في أمسية ضبابية من أمسيات الشتاء الجميل الذي يميز الطبيعة السورية، وأمام شباك غرفته جلس "أسامة" الذي كان قد دخل في حالة من المشاعر المختلطة من حب الوطن والأرض والتراث، فاحتضن صديقه القديم وهو العود الذي رافقه طوال سنوات نشأته، وبدأ يعزف ما يخطر بباله من موسيقا تتفاعل مع إحساسه الجميل فصارت أنغام "رقصة ستي" تتناثر مخترقة الضباب لتصل إلى كل من هم بالجوار فيشاركون "أسامة" هذه المشاعر.

eSyria كان ممن سمعوا هذه الأنغام الجميلة، إذ كان في جوار بيت الشاب "أسامة موسى" في قرية "بري الشرقي" الواقعة شرق مدينة "سلمية" بحوالي العشرين كيلومتراً، وقد قمنا إثر ذلك بزيارة بيت "أسامة" ذي التاسعة عشر عاماً والذي عرفنا عن نفسه حيث قال: «أنا أكبر أبناء العائلة، ما جعلني دائماً في موقع المسؤولية، ربما هذا الشيء هو ما دفعني إلى حب التميز دائماً، وفي أي مجال أدخل فيه، فكنت ومازلت أسعى لأن أتعلم كل شيء، وفعلاً عندما أتعلم، أتعلم بشغف».

أحب أكثر الأمر سماع "مارسيل خليفة" و"فيروز" و"الرحابنة" بشكل عام وأهمهم "زياد" وكل ما ينتمي إلى هذه المدارس أو هذا النمط الفني، وطبعاً أسمع كل شيء جميل لأن لكل حالة ما يناسبها

ثم حدثنا عن الشطرنج الذي يعد من أهم المجالات التي أثبت نجاحاً فيها فقال: «في طفولتي أحببت لعبة الشطرنج كثيراً، وبدأت أتدرب في نادي "بري الشرقي" الرياضي، وكنت حينها من أفضل اللاعبين في النادي، وفي أول بطولة لي على مستوى المنطقة نلت المرتبة الأخيرة ربما، لكن في العام التالي مباشرةً نلت المرتبة الأولى على فئة أقل من عشر سنوات، ثم لاحقاً حصلت على بطولة المحافظة عدة مرات آخرها كان عام 2005».

يستقبلنا بحفاوة عربية

الذي أدخلنا بيت "أسامة" هو العود الذي كان لا بد لصاحبه أن يحدثنا عنه فقال: «من سني عمري الأولى وأنا أشعر بحساسية عالية لأي مقطوعة موسيقية أسمعها، وكان لي "خالٌ" يعزف على العود، وقد شجعني على الاهتمام بالموسيقا، ودفعني لأشتري هذا "العود" الذي بين يدي، وعلمني عليه ما يسمى بأوليات العزف، ثم تابعت وحدي من خلال العزف العشوائي أولاً، لأنني على قناعة أن على الشخص أن يتعلم من أخطائه، ومن خلال محاولاتي الكثيرة تمكنت من العلامات الموسيقية بشكل سماعي، وقد صرت نتيجة لذلك أعزف أي أغنية بعد عدة محاولات فقط، وحالياً الأمر أكثر سهولة».

لكل موسيقي علاقة خاصة يقيمها مع آلته، ولا بد أن يكون لصديقنا "أسامة" تلك العلاقة مع العود، وفعلاً هذا ما حدثنا عنه حين قال: «أحب العود لأنه يتوافق مع شخصيتي فأنا أحب أن أكون مرحاً وأحافظ على ابتسامة على وجهي، بالإضافة إلى تعلقي بالرومانسية والعود تجده مناسباً في وقت المرح وفي وقت الرومانسية وحتى في وقت الحزن، وأنا أحياناً أكلمه كأنه صديق حقيقي».

يفكر في عزف مقطوعة ما

ثم سألنا "أسامة" عن الأوقات التي يحب أن يعزف بها فقال: «أنا أعزف في أي وقت، وخاصة عندما يكون هناك حالة معينة والتي قد تكون حزناً أو فرحاً فأعزف بحسب ما تكون، فمثلاً عندما أكون مبتهجاً أعزف شيئاً من الأغاني الشعبية، بينما أجد نفسي منقاداً إلى اللحن العراقي متى شعرت بشيء من الوهن أو الكآبة، لذا فإن علاقتي بالموسيقا تأتي آخر النهار، وبهذا فيمكن القول أن الموسيقا صديقتي، والليل كذلك».

ثم حدثنا عن حياته التي يعيشها اليوم فقال: «أنا أدرس حالياً في كلية الهندسة الزراعية في جامعة "البعث"، وأتابع كافة النشاطات الثقافية والفنية وحتى الرياضية، فأنا كنت ألعب "كرة الطاولة" في المرحلة الثانوية، ولدي مشاركات على مستوى المنطقة، كما أني أملك الكثير من الأصدقاء، فالموسيقا علمتني أن أكون اجتماعياً بطبعي، كما أن عزفي على العود أعطاني من الحس الموسيقي ما يساعد في تعلمي على الآلات الأخرى بسرعة كبيرة ومن أمثلتها "الأورغ"».

في جامعة البعث

وفي الختام وعلى ذكر الآلات الموسيقية الأخرى ذهب بنا الحديث إلى ما يحب "أسامة" سماعه من الموسيقا والأغاني فقال: «أحب أكثر الأمر سماع "مارسيل خليفة" و"فيروز" و"الرحابنة" بشكل عام وأهمهم "زياد" وكل ما ينتمي إلى هذه المدارس أو هذا النمط الفني، وطبعاً أسمع كل شيء جميل لأن لكل حالة ما يناسبها».

غادرنا بيت "أسامة" في تلك الليلة على أمل زيارته مرة أخرى لسماع أنغامه الجميلة، فقد صار لنا هنا صديق جديد تعلمنا منه من قبل أن نراه أنه يجب علينا الإصغاء جيداً، فقد نجد الأصدقاء خلف أي جدار حولنا.