لم ينلِ العمر من طموحها الذي كبر مع أعوامها الـ53، ولم يثنها عن تحقيق حلمها في القراءة والكتابة، فالتحقت بدورة محو أمية ونالت شهادة فيها، لتقرأ القرآن والجرائد اليومية، وتكون قدوةً لنساء كثيرات.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 2 كانون الثاني عام 2020 التقت المربية "ريمة فطوم" لتحدثنا عن طفولتها و حياتها قائلة: «كنت الفتاة الرابعة في أسرتي، ولم يتم تسجيلي في قيد النفوس، حتى أنجبت أمي أخي بعد سنتين من ولادتي عام 1935 وسجلنا كتوءمين وعندما بلغت السادسة من عمري تعلمت غزل الصوف بالمغزل من جارتنا "فطمو الضوا" الوحيدة لأهلها، وفي الثامنة من عمري صنعت الألبسة الصوفية كشال لأمي وكنزات لبقية أفراد أسرتي، ولا سيّما أنّ أهلي يربون الأغنام والصوف موجود بكثرة، وفي التاسعة من عمري تعلمت تطريز الوسائد والشراشف وصنعت أغطية الطاولات بسنارة واحدة، وهكذا أمضيت طفولتي، حتى تزوجت في السابعة عشرة من عمري وكان زوجي متطوعاً في الخدمة العسكرية فسافرت معه إلى أماكن خدمته في "غاورغو" وهي على الحدود التركية السورية وإلى "حلب" وإلى "واسط" على الحدود السورية الفلسطينية ثم "دمشق" ثم إلى "حمص" عام 1957 وأمضيت فيها سنتين ثم إلى "سلمية" حيث عملت في مهنة خياطة، ولم تمنعني آلامي الشديدة في ركبتي من متابعة العمل لتساعدني في تغطية نفقات تربية الأولاد، وبعدها أجريت عمليتين لهما واستبدلت المفاصل، وكنت قد أنجبت طفلتين ومات طفلي أثناء الولادة فكان عذراً لزوجي للزواج بأخرى فأنجبت له ثلاثة أطفال، وبعد وفاته عام 1970 تركتهم والدتهم وهم صغار، لكني قمت بتربيتهم كأطفالي».

أعرفها منذ طفولتي إنها إنسانة متصالحة مع ذاتها وهي ذات شعبية اجتماعية ومحبوبة، وهي مربية فاضلة ربت ابنتيها "وسام" و"رفاه" تربية صالحة ودفعتهما للتحصيل العلمي لتحقق طموحها بنجاحهما وأصبحتا معلمتين، حتى أنها تمارس هذه التربية على من يحيط بها كأنّها أم للجميع، وهي واثقة من نفسها وتحقق ما ترغب به، تعتمد على نفسها وحوّلت معاناتها لقوة وحكمة، تحبّ الحياة وتنشر ثقافة الحب والعطاء وتقديم الخير ولو بالكلمة الطيبة

وعن تحررها من الأمية تحدثنا المربية "ريمة" قائلة: «عندما بلغ أخي السادسة من عمره وذهب إلى المدرسة، كنت أتحرق شوقاً لأذهب مثله للتعلم وكمثل الفتيات الأخريات حتى الأكبر مني سناً كن يتعلمن، لكن والدتي منعتني من ذلك، ومنعتني حتى من الذهاب إلى (الشيخة)، كي أساعدها في أعمال المنزل، وخوفاً من التمرد والتحرر وكتابة رسائل الحب كما كان يقال على ألسنة ذاك الجيل، وكبر معي حلمي وفي عامي الثالث والخمسين سمعت من جاراتي عن دورة لمحو الأمية في صيف عام 1986 يقيمها المربي "تاج الدين القصير"، فالتحقت بها وثابرت عليها وتفوقت بها وأصبحت أقرأ القرآن وأي جريدة وما زلت».

أعمال يدوية للمربية ريمة فطوم

المربية "رولا السيد" تحدثت عن "ريمة" قائلة: «أعرفها منذ طفولتي إنها إنسانة متصالحة مع ذاتها وهي ذات شعبية اجتماعية ومحبوبة، وهي مربية فاضلة ربت ابنتيها "وسام" و"رفاه" تربية صالحة ودفعتهما للتحصيل العلمي لتحقق طموحها بنجاحهما وأصبحتا معلمتين، حتى أنها تمارس هذه التربية على من يحيط بها كأنّها أم للجميع، وهي واثقة من نفسها وتحقق ما ترغب به، تعتمد على نفسها وحوّلت معاناتها لقوة وحكمة، تحبّ الحياة وتنشر ثقافة الحب والعطاء وتقديم الخير ولو بالكلمة الطيبة».

وتضيف المربية "فاطمة عجوب" عن "ريمة" قائلة: «أعرفها منذ طفولتي بحكم الجيرة، وعلاقتنا كأسرة واحدة لذلك أناديها (عمتي)، لأنها حنونة ولطيفة، وتربطني مع بناتها علاقة أخوّة، ربت أبناء زوجها بعدما تركتهم والدتهم، ودرّست بناتها وأصبحتا معلمتين، وهي خيّاطة ماهرة، تجتمع عندها نساء الحي وتعلمهم ثقافة الصبر والمحبة وتعمل على إصلاح العلاقات الاجتماعية بين المتخاصمين، أحبت العلم وحققت طموحها في تعلم القراءة والكتابة وهي إنسانة تتميز بالنظافة الشخصية وفي منزلها تهتم بنفسها جداً، عانت منذ طفولتها وحتى في زواجها لكن عوضها القدر بتفاني ابنتيها في خدمتها، وهي كريمة فبيتها مفتوح للجميع على المحبة وكرم الضيافة والكلمة الطيبة، تخلق الجو اللطيف الضاحك بحبها للدعابة، وتروي لنا القصص الجميلة المسلية التي تمنحنا العبرة في الحياة».

شهادة تحرر من الأمية

يذكر أنّ المربية "ريمة فطوم" من مواليد "سلمية" عام 1933.