بمشوار بدأ منذ أكثر من عشرين عاماً، نذر "نبيل عيد" حياته لمواكبة التكنولوجيا وتعليمها للأشخاص ذوي الإعاقة، وكأول شخص من المنطقة العربية استطاع بمجهوده الدائم أن يجعل دوره حاضراً في أهم البرامج العالمية التي تعنى بهم.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 1 آذار 2014 التقت المهندس "نبيل عيد"، ليبدأ حديثه عن أول اهتماماته بالتكنولوجيا، بقوله: «من خلال دراستي في كلية الهندسة المدنية قبل التسعينيات، تعلمت مبادئ الكمبيوتر والخوارزميات، ولم يكن في تلك الفترة أي أثر للحواسب أو "الموبايل"، ولأنني مهتم جداً بقضايا التنمية حملت على عاتقي مهمة إيصال التكنولوجيا إلى الناس وكيفية استخدامها، ففي عام 1993 افتتحنا أول مقر للكمبيوتر في مدينة "سلمية" تحت عنوان "نادي الشبيبة للعلوم والحاسوب" في المركز الثقافي ضمن المدينة، من أجل نشر وتعزيز ثقافة الوعي تجاه مفهوم الكمبيوتر، فبدأنا دورات لغات البرمجة مع أجهزة صخر Ax 170 المتوافرة في تلك الفترة؛ فيتم وصل الجهاز على تلفاز صغير ونعمل عليه بلغة البيزيك».

بمبادرة شخصية بحتة وكعمل تطوعي عملت مع الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية، فأخذنا عينة منهم (إعاقة سمعية، توحد، إعاقة ذهنية أو متلازمة داون) وقدمت لهم برنامجاً خاصاً بهم، وبمساعدة أمهاتهم استطعت تنمية مهاراتهم في استخدامهم للتكنولوجيا

كان "عيد" أول من علم مبادئ الكمبيوتر للناس في مدينة "سلمية" ليس هذا فحسب بل اهتم بالأطفال ذوي الإعاقة، يقول: «طلب مني أحدهم أن أساعد طفله وهو من ذوي الحاجات الخاصة، وأعلمه كيفية استخدام الحاسب، ومن هنا جاءت فكرة إيجاد لغة الإشارة لهؤلاء الأطفال واستخدام الكمبيوتر للصم والبكم، فتمت دعوة نحو اثني عشر طفلاً لديهم إعاقة سمعية أو بصرية، فأوجدت لهم لغة الإشارة التي تستخدم كصلة وصل بينهم وبين المدرب من أجل استخدام الكمبيوتر، وعلى أهمية هذه التجربة تمت دعوتي لمؤتمر إقليمي في "دمشق" وأقروها كأول تجربة بإحداث لغة الإشارة في تعليم الصم والبكم في المنطقة العربية وكان ذلك عام 1993».

من نجاحاته

مع انطلاق نظام ويندوز 95 استطاع "عيد" تطوير لغة الإشارة للأطفال ذوي الإعاقة، يقول: «افتتحنا مركزاً خاصاً في "سلمية" تحت اسم "مركز سلمية للكمبيوتر" وانتقلنا من خلاله إلى تدريب المكفوفين، وقد قدمت بحثاً تحت عنوان "الإملاء الصوتي" عملت به نحو سنتين ونصف السنة، وطبقت التجربة هذه على فتاة كفيفة، فاحتجنا إلى أصوات خارجية غير صوتي وصوتها حتى نصل إلى تقاطع معين أو إشارة تذبذب الصوت التي تتقاطع مع كل حرف، وهكذا شكلنا أشبه بخوارزمية مبرمجة بكرت صوت، تخاطب شريحة معينة بواسطة ميكرفون معين، وكان نجاح التجربة أكثر من 80%».

في عام 2004 وبمبادرة من الأمم المتحدة UNDP بالتعاون مع وزارة الاتصالات في "سورية" تم افتتاح مشروع "شبكة المعرفة الريفية" في مدينة "سلمية" تحت اسم "مراكز النفاذ" أو مراكز التنمية الاجتماعية، يقول: «عملت في هذا المركز على تدريب استخدام التكنولوجيا ومهاراتها وتدريب ICDL، ونشر الوعي وتعديل ثقافة المجتمع المعلوماتي، وبالتعاون مع المكتب الإقليمي للأمم المتحدة قدمنا برنامجاً مشتركاً تحت عنوان "أطفال مكفوفون" تمكنهم من الدراسة عبر الكمبيوتر وقراءة كتب صوتية إلكترونية والتواصل عبر الإنترنت من خلال الصوت، فكان أول برنامج في المنطقة العربية يعنى بتدريب المكفوفين، وقد تم عرضه في "تونس" عام 2005، فكانت تجربة ناجحة جداً حتى إن أحد المكفوفين بدأ يدرب مكفوفاً آخر».

مع UNDP

على صعيد محلي زاد "عيد" اهتماماته بتنمية المجتمع بالتكنولوجيا، فكان له تعاون مع جمعية "أصدقاء سلمية"، يقول: «من أهم وأجمل الدورات التي حصلت في مركزنا هي دورات تعليم الكمبيوتر للنساء كبيرات السن أي 40 سنة وما فوق، وذلك مع جمعية "أصدقاء سلمية" وبالفعل كانت تجربة ناجحة جداً، فقد خرجن جميعهن يعرفن مبادئ الكمبيوتر والجميل أن بعضهن تجاوزن عمر الـ 50 عاماً».

ويتابع: «في عام 2009 تم تحويل مشروعنا في "شبكة المعرفة الريفية" إلى شراكة مع وزارة الاتصالات والتقانة مع الجمعية العلمية السورية والأمانة السورية للتنمية؛ ليصبح مشروعاً لتدريب الناس على التكنولوجيا وتنمية المجتمع المحلي بها، وتدريب النساء على محو الأمية الرقمية وذلك حتى عام 2013، وشارك مركزنا في برنامج محو الأمية الرقمية باستخدام التكنولوجيا، الذي يهدف إلى تعليم مليون امرأة في العالم حتى نهاية العام الماضي وكان ذلك بمبادرة من منظمة عالمية تعنى بمراكز "تليسنتر" التي لها ست شبكات عبر العالم، وبالتعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات ومجموعة برامج un، فقدمت مجموعة من المتدربات السوريات اللواتي حققن نتائج عظيمة على صعيد المنطقة العربية».

إحدى شهاداته

توالت اهتمامات "عيد" بمفهوم التكنولوجيا المساعدة واستخدامها في تنمية وتعليم الأشخاص والأطفال ذوي الإعاقة، فلم يكتف بعمله مع المكفوفين، يقول: «بمبادرة شخصية بحتة وكعمل تطوعي عملت مع الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية، فأخذنا عينة منهم (إعاقة سمعية، توحد، إعاقة ذهنية أو متلازمة داون) وقدمت لهم برنامجاً خاصاً بهم، وبمساعدة أمهاتهم استطعت تنمية مهاراتهم في استخدامهم للتكنولوجيا».

أهم مبادرة -كما يرى عيد- كانت باجتماع عالي المستوى بالجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر أيلول الماضي؛ يقول: «أعددت مع ثمانية عشر خبيراً عالمياً من إحدى المنظمات العالمية في تعليم التكنولوجيا ومنها شركة مايكروسوفت، دراسة عن كيفية استخدام التكنولوجيا المساعدة لذوي الإعاقة في العالم، تم إقرارها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 أيلول 2013، وستستمر لغاية عام 2015، فأنا الشخص الوحيد من المنطقة العربية».

شارك "عيد" بـ 36 مؤتمراً دولياً وإقليمياً، يذكر أهمها: «شاركت في مؤتمر مجتمع القمة العالي في "تونس" عام 2005، مؤتمر الشراكة العالمية لاستخدام التكنولوجيا في "ماليزيا"، أيضاً في المنتدى العالمي الثالث لتكنولوجيا المعلومات في "تشيلي"، وكان لمشاركتي دور هام في عملية التحول إلى منظمة عالمية أوروبية في "الفلبين"، إضافة إلى مشاركات مركزنا في المنطقة العربية مع "الإسكوا" وذلك بمشروع يتبع اللجنة الاقتصادية الاجتماعية للأمم المتحدة في غرب آسيا، استمر لسنتين من عام 2008 حتى 2010، فمن سبعة بلدان عربية استطاع مركزنا أن يكون الأكثر فعالية وعلى أساسه تم تعييني كأمين عام الشبكات المجتمعية للمشروع للمناطق المهمشة، ثم انتخبت في "السودان" للعمل على استراتيجية ربط مراكز النفاذ وتحويلها إلى مراكز المعرفة».

قدم "عيد" مجموعة من الكتب الإلكترونية ووضعها على الإنترنت بشكل مجاني لتستفيد منها أكبر شريحة ممكنة من الناس، فما هي كتبه؟ يجيب "عيد": «كتاب "الإملاء الصوتي إلى أين وصل" حول مشروع المكفوفين، كتاب "التنمية الفكرية للأطفال ذوي الإعاقة الذهنية والتعليمية"، كتاب باللغة العربية بعنوان "التكنولوجيا المساعدة"، وكتاب عن تاريخ مجتمع التليسنتر العربي "تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل التنمية في المنطقة العربية"، وموسوعة أشهر الباحثين في مجال الإعاقة بعنوان "حدث في مثل هذا العام" يمتد تاريخه من القرن الرابع قبل الميلاد من عام 1216 وحتى عام 2013، وقد تم اعتماده من قبل المنظمة العالمية مؤسسة "تليسنتر دوت أورغ فاونديشن"، يحتوي مناقشات ونحو 40 مقالة وقصص نجاح، ومجموعة هامة ومتنوعة من أوراق العمل التي قدمتها بالمؤتمرات».

مدير مشروع مراكز "تليسنتر" في سورية "وسيم مسعد" من الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية يقول: «يعتبر "نبيل عيد" من أهم الشخصيات القادرة على إيصال الأفكار المتعلقة بالمناطق الريفية وطبيعتها واحتياجاتها وما يجب القيام به في كل منطقة حسب خصوصيتها، وهو من أهم أسباب وصول مراكز النفاذ السورية إلى العالمية، وتشريف اسم بلده في المؤتمرات والاجتماعات التي تعنى بمثل هذه المراكز على مستوى العالم، وذلك لاحترافيته في العمل وقدرته الفعالة على نشر الثقافة، وأتوقع له المزيد من النجاح والتقدم والانتشار العالمي وأن يكون ممثلاً مشرفاً عن "سورية" أولاً وعن العرب ثانياً في كافة المحافل الدولية التي تهتم بالتنمية والاستدامة في المناطق الريفية والمهمشة».

الجدير بالذكر أن "نبيل عيد" خريج كلية الهندسة المدنية جامعة حلب، حاصل على العديد من الجوائز العالمية الهامة منها:

  • جائزة تكريم حول استخدام التكنولوجيا في المجتمعات المهمشة في "الفلبين".

  • جائزة نهائي التحديات حول كيفية تنمية الاحتياجات الخاصة في السويد عام 2008.

  • جائزة استخدام التكنولوجيا لأشخاص الإعاقة في المؤتمر الحادي عشر في "النمسا" عام 2008.

  • جائزة الهند الرقمية حول أفضل تليسنتر قدم خدمات وتسهيلات للتنمية المجتمعية عام 2008.

  • نهائي xit في "بريطانيا" وهي مسابقة لشركة "مايكروسوفت" حول استخدام التكنولوجيا لتنمية المجتمعات المحلية عام 2009.

  • وآخر الإنجازات وصوله إلى المرحلة شبه النهائية في جوائز مشروع القمة العالمي للاتحاد الدولي للاتصالات 2014 من خلال مشروع التعليم الإلكتروني للطلاب ذوي الإعاقة، وبانتظار التصويت وإعلان المراحل النهائية.