ترك بصماته ذات الأثر الكبير في عقول وقلوب أجيال تلقوا التعليم في صفوفه، فحظي بمقام الأب والمعلم الناجح، حتى أصبح قدوةً لكل من يعرفه، وطبّق أفكاره التربوية على أولاده قبل أن يطبّقها في الصف.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 23 حزيران 2015، المربي الفاضل "يوسف حمدان"؛ ليحدثنا عن بداية عمله وأسلوبه المهني في سلك التربية قائلاً: «التعليم مهنة شريفة ومن أسمى المهن، ولأنني أحبها قمت بتدريس مواد مختلفة على نظام الساعات بعد حصولي على شهادة الثانوية العامة بين عامي 1970-1980، وأجريت دورة تأهيل تربوي "صف خاص"، ومن خلالها تم تعييني رسمياً كمعلم في مدارس التربية، كنت على قناعة بأن الطلبة في المرحلة الأولى عبارة عن خامة بيضاء، تحتاج إلى أساليب متعددة في التعامل لكسب الثقة والتفاعل، وبقدر الاهتمام بهم يكون العطاء وفيراً، وأرى أن من أفضل الأساليب الترغيب؛ من خلال تشجيعهم بالحصول على درجات عالية، تؤهلهم لولوج مستقبل مشرق وتبوؤ مكانة مرموقة في المجتمع وتكوين شخصية محبوبة، وفي بعض الأحيان لا بد من الترهيب والحزم -من غيرعنف- كالتهديد بنتائج الإهمال والتقصير، أي الفشل الذي يؤدي إلى الإحباط والشعور بالذنب بعد فوات الأوان، كنت أتبِّع أسلوباً مازجاً بين القسوة واللين والفكاهة في بعض الأحيان، وهو ما جعل الطريق إلى عقل الطالب معبداً بالنجاح».

يعد "حمدان" من الرجال الذين أعطوا الشيء الكثير للقرية من أيام شبابه حتى الآن، وقد اعتمد على ذاته، ويأكل لقمته بعرق تعبه، وأنشأ أبناءه نشأة صالحة، وربّاهم على القيم والمثل الأخلاقية العليا، والقرية تفتخر بهم، فلا تنقصهم ثقافة أو أدب، وهذا يعدّ بنظر الجميع تطبيقاً لمنهجه التعليمي والتربوي. وله دور بارز في الجانب الخدمي للقرية، وكان من القائمين والمؤتمنين على متابعة المشاريع الخدمية والمشرفين على إنجازها، وفي الشأن الاجتماعي كان من التوّاقين لتصبح القرية نموذجاً ومثالاً للتماسك والتكافل، ولاحتواء أي مشكلة أو معضلة حتى ولو على حسابه الشخصي أو المادي. تخرج من تحت يديه الكثيرون من الطلاب، ومنهم اليوم من يشغل مراتب عليا، ونفتخر بوجوده وبأخلاقه العالية وحرصه على أي شخص كأنه ولده أو أحد إخوته

ويتابع "حمدان" عن علاقته وتعامله مع طلابه: «التفاوت بين الطلبة من ناحية المستوى والتجاوب مع المدرس يتطلب جذب الجميع واستيعابهم من خلال تنمية روح المنافسة، وخلق الألفة والحيوية داخل الصف بتكليفهم بواجبات مختلفة، ولقائهم بالبهجة والابتسامة لتغييرالمزاج النفسي والمعنوي أثناء بعض الحالات الانفعالية من أجل تحقيق الاندماج والاستجابة المطلوبة للوصول إلى النتائج المرجوة، وكنت حريصاً على المراقبة والمتابعة الدقيقة لكل تفصيل ومشاهدة واجباتهم المدرسية بالدرجة الأولى، وتوجيههم لاستدراك كل خطأ؛ سواء كان كتابياً أم شفهياً، لتنمية الإحساس بالمسؤولية والشعور بالاهتمام وتعلم الانتظام، ومن أولوياتي أن تكون علاقتي مع أهالي الطلبة قوية، يغذيها التواصل المستمر، لوضعهم بصورة المستوى العملي لأولادهم وإحاطتهم بالتوجيهات والملاحظات المناسبة؛ لمساعدة المدرّس في تحقيق هدفه التربوي».

المربي "يوسف حمدان"

ومن المعروف أن المعلم يقضي فترات طويلة مع طلابه، فيعتاد النظام الذي أسسه لهم، وإن كان مقتنعاً ومتبنياً لهذا النظام؛ تراه يسعى إلى تطبيقه في بيته، فالالتزام والتقيد بأوقات الدوام وأداء الواجبات، كان أحد أبرز خطوط تربيتي لأولادي، إلى أن حجزوا مقاعدهم الجامعية في مختلف الكليات، "الترجمة، الأدب الإنكليزي، الفيزياء والكيمياء، الفلسفة، الهندسة البحرية، والطب البشري».

رئيس المجلس البلدي للقرية "إبراهيم معلا" وقد كان أحد طلاب "حمدان"؛ التقته مدونة وطن، فحدثنا عنه قائلاً: «هو إنسان ناجح، ومحب لمهنته، يتميز بتعامله الحنون مع أبنائه الطلبة، ويخلق جواً من المرح والبشاشة، وفي ذات الوقت جدي أثناء الإعطاء.

"إبراهيم معلا" من طلابه

حبه لمهنته أكسبه الود المتبادل مع كل الطلاب، فهو يعطي الثقة للطالب الضعيف حتى يمده بالزخم والدفع نحو التقدم، وأذكر أن الصف بطلابه -الخمسين تقريباً- كان يخلو من كارهٍ للمعلم "حمدان"، فالجميع يعدونه بمنزلة الأب، نظراً لتميزه بعطائه وأسلوبه الرائع، وأثناء شرحه للدرس يستقطب اهتمام الجميع، ويشدهم إليه بطريقته كأنه يسرد قصة، وفي حال تقصير بعضهم يستدعي أولياءهم للقدوم إلى المدرسة، ليبقوا على اطلاع ودراية بأوضاعهم ومعالجة أسباب التقصير بإسداء النصائح والمشورة، وكان يقضي على الشعور بالملل برسم الضحكة والسرور في نفوسنا، وقد تخرج على يديه العديد من الأكاديميين والضباط والعمال، والجميع يكنّ له الاحترام ويعدّه القدوة والنبراس، لأنه إنسان قبل كل شيء، ومربٍّ ناجح في عمله وبيته، فهو شجرة مثمرة تعطي ثمارها الناضجة لكل من يلتزم بحكمتها، فتراه الواعظ والمرشد لنا فردياً أو جماعياً في حال واجه أحدنا مشكلة ما، كل ذلك جعله مرجعاً ومربياً عظيماً في نظرنا، وفي نظر كل الأجيال التي نهلت العلم والتربية في صفوفه».

كما التقينا "محمد الحموي" من أهالي القرية؛ ليحدثنا عنه كمربٍّ ومرجع اجتماعي، يقول: «يعد "حمدان" من الرجال الذين أعطوا الشيء الكثير للقرية من أيام شبابه حتى الآن، وقد اعتمد على ذاته، ويأكل لقمته بعرق تعبه، وأنشأ أبناءه نشأة صالحة، وربّاهم على القيم والمثل الأخلاقية العليا، والقرية تفتخر بهم، فلا تنقصهم ثقافة أو أدب، وهذا يعدّ بنظر الجميع تطبيقاً لمنهجه التعليمي والتربوي.

"محمد الحموي" من أهالي القرية

وله دور بارز في الجانب الخدمي للقرية، وكان من القائمين والمؤتمنين على متابعة المشاريع الخدمية والمشرفين على إنجازها، وفي الشأن الاجتماعي كان من التوّاقين لتصبح القرية نموذجاً ومثالاً للتماسك والتكافل، ولاحتواء أي مشكلة أو معضلة حتى ولو على حسابه الشخصي أو المادي.

تخرج من تحت يديه الكثيرون من الطلاب، ومنهم اليوم من يشغل مراتب عليا، ونفتخر بوجوده وبأخلاقه العالية وحرصه على أي شخص كأنه ولده أو أحد إخوته».