هو لا يعتبر نفسه شاعراً، ويرفض أن يصفه أحدٌ بالشاعر، أو حتى بأنه يملك موهبة الشعر، فالشعر بالنسبة له ليس عبارة عن نشاط ما يقوم به المرء خلال حياته، أو مشاعر داخلية ينقلها ذلك اللسان إلى العالم الخارجي، لكن كتاباته كانت دائماً تحوز على إعجاب الآخرين. هو ببساطة يعتبر الشعر حياته التي يبحث بها عن ذاته قبل أن يفوته الأوان.

موقع eSyria التقى الشاب "علي صدران" يوم الخميس 17 أيلول 2009 حيث حدثنا عن تاريخ علاقته المميزة بالشعر، فقال: «منذ أن كنت في السادسة من عمري سمعت بشيء في هذا العالم يسمى "البحر"، فكان بالنسبة لي كالحبيب الذي أسعى للقائه يوماً، فكتبت لأول مرة نصاً نثرياً عن "البحر" الذي لم يتسن لي لقاؤه إلا بعد ثمان سنوات كنت فيها أزداد تعلقاً وحباً بالحروف والكلمات أو ربما بما يسمى شعراً».

لا تعتقدوا أن علاقتي بالشعر أثرت على حياتي العملية، فأنا لم أقصر يوماً في دراستي، وهذا الموضوع لم يسبب أي خلاف مع أسرتي بل كنت دائماً أنجح بالتوفيق بينهما

وعندما سألناه عن مدى تطويره واهتمامه بموهبته، أجاب: «عندما بدأت بأخذ موضوع الشعر على محمل الجد، كنت أشكل مفاجأة لوالديَّ، فوالدتي كانت تعتبر أن الشعر والأدب بشكل عام هو مجال خيالي، أو غير واقعي إذا صح التعبير، من مبدأ أن لقمة العيش بحاجة إلى مجالات أخرى، أما والدي فقد كان يشجعني بشكل بسيط لكن الموضوع لم يشغل باله كثيراً، فكانت محاولاتي الشعرية مظلومة إلى حد ما، لأنها لم تلق العناية والاهتمام والإرشاد اللازم لأطور نفسي».

علي صدران

وهنا أتى سؤالنا عن سبب عدم تطويره لكتاباته عن طريق المشاركة بالمسابقات والأمسيات التي تقام على مدار العام في جهات عدة، فابتسم قليلاً ثم أجاب: «لقد كان أمامي العديد من الفرص للمشاركة في مسابقات أدبية محلية ولكني أعتقد أن الذين يشاركون في المسابقات بشكل عام يعتبرون الشعر وسيلة للسباق والمنافسة، أما أنا فأرى الشعر هو حياتي، هو السبب الذي أعيش لأجله، وبالتالي فإن قيمته أكبر بكثير من أضعه في مجال للربح أو الخسارة كالآخرين الذين يرون في الشعر عنصراً واحداً من عدة عناصر يشكلون بها حياتهم. أما بالنسبة للأمسيات فربما لم أتجرأ على قراءة نص أمام عدد كبير من الأشخاص، ذلك لأني كنت بحاجة إلى أشخاص يسمعون نصوصي، ويبدون آراءهم فيها أولاً، وهذا ما حدث في السنوات الأخيرة عندما صرت أنشر كتاباتي في المواقع المتخصصة على شبكة الإنترنت، والأهم من ذلك عندما تعرفت على مجموعة من الأصدقاء ذوي الخبرة في هذا المجال، فكانت آراؤهم هي التي ساهمت في تطويري بشكل حقيقي جعلني أضع خطة لنفسي حددت فيها متى سأشارك بالأمسيات ومتى سأنشر ديواناً ما وهكذا».

أما عن ثقته بشعره أضاف: «لقد حاولت كثيراً أن أنمي موهبتي بالقراءة، فقرأت أشعار "نزار قباني" و"محمود درويش" و"محمد الماغوط" ولاحظت أن لكل شاعر أسلوبه وروحه الخاصة في كتاباته، لذلك كنت دائماً أبحث في كتاباتي عن أسلوب مميز وطالما وجدت صعوبة في تمييزه، لكن كتاباتي على الأقل لا تشبه كتابات أحدٍ من الذين قرأت لهم. لكن المشكلة تكمن لدي بأني أشعر بعظمة وقدسية كبيرة عندما أكتب كلمة في قصيدة ولكن بعد أن أفرغ من كتابتها أشعر بأنها عادية، حتى أنني كنت أحياناً أستغرب الإعجاب الكبير الذي تناله قصائدي من المستمعين إن كانوا عاديين أو من أهل الاختصاص، ومع ذلك فأنا ما زلت أحاول أن أكتب بشكل أفضل دائماً».

وعن تأثره بسكنه في مدينة "دمشق" قال: «ربما وجودي في "دمشق" جعلني أضيع بين آلاف الشبان الذين يحملون حباً لموهبتهم، لكن زياراتي لمدينتي الأم "سلمية" أكسبتني الدافع للاستمرار في هذا المجال فكنت أقول دائماً أن "سلمية" تلهمني و"دمشق" ترافقني».

أما عن مشاريعه المستقبلية فقال: «إن تكريس حياتي للشعر دفعني إلى الانتساب إلى كلية الأدب العربي في جامعة "دمشق"، ليس بهدف التدريس عندما أتخرج، بل لكي أمتّن علاقتي بالشعر قبل كل شيء، أما الأمور الأخرى فتأتي لاحقاً».

وختم بالقول: «لا تعتقدوا أن علاقتي بالشعر أثرت على حياتي العملية، فأنا لم أقصر يوماً في دراستي، وهذا الموضوع لم يسبب أي خلاف مع أسرتي بل كنت دائماً أنجح بالتوفيق بينهما».

ومن قصائده التي يحبها، قصيدة "احتراق":

نحن رسالة .......

أرسلنا الحب إلى الدنيا

وحين نموت.......

نصبح رداً ترسلنا الدنيا إلى الحب

أنا أرسلني الحبُّ إليكِ......

رسالةً ناصعة الكلمات

فلماذا حين مت

أرجعتني إلى الحب

رسالة محترقة........؟

لم أعتقد يوماً

أنّ الأيام ستكون... حاجزاً دامياً بيننا

ولكن هذا هو القدر

إذا شاء شيئاً

يقف الكون بجانبه

إنّي الآن أومن بالقدر

كي أحاول النسيان

والآن.....

سأعبد جميع لحظاتنا

فربما ذلك الإله........الساكن في عينيك

يغفر لي......

سأجمع كل الحروف وأعطيها للزمن

لعلّه يعيدني إلى لحظةٍ

كنتُ فيها حياً

أتذكرين حين قلت لي

بأنّك تخافين الأقدار

لماذا كذبتِ عليّ؟

فلا يمكن للمرء أن يخاف شيئاً

ينبثق من عينيه

إنّي نيران تشتعل

والأمل يسير بخشوعٍ نحوي

إنّي نيرانٌ تشتعل

لأجعل الحزن حياً

رغم احتراقي.....

ستبقين أنتِ

في قاع القلبِ

سراً.. لن يعرف به أحد