لم يقف عند حد معين من التعلم والمعرفة، تنقل خلال حياته إلى عدة أماكن، تاركاً في كل زاوية منها تذكاراً صغيراً من فلسفته الخاصة بالحياة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 20 آب 2014، الإعلامي "أحمد الإبراهيم"؛ ليحدثنا عن نشأته وبداياته، يقول: «ولدت عام 1964، وترعرعت في مدينة "سلحب" في محافظة "حماة"، هناك حيث علمتني هذه القرية؛ الصغيرة مساحةً والغنية خضاراً وجمالاً وسحراً، كل ما يمكن أن أتعلمه حتى استطعت أن أصنع من نفسي "أنا"، أذكر حتى الآن تلك المصطلحات التي تربينا عليها حتى غدت اليوم أجمل ذكريات طفولتنا، إنها بيادر القمح في "سلحب"، التي تعلقت بها وكونت لي شخصيتي، وتلك الأرض المنبسطة على امتداد النظر التي تعلمت منها عمق التفكير وسعة الأفق، إلى أن غادرتها في عام 1984 مسافراً إلى تركيا لأدرس هندسة الوراثة كما كنت مخططاً لتعليمي الجامعي، فلطالما فضلت النظرة الفلسفية والتفسير الفلسفي للكون، إلا أن ضغوط الحياة هناك، وجو المجتمع المشحون والمتعارك ثقافياً وفكرياً في ذلك الوقت، وضع عوائق في طريقي لأكمل دراستي الجامعية، ولكن هذه العثرات لم تحد من طموحاتي وحبي للتعلم، فقد كنت أقضي معظم وقتي في القراءة والمطالعة، وتعمقت في الأدب التركي وتأثرت به كثيراً».

إنه رجل عصامي، يتمتع بروح أدبية عالية، ويرى كل جانب من جوانب الحياة بنظرة فلسفية خاصة به، يحاول أن يبني من خلالها مجتمعاً مثقفاً، واعياً، وسليماً فكرياً وعقلانياً

بعد عودته إلى وطنه الأم "سورية" تغير مجرى حياته، وعن هذه المرحلة حدثنا قائلاً: «عدت إلى "سورية" عام 1988 محملاً بحقائب من الكتب الفلسفية والأدب التركي، وأتممت تعليمي الجامعي في جامعة "دمشق" حيث درست علم النفس ونلت شهادة دبلوم التأهيل التربوي، وبدأت أترجم الكتب التي قرأتها وأحببتها من اللغة التركية إلى اللغة العربية، وأعطيها للأصدقاء لما تحمله من رسائل فكرية وثقافية مفيدة في الحياة الاجتماعية، إلى أن أصبحت الترجمة مهنتي، فترجمت إلى اليوم نحو 15 كتاباً من بينهم: "بين الراكب والماشي"، "آلة الخطابات"، "آه منا نحن المثقفين الجبناء"، ومن الكتب المؤثرة فيّ جداً التي ترجمتها بشغف كبير: "مساء ذبول الوردة"، و"المحارب" لمن يريد أن يصنع شخصية متكاملة».

غلاف كتابه المترجم

إضافة إلى الأدب، أحب السيد "أحمد" الشعر كثيراً وأبدع فيه، فقال: «لطالما حلمت أن أصبح شاعراً، وكنت أقضي الكثير من الوقت في تركيا وأنا أقرأ الشعر، ولم أحب أن أنتمي إلى ثقافة واحدة، لأن ذلك يقيد الشاعر ويحد من حرية تفكيره وسعة أفقه، فقرأت لعدة شعراء منهم: "ناظم حكمت"، "حسن حسين"، "هيجل"، "ماركس". واليوم لي ديواني الخاص بعنوان "في هذا القبر الواسع تحت هذه السماء الضيقة"، اعتمدت فيه على الشعر اليومي الذي ينهل من الحياة اليومية ويُكتب بلغتها.

وقد أضاف الأدب التركي الكثير إلى مخزوني الشعري، فقد كنت أستعين عند كتابة الشعر بعلم النفس وأخذ الشيء غير الواضح بالقصيدة، فتراني أقول مقطعاً من قصيدة لي بعنوان "نرجسية": "جرت معركة بيني وبين وبيني، ووزعت الجوائز على الفائز الأول أنا، والفائز الثاني أنا، والفائز الثالث أيضاً أنا"».

والإعلامية هنادي ابراهيم

الإعلامية "هنادي ابراهيم"؛ التقتها مدونة وطن لتحدثنا عن علاقتها مع الإعلامي "أحمد الإبراهيم" وأهمية ما قدمه من نتاج فكري وثقافي فعال للمجتمع، فقالت: «إنه إنسان في الدرجة الأولى، يستند دائماً في تعامله مع الآخرين إلى القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية التي تحترم الكبير قبل الصغير، فهو من دون مبالغة عندما يجالس الأطفال يغدو طفلاً، وعندما يجالس العمالقة يغدو رجلاً عملاقاً بفكره وإيديولوجيته التي تعتمد الإنسان محوراً لها، إنه رجل معطاء لدرجة لا توصف، ولا شك أن العطاء هو حالة إبداعية تتطور مع تراكم الخبرات والتجارب.

والأستاذ "أحمد" في سيرته الذاتية قدر كبير من الخبرات والتجارب ما يصل به إلى هذا الحد من النضج الاجتماعي والإنساني، وإلى الآن لديه القدرة على التعليم وتطوير قدرات الآخر باعتماده على رسائل غير مباشرة من خلال الأحاديث الاجتماعية، وإدارة الانفعالات التي يواجهها على مختلف الصعد، أما على صعيدي الشخصي، فكان له دور كبير في تطوير مهاراتي باللغة التركية، وذلك من خلال منحه لي فرصاً كبيرة لزجّي بين الوفود التركية التي تستضيفها "سورية" في معظم الفعاليات، ما حفز عندي الجرأة وسهولة النطق؛ وهذا ما أثر في حياتي المهنية وساهم في تغيير طريقة تفكيري والتعاطي مع أمور الحياة بشكل إيجابي، لأنني استطعت بفضل اللغة أن أطَّلع على ثقافة الآخر وأقتبس منها ما هو جيد».

كما حدثنا الإعلامي "علي أصلان" عن "أحمد الإبراهيم" فقال: «إنه رجل عصامي، يتمتع بروح أدبية عالية، ويرى كل جانب من جوانب الحياة بنظرة فلسفية خاصة به، يحاول أن يبني من خلالها مجتمعاً مثقفاً، واعياً، وسليماً فكرياً وعقلانياً».

شغل العديد من المناصب خلال مسيرته العملية، فكان عضو اتحاد الكتاب العرب، وعضو غرفة تجارة "حماة"، وعضو غرفة زراعة "حماة"، وعمل محرراً ومدققاً في جريدة الفداء، وهو اليوم يعمل كرئيس للقسم التركي في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى عمله كمترجم.

من الجدير بالذكر أن السيد "أحمد" لديه الكثير من الأعمال والبرامج الإذاعية والتلفزيونية الثقافية والاجتماعية، ومن برامجه التي يعمل عليها حالياً البرنامج الإذاعي "هنا لواء اسكندرون من دمشق" مع الإعلامية "هنادي ابراهيم" التي تتشارك معه في الإعداد والتقديم.