شلل الأطفال كان حافزاً نحو التفوق والتميز بأكثر من مجال وخصوصاً مجال الرياضة، لتحصل على العديد من المراكز الأولى في أكثر من بطولة، وتثبت أنها إنسانة كاملة ومتوازنة، وأن الإعاقة الحقيقية بالعقل وليست بالجسد.

مدونة وطن "eSyria" التقت بطلة "سورية" بألعاب القوى ورفع الأثقال والطاولة "فداء شريف شدود"، بتاريخ 29 كانون الثاني 2018، لتحدثنا عن تحديها لإصابتها وتجاوزها لها، فقالت: «أصبت بشلل الأطفال بسنّ الثانية، فبدأت معاناتي في المرحلة الابتدائية بين رفاقي، وخصوصاً بالوصول إلى المدرسة، حيث إنني لا أمتلك جهازاً لشلل الأطفال، وكان بعض الطلبة يقومون بتقليدي ونعتي بألفاظ سيئة، فكان كل ذلك حافزاً لأتحدى أقراني وأتفوّق عليهم، وخصوصاً أنني أقطن في ريف بعيد عن المدينة. وكان لأسرتي دور كبير في تحفيزي ودفعي لتجاوز إعاقتي وخصوصاً في قضية العلاج والتعليم.

لأنني أؤمن بأن العمل سلسلة متواصلة وفي مرحلة ما سأتوقف عن اللعب، وبما أنني من أوائل الرياضيين السوريين من ذوي الإعاقة، سأتابع في مجال التدريب والتحكيم والتصنيف الوظيفي من خلال متابعة الدورات في هذا المجال، لاكتساب خبرات جديدة والاستمرار في العطاء في مجالنا

بعد حصولي على الثانوية، حصلت على فرصة عمل بالشركة العامة لتجارة التجزئة بـ"حمص"، فحصلت على الاستقرار المادي وشعرت بضرورة حصولي على شهادة علمية، فهي بالنسبة لي جواز سفر، فقمت بمتابعة دراستي الجامعية ودرست الآداب، قسم اللغة الإنكليزية، وبعد التخرج التقيت الأب "ميشيل نعمان" ليكون محفزاً لي لدخول عالم الرياضة بعد مساعدتي بالحصول على جهاز شلل الأطفال لأتمكن من السير، وخصوصاً أنني أريد الحفاظ على لياقتي البدنية والاهتمام بصحتي. ثم انتسبت إلى اللجنة الفنية للرياضات الخاصة بـ"حمص" عام 1994، وبدأت مسيرتي الرياضية بألعاب القوى، حيث تمكنت من تحقيق المراكز الأولى على مستوى الجمهورية لعدة سنوات متتالية».

خلال التمرين

وعن مسيرتها الرياضية والجوائز التي حصلت عليها، قالت: «الرياضة الأولى التي مارستها كانت رياضة القوى، ثم مارست رياضة رفع الأثقال، فنلت المركز الأول والذهبيات الثلاث (رمي القرص، ورمي الكرة، ورمي الرمح) (وقوف وجلوس)، وأيضاً لقب بطل الجمهورية على مستوى "سورية" لعدة سنوات بأوزان 44كغ و48كغ، ثم دخلت مجال رياضة كرة الطاولة "بينغ بونغ" وأخذت لقب بطل الجمهورية (جلوس ووقوف) لسنوات متتالية، وأخيراً حزت المركز الثالث على مستوى الجمهورية في الريشة الطائرة بوضعية الجلوس، وفي مشاركاتنا خلال العام الحالي ببطولة الجمهورية وكأس "تشرين"، نلت العديد من الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية والكؤوس بكافة الرياضات التي مارستها، وشاركت بسباق المحافظة الذي أقامه فندق "سفير حمص"، وحصلت على المركز الأول بسباق الجري، وشاركت هذا العام بماراثون "السلام لسورية" مع نادي "السلام"، وكانت مشاركة رائعة جداً.

كما أنني قد شاركت في العديد من دورات التدريب والتحكيم والتصنيف في كرة السلة على الكرسي المتحرك (جلوس)، والتصنيف لألعاب القوى والتدريب والتحكيم بكرة الطائرة بوضعية الجلوس».

الأب ميشال نعمان

وتحدثت عن نادي "السلام" للمعوقين ودورها فيه قائلة: «نادي "السلام" أسرة جميلة هدفه اجتماعي ثقافي تربوي توعوي، وقد كنت من أعضاء مجلس الإدارة فيه، حيث كانت البطولات بالنسبة لنا جميعاً كرحلة ترفيهية، نلتقي خلالها رفاقنا المشاركين من كافة المحافظات لاعبين أو إداريين.

رسالتي لكل المعوقين الذين لا يحبون الظهور ويرفضون الحديث عن الأمر، هي أن الله منحنا قدرات كامنة داخلنا؛ فلماذا لا نهتم بها ونظهرها ونطورها؟ لماذا لا نعدّ أنفسنا متميزين، وحقنا الطبيعي أن نكون قدوة سواء لذوي الإعاقة أو للصحيحين، ولا تنحصر الإعاقة بالجسد، وإنما توجد إعاقة نفسية وعقلية وفكرية واجتماعية، ومن أهم أولوياتي الاهتمام بحقوق ذوي الإعاقة، فقد حضرت العديد من الندوات بهذا الخصوص في "سورية والأردن ومصر ولبنان" لنتعرف إلى حقوقنا وواجباتنا، وأثبت أننا من أبناء الحياة، وأننا لسنا ذوي إعاقة، وإنما أصحاب إرادة وتصميم ولدينا هدف في الحياة مفاده أننا متساوون مع الأسوياء كل بمجاله».

وعمّا إن كانت ستستمر بخوض البطولات وممارسة الرياضة، قالت: «لأنني أؤمن بأن العمل سلسلة متواصلة وفي مرحلة ما سأتوقف عن اللعب، وبما أنني من أوائل الرياضيين السوريين من ذوي الإعاقة، سأتابع في مجال التدريب والتحكيم والتصنيف الوظيفي من خلال متابعة الدورات في هذا المجال، لاكتساب خبرات جديدة والاستمرار في العطاء في مجالنا».

الأب "ميشال النعمان" العراب الناصح والمرشد لـ"شدود"، قال: «بطلتنا امتحنها رب العالمين بمرضها وإصابتها، لكن ذويها اهتموا بحالتها وعملوا على علاجها، وقمت بمساعدتها مع أسرة "الإخاء" السورية وبعض المؤسسات الإنسانية للعلاج في "سويسرا"، فتمكنت بعزيمتها وطموحها ومحبتها للحياة من الحصول على التميز في عدة مجالات رياضية والحصول على لقب الجمهورية، وتتميز بابتسامتها الدائمة لتعطي الأمل لجميع الناس قبل ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي تملك حسّاً وطنياً عالياً وقلباً محباً للجميع».

الجدير بالذكر، أن "فداء شدود" من مواليد قرية "المبعوجة" التابعة لمدينة "السلمية" في محافظة "حماة" عام 1959، تقطن في مدينة "حمص"، حائزة على إجازة بالآداب، قسم اللغة الإنكليزية، ونالت لقب بطولة الجمهورية أكثر من مرة.