أبدعت في التعبير عن حبها للفن من خلال المعارض، وهي التي اشتهرت أنها تدرّس بقلبها وعقلها لكي تبقى لوحات التلاميذ محفوظة في الذاكرة أمداً طويلاً، وتخلق من خلال اهتمامها فنانين محترفين للمستقبل.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 تموز 2018، التقت المدرّسة "رائدة ثلجة" لتتحدث عن بداياتها، فقالت: «أحب الرسم منذ طفولتي، وبعد تخرجي عام 1987 كان همي الأساسي العمل بكل حب وإخلاص لتنمية مواهب التلاميذ، فنسيت نفسي بينهم، ودخلت أعماقهم، وبدأت توجيه قدراتهم.

تأثرت بالمدرسة الواقعية، ويلفت انتباهي كل ما هو جميل، وخاصة الطبيعة؛ أعشق جبالها وأنهارها وبحارها وأزهارها، فالفن هو أساس رقي الدول وحضارتها وممارسة الفن التشكيلي تعزز الثقة بالنفس، وتمنح إحساساً بالسعادة

أقمت المعرض الأول في قرية "تلدرة"، وأذكر من التلاميذ الموهوبين في فن الكاريكاتير "رائد ونضال خليل" اللذين أصبحا مشهورين على مستوى عالٍ، وكنت دائماً أعتز وأفتخر بهما عندما أراهما على شاشة التلفاز.

جانب من معرض مشرفة عليه في إحدى المدارس

وبعد ثلاث سنوات انتقلت إلى مدارس "السلمية"، وأقمت عدة معارض في مدرسة "أبي الحسن"، ومدرسة "ميسلون"، ثم سافرت في عام 1994 إلى دولة "الكويت"، وعملت كمدرّسة للتربية الفنية في إحدى مدارسها الخاصة، واطلعت على مناهجهم، واستفدت من خبرات زملائي، وأقمنا عدة معارض كانت مميزة وتجربة غنية بالنسبة لي ولمسيرتي التعليمية».

تتابع حديثها عن تجربتها بعد العودة إلى "سورية" عام 1999: «التحقت بالتدريس، وتابعت عملي كمدرّسة لمادة التربية الفنية، وكنت أقيم في كل عام معرضاً مدرسياً مميزاً أعرض به أعمال التلاميذ الموهوبين من رسم وزخرفة ونحت وأعمال يدوية، على الرغم من معاناتنا من عدم وجود غرف ومراسم خاصة، والآن وبعد خدمة ثلاثين عاماً قررت بدء دورات تأهيل للموهوبين».

تهتم بكل ما يتعلق بالطفل

تقول عن المدارس التي تأثرت بها فنياً: «تأثرت بالمدرسة الواقعية، ويلفت انتباهي كل ما هو جميل، وخاصة الطبيعة؛ أعشق جبالها وأنهارها وبحارها وأزهارها، فالفن هو أساس رقي الدول وحضارتها وممارسة الفن التشكيلي تعزز الثقة بالنفس، وتمنح إحساساً بالسعادة».

تكمل الحديث عن العائلة والمشاريع المستقبلية: «عائلتي تعشق الفن من خلال أشياء كثيرة، وإن كانت بسيطة؛ في زراعة الأزهار، وخياطة الملابس من قبل والدتي وأختي الكبرى والتفنن بها، وأخي "عزت" درس كلية الفنون الجميلة واختص بالديكور، وهو فنان شامل بكل معنى الكلمة، لقد شجعته في دراسته لأنني لمست في لوحاته موهبة ذات طابع مميز، وهو الآن في "بريطانيا" يحضّر لمعرضه الخاص هناك، إضافة إلى ابن أخي "جميل" الذي يدرس في كلية الفنون الجميلة اختصاص النحت. والآن أعمل بكل طاقاتي لأكون داعمة وموجهة لتنمية المواهب الواعدة، وأحضّر لأعمال خاصة بي إذا قدّر لي ليكون معرضي الخاص الأول بعد مسيرة طويلة من العطاء، فالفن روح تتغلغل في أعماق الجسد يبدأ كهواية، وبعدها يصبح جزءاً من كيان كل فنان».

يقول "حسين الوسمي"، وهو مدير إحدى المدارس التي عملت فيها المدرّسة "رائدة": «موهوبة ومحبة لمادتها، وانعكس ذلك أولاً في جودة أعمالها الفنية رسماً أو زخرفة، وثانياً في الحب الكبير من قبل تلاميذها الذين كانوا يشعرون بقربها منهم، ويلمسون رقة مشاعرها تجاههم؛ الذي كان يتجلى فيها الحب والصدق، وكانت تحاول أن ترتقي بهم لتذوق الفن وانعكاس ذلك على علاقتهم الاجتماعية وعلاقتهم بالبيئة والاستفادة من توالفها، وجعلها ذات قيمة فنية ونافعة في بعض المجالات.

أما بصماتها، فكما أنها طبعت على جدران المدرسة لوحات فنية لا تزال موجودة، أيضاً طبعت في قلوب زملائها احتراماً وحباً باقيين، وإن غابت عنا، فلا يزال طيفها الأنيق الجميل، ونبلها أمر يفرح القلب، ويشعرك برقي الإنسان المخلص».

يذكر أن "رائدة ثلجة" من مواليد مدينة "السلمية"، عام 1962.