يحلم الشباب دوماً بالتغيير، ويرى البعض أن التغيير يتأتى من تقديم شيء مختلف في شكله ومضمونه، وما يميّز الشباب دوماً أن الفكرة تكون بحجم حلم، ومع ذلك فهم يدافعون عن حلمهم فيجد البعض من يرعى هذا الحلم، ويصطدم البعض الآخر بمعوقات كبيرة جداً بحجم حلمهم، فيصبح مجرد التفكير بدفع العجلة مرة أخرى حلماً أكبر.

"شادي شموط" يدرُس دبلوم غرافيك في المركز الثقافي الأمريكي، ويعمل في مجال الدعاية والإعلان والإكساء الداخلي في "محردة".

كنا بحاجة إلى حماية حقوق النشر، وهو ما عانينا منه في موضوع تسويق العمل، عند عرض الفكرة، لم نكن ضامنين لفكرة أن يعمل عليها شخص آخر ويخرج المشروع من يدينا

أما "سامح بيجو" فهو مهندس مدني، لكنه اليوم يعمل في مجال التصميم في الإمارات العربية المتحدة.

مشهد من فيلم "مصيدة الموت"

"شادي شموط"، و"سامح بيجو" شابان من مدينة "محردة" أرادا التغيير من خلال فيلم ثلاثي الأبعاد أسموه "مصيدة الموت"، إلا أن هذا الحلم توقف تحت وطأة ضغوطات الحياة.

يقول "شادي" عن كيفية نشوء مشروعهما: «أغلبية الأفكار الكبيرة نشأت في جلسة بسيطة، ونحن توافرت لدينا المعرفة والتطلع، حاولنا وضع ما نعرفه قيد التجربة، فبدأنا البحث عن فكرة تخص المعاناة في مكان ما من المجتمع، توصلنا إلى فكرة تهم العالم ككل، اخترنا فكرة الإدمان على المخدرات، لم نرد أن نطرح هذه الفكرة بأسلوب سلبي ينقل الكره والاضطهاد للمدمن، بل على العكس أردنا الدخول إلى مشاعر المدمن وطريقة تفكيره، بغية التعاطف معه بشكل من الأشكال والإحساس به من أجل البدء بمساعدته وانتشاله من الحالة التي هو فيها».

شادي شموط

ويضيف "سامح": «لم نختر أن ندخل بأسلوب حواري مباشر بل اعتمدنا على الصورة وقدرتها على نقل المعلومة المفيدة، وأردنا أن ندخل التكنولوجيا في مشروعنا، كتبنا النص وشذبناه، وبدأنا العمل به، وتطلعنا للمشاركة من خلاله في أحد المهرجانات، وكان في ذهننا اسم مهرجانين، "مهرجان دمشق السينمائي ومهرجان القاهرة"».

تابع "سامح" من خلال معارفه الكيفية التي ستنقل مشروعهما للحياة، ولكن كثرة الشروط والعقود المفروضة جعلتهما يعملان بجهازهما البسيط فاصطدما بالبحث المعقد وبالصعوبات التي لا تعدّ ولا تحصى.

مرحلة الرسم اليدوي

يقول "شادي": «أنا كمصمم كنت بحاجة إلى مواد أولية تتصف بالدقة، يمكن الحصول عليها بطريقتين، إما عن طريق المتاجر التي ليست موجودة لدينا أصلاً، أو عن طريق الإنترنت وهو الطامة الكبرى، وبعد معاناة حصلنا على هذه الصور- المواد بصعوبة كبيرة، ولتأمين احتياجات العمل سافرنا إلى "دمشق وحلب"، وحصلنا على بعضها والبعض الآخر لم نحصل عليه، في النهاية عملنا بما هو موجود، وعندما تتحدث عن العمل بما هو موجود فهذا يعني أن الدقة انخفضت، ولكن ما توفر بين أيدينا كان كافياً ليدفعنا لمرحلة وقفنا عندها أمام إمكانيات الأجهزة الحاسوبية المتوفرة، واستعنا بأحد الأصدقاء بشيء بسيط لكنه لم يكن كافياً أيضاً لنتقدم بسرعة».

وعن الصعوبات الأخرى التي واجهت المشروع يضيف "سامح": «بعد انطلاقنا بالعمل كان علينا أن نواجه أمراً في غاية الإرباك، فهل ما نعمله مرغوب به لدى الآخرين؟؛ هل هذه الفكرة هي فيلم يرغب الآخرون في مشاهدته على أرض الواقع، توقفنا بعد إنجازنا دقيقة ونصف الدقيقة من العمل الذي كان من المفترض أن يكون بحوالي ستة دقائق ونصف الدقيقة».

توقف العمل وسافر "سامح"، ليعمل في الإمارات العربية المتحدة في شركة تعمل في نفس المجال، وأنجز حلقة من مسلسل تعمل شركته الآن على تسويقه.

وعن العمل الجديد يقول: «في الإمارات توافرت أمامي الإمكانيات فاستطعت أن أنجز عملاً من نفس النوع، وكان السؤال الأهم لم لا أنجز عملاً داخل بلدي أستطيع أن أتقدم به، لم أنا بحاجة إلى شركة خارجية لتدعمني؟، لدينا شباب قادر على تقديم إبداع في هذا المجال، وإذا كانت هذه المواهب تتطور بجهد ذاتي فماذا سيحصل فيما لو كان لدينا أكاديمية تعلم التصميم ثلاثي الأبعاد؟، المعلومات التي أحصل عليها بجهد شخصي خلال فترة أشهر من الممكن أن تقدمها الأكاديمية خلال يوم واحد؛ الفن الثلاثي الأبعاد بات اليوم فناً قائماً بحد ذاته، ولكن نحتاج إلى من يدعمنا.

ما قيمة ما نقدمه هنا؟، هل بالفعل ليس له قيمة في سورية، ولكن هناك من يثمنه في الخارج، أليس من الممكن أن تتوفر مؤسسة تصدّر ما نعمله إلى الخارج؟».

ويضيف: «ألم تتحول الهند إلى الدولة الأولى من حيث المبرمجين؟، وباتت اليوم تصدر مصممين ومبرمجين إلى كل أنحاء العالم، في سورية لدينا حس فني أرقى ولدينا مواهب شابة مهمة ولكنها بحاجة إلى من يهتم بها».

وعن دوره في الفيلم الذي أطلقا عليه اسم "مصيدة الموت" يقول "شادي شموط": «لم نقصد الربح المادي، الفكرة كانت عبارة عن طموح جميل للوصول إلى ما نحلم به من خلال تقديم عمل فني من موهبتنا يخدم مجتمعنا بشكل أو بآخر، في البداية بحثنا الكثير من القضايا لخدمة كل أفراد المجتمع، كان دوري في وضع السيناريو، بالحوار والمناقشة مع زميلي "سامح" في وضع الكاميرات، وتطوير الفكرة لكي يبصر المشروع النور، عملي السابق في مجال الميديا في الإمارات ساعدني في الوصول، لكن الكل كان يطالبنا بعرض تجربة ما، بينما كنا نحن نبحث عن تطويرها، حاولت عن طريق بعض الجهات أن أحصل على دعم معنوي بأسوأ الأحوال على أساس أننا نقدم فكرة سامية، وصلت إلى مرحلة كانت النتيجة أنني توقفت عند بعض النقاط، كنت بحاجة لأن أرتبط بشركة إنتاج قادرة على حمل هذا العمل، إذ كان السؤال دائماً أنه من أنتم؟، حاولت أن أؤمن الدعم المعنوي بأن يقول أحدهم أننا معكم ولو بالكلام، إلا أن شركات الإنتاج تعاطت مع الموضوع بطريقة هروبية، كانت الردود أن الفكرة جميلة ولكننا لن نستطيع تقديم شيء لكما، إلى أن سافر "سامح" وتوقف العمل بسبب ضغوط الحياة ولا يزال العمل متوقفاً إلى النقطة التي يأسنا فيها».

وعن الشجون الاخرى يقول "سامح": «كنا بحاجة إلى حماية حقوق النشر، وهو ما عانينا منه في موضوع تسويق العمل، عند عرض الفكرة، لم نكن ضامنين لفكرة أن يعمل عليها شخص آخر ويخرج المشروع من يدينا».

"مصيدة الموت" فيلم ثلاثي الأبعاد موجه للشباب فوق 16 عاماً، شخصية وحيدة ومحورية تتشعب عنها مجموعة شخصيات، يبحث العمل في مسألة الإدمان على المخدرات وأسبابها وتاريخ شخصية المدمن النفسي، لنصل إلى نتيجة كيف يمكن مساعدة المدمن.