رغم تجاوزها الستين من عمرها ورغم أنها تعيش وحيدة في منزلها الذي يبهرك بما يحويه من ورود ملونة استطاعت السيدة نجلاء جبر بيديها الذهبيتين أن تنتج خلال سنوات طويلة الشيء المذهل من الأعمال الحرفية المتنوعة التي تملأ منزلها .

موقع eHama زار أم مرعي في منزلها الواقع في الحي الشمالي من أحياء مدينة سلمية وحين فتحت لنا باب الدار لفتتنا سحنتها البسيطة واستقبالها العفوي، دخلنا إلى الغرفة الشرقية (كما طلبت منا) وهناك بهرنا بما تكتظ به هذه الغرفة من الأعمال الحرفية والتي احترنا عند أي منها نقف.

قليل من الوقت .. ثم دخلت أم مرعي التي حدثتنا عن نفسها قائلة:"عمري ثلاث وستون عاما ًوأقوم بصنع المنتجات اليدوية منذ (35) سنة منذ أن كنت في المعرة، أنا من مواليد قرية من قرى مدينة سلمية وقريتي تدعى ( المفكر الغربي ) والتي لا بد أنتكم سمعتم عنها، قتل أبي بسبب ما يسمى (التارات) التي كانت متأججة في ذاك الوقت فأخذتنا أمي إلى بري الشرقي، أمي كانت ربة منزل وكنا نعيش من مردود الأرض وتربية الأغنام، لدي ثلاث أخوات وأخ واحد هو الكبير كان ضابطا في الجيش السوري وتوفي."

وتتابع قائلة:" رحلنا من بري إلى سلمية وسكنا بالآجار حتى أصبح عمري (13) سنة وحصلت على (السرتفيكا) أي صف الخامس ثم انتقلنا إلى الحردانة ( وتضحك) أي يمكنكم القول رحلة ابن بطوطة، وبعد زواجي لم أستقر على العكس تمامًا ويكفي أن أقول لكم أن زوجي كان شرطي مرور لتعلموا كم تنقلت في سكني. إذ سافرت معه إلى دير الزور ثم إلى دمشق ومن دمشق إلى إدلب وثم إلى المعرة رحلة 12 سنة استمتعت حقا بها إلى أن عدنا واستقرينا في سلمية".

وتقول أم مرعي أن بدايات موهبتها في صنع المنتجات اليدوية تفجرت في المعرة التي بدأت فيها العمل اليدوي حيث اكتشفت موهبتها لكن لم تكن هناك إمكانيات متوفرة للإبداع وكان عملها يقتصر على النحت على الحجر المتوفر آنذاك وخصوصا الحجر الأبيض وبعض اللوحات. وعن ذلك تقول:"أول قطعة صنعتها إنها أمامكم .. وهي عبارة عن لوحة للآغا خان، كنت أبيع القليل من أعمالي إذ كنت أصنع أيضا أغطية للطاولات والأسرة ..وغيرها وأبيع منها للجيران، أحب عمل الفخاريات فأنا لدي نغمة في الرسم عليها وتلوينها وحتى صنعها".

سألناها إذا ما كانت تعتمد على مردود ما تنتجه وتبيعه فقالت لنا :" في الحقيقة لا فأنا أقبض راتب زوجي التقاعدي ولكن أيضا أنسج على سنارة واحدة ملبوسات أبيعها".

أم مرعي تحب التراث وتحاول أن تجد له روحًا في أعمالها وعن ذلك تقول:" أهتم جدًا جدا بالتراث فلدي مجسم هنا لفتاتان ترديان الزي القديم لبنات سلمية ( تدل عليهما وتضيف ضاحكة: "(هذه العروس والثانية حماتها..) كما صنعت بيت الشعر القديم الذي عمره ملايين السنين والذي ربما نراه اليوم في البادية وفي داخلها أشخاص بزيهم القديم.. وقهوتهم... وكذلك صندوق عمره (75 )سنة". أم مرعي شاركت السنة الماضية بمعرض الربيع بحماة ونتيجة له حصلت على شهادة مبدعة وأيضا شاركت بمعرض مع الطلائع في مدرسة القادسية هنا في سلمية وتشارك كل سنة في المجلس الإسماعيلي المحلي في سلمية بعدة معارض

هدفها الحقيقي هو الفن زوجها توفي وليس لديها أولاد لذلك تملأ أم مرعي وقتها بالعمل وتركز هذه الأيام على حياكة الملبوسات لبيعها وأيضا هي عضو في جمعية الشلل الدماغي في سلمية تحضر اجتماعاتها كمتبرعة فهي تحب عمل الخير ومنذ ثلاثين عاما وهي تعمل لصالح الفقراء قدر استطاعتها.