ذاتها، وهو حالياً يشغل منصب "مدير تنفيذ في مؤسسة فردوس" في سورية.

الطالبة "سهام حيدر"

يقول السيد "تمام" عن المنحة: «لقد فتحت المنحة آفاق العمل الاحترافي، حيث أن حصولي على هذه الشهادات مكنني من إيجاد عمل مميز. من ناحية أخرى كانت تجربة الدراسة مميزة حيث الخضوع لنمط تعليمي مختلف، وتعلم طرائق بحث علمي جديدة».

ويضيف: «لا شك أن تجربة السفر بحد ذاتها تعزز مهارة التكيّف مع مختلف الظروف، والتعامل مع ثقافات أخرى مختلفة».

د. "منى الحموي" مديرة البرنامج

ويوجه "تمام" رسالة لمن يود التقدم للمنحة فيقول: «أنصحهم باستكمال الشروط جميعها من أوراق ولغة وغير ذلك. كما أن العامل الأهم هو تحديد الهدف الذي يسعون إليه بشكل دقيق، مما سيزيد بشكل كبير فرص نجاحهم».

ثم التقينا الآنسة "سماح حيدر" مستفيدة من برنامج المنح الدراسية، حاصلة على بكالوريوس في هندسة الإلكترون من "جامعة دمشق" وماجستير في "استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لخدمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية". وتعمل حالياً كاستشارية في البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في سورية.

"لوغو" برنامج المنح الدراسية

تقول الآنسة "سماح": «الشيء المميز في هذه المنحة هو أنها تدعم الأشخاص ذوي الطموحات الأكاديمية التي قد لا تصب في سياقات آنية معينة، بل يمكن لها أن تلعب دوراً هاماً في المستقبل. كذلك فهي تخلق جواً من التنافسية العالية على المستوى الدولي، لذلك على المتقدم أن يكون دقيقاً في اختياراته، مستكملاً للشروط وأن يكون على جدارة وكفاءة عالية».

وتؤكد الآنسة "سماح حيدر" لكل راغب في التقدم إلى هذه المنحة الانتباه جيداً لما يريد هذا الطالب، فقالت: «يجب على المتقدم أن يدرك بالضبط ما يريده، وأن يحدد هدفه ومساره بدقة، وأن يمتلك تصوراً جيداً عن مستقبله، لذلك فإن المنحة تكون أقرب للأشخاص الذين يمتلكون الرؤيا والإحساس بالهدف».

لمعرفة المزيد عن برنامج المنح التعليمية اختار موقع eSyria النموذج الذي تعمل عليه "مؤسسة الآغا خان للخدمات التعليمية" فالتقينا الدكتورة "منى الحموي" رئيسة مجلس الأمناء في المؤسسة المذكورة لتحدثنا عن هذا البرنامج وكيفية الاستفادة منه، فحدثتنا بادئ ذي بدء عن طبيعة هذه المنحة، وما يمكن أن تغطي من دراسات فقالت: «تعد هذه المنحة واحدة من أهم المنح الدراسية العالمية التي تقدمها "شبكة الآغا خان للتنمية". وهي تموّل تكاليف الإقامة والدراسة في البلد المراد متابعة الدراسة فيه، مستثنى من ذلك أجور السفر أو أية إجراءات أخرى مشابهة».

وتضيف في هذا السياق: «تعطي المؤسسة الأولوية لطلبات دراسة الماجستير، كما أنها مستعدة أيضاً لأخذ طلبات برامج الدكتوراه بعين الاعتبار، وذلك عندما تكون درجات الدكتوراه ضرورية لتحقيق أهداف الطالب المهنية، أو في حال كانت الأبحاث التي يجريها طالب الدكتوراه ذات مواضيع مهمة بالنسبة لشبكة الآغا خان للتنمية. كما أنّ المؤسسة لا تأخذ بعين الاعتبار طلبات الدراسة قصيرة الأمد أو الطلبات المقدمة من طلبة قد بدؤوا بالدراسة مسبقاً».

هذا الأمر يدعونا لمعرفة من هم الطلاب الذين يتم مساعدتهم، وما آلية هذه المنحة، تقول الدكتورة "منى": «تعتمد المنحة مبدأ الجدارة والكفاءة. فبعد استلام الطلبات من المتقدمين، يتم التدقيق فيها من قبل لجان مستقلة ومحترفة، ومن ثم يتم مقابلة الطلبة الذين يحققون المعايير من قبل لجنة خاصة مع نهاية شهر نيسان أو بداية شهر أيار من كل عام».

وتتحدث عن كيفية يتم تقديم الطلبات، وما الشروط التي يجب توافرها في الطالب المتقدم، فقالت: «يبدأ تقديم الطلبات سنوياً بدءاً من بداية العام وحتى نهاية شهر آذار. ويُشترط أن يكون المتقدم قد تخرج بتقدير جيد على الأقل بالنسبة للمرحلة الجامعية الأولى وبمعدل 70% على الأقل بالنسبة لدرجتي الدبلوم أو الماجستير. كما نفضل أن لا يتجاوز عمر المتقدم /30/ عاماً. ويعتبر الحصول على قبول من مؤسسة ذات سمعة حسنة في مجال الدراسة المراد إتباعها مسألة هامة. دون أن ننسى الشروط المطلوبة بالنسبة للغة المراد متابعة الدراسة بها. كما يُطلب من المتقدمين تقديم خطط مهنية وتعليمية متجانسة وذات دلالة. ونود أن نضيف أنه يجب أن يكون لدى المتقدم حاجة مادية حقيقية، ليتمكن من الحصول على المنحة».

ثم ننتقل للحديث عن الاختصاصات التي تغطيها المنحة، فقالت: «بشكل عام يمكن التقدم لكافة الاختصاصات ولكن تُعطى الأولوية للاختصاصات ذات العلاقة بالتنمية مثل العلوم الاقتصادية، والمعلوماتية، إدارة المؤسسات الصحية وتعزيز الصحة، التمريض وطب الأسرة، الترويج السياحي والتطوير العمراني والاختصاصات المتعلقة بالتعليم».

السؤال الذي يجب معرفته هو كيف يعيد الطالب هذه المنح للجهة التي قدمتها له، تقول الدكتورة "منى": «لا بد لنا من الإشارة أنّ إعادة القرض (والذي هو نصف قيمة المنحة) من قبل المتخرجين سوف يزيد حجم الموازنة المخصصة لهذا البرنامج مما سينعكس إيجاباً بزيادة عدد المنح وبالتالي تحقيق فائدة أكبر».

وتحدثت إلينا عن عدد الأشخاص الذين يحصلون على المنحة سنوياً، فقالت: «في الحقيقة لا يوجد عدد محدد بعينه، الأمر مرتبط بقدرة المتقدمين على المنافسة مع المتقدمين من البلدان الأخرى والتي تنشط فيها المؤسسة. على سبيل المثال كانت حصة سورية أربع منح خارجية للعام الدراسي 2010-2011 لطلبة من اختصاصات مختلفة لمتابعة الدراسة في جامعات غربية، من هذه الاختصاصات: إدارة المشافي، البناء وتخطيط المدن، معالجة الإشارة وإدارة الأعمال الهندسية. بينما بلغ مجموع المنح الدراسية المقدمة للطلبة السوريين حتى عام 2010 نحو 70 منحة دراسية، وتراوحت المواضيع التي غطتها هذه المنح بين التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والتنمية الريفية، وتنمية الطفولة المبكرة، وإدارة المشاريع والأعمال، والاتصالات، والصحة، والتعليم، وغيرها ترتبط إلى حد كبير بنشاطات التنمية في سورية والعالم"».

ختاماً نود أن نذكر أن "مؤسسة الآغا خان للخدمات التعليمية" تقوم بتقديم عدد محدود من المنح الدراسية سنوياً لطلبة بارزين ولديهم الرغبة في متابعة الدراسات العليا خارج الجمهورية العربية السورية والذين لا يملكون وسائل أخرى للتمويل.