على ضوء السراج درس الحقوق، ثم تخرج من كلية الشرطة، وخلال عمله كمدير في سجن دمشق المركزي الموجود في منطقة "عدرا" خرج بعدة مؤلفات لتكون بمنزلة أساس يبنى عليه في إصلاح السجون، فضلا عن كونها رسالة إنسانية لزملائه وللآخرين.

ولد في أسرة محبة للعلم، فوالده كان يتقن اللغة الفرنسية يشجعه دوماً على المطالعة مذ كان في الصف الرابع مع أبناء عمومته، تتلمذ على يد أستاذه وقدوته الفكرية الدكتور الراحل "إبراهيم فاضل"، حيث برزت مؤهلاته الأدبية في كتابين: الأول هو "سمو الأمير علي خان"، والثاني "دعوة إلى السلام والتعددية والانفتاح على الآخرين".

كان عليه أن ينتظر عامين بعد تخرجه من كلية الحقوق ليلتحق بكلية الشرطة وذلك في العام 1970، وبعد مضي حوالي 18 عاماً على انتسابه كضابط في قوى الأمن الداخلي تم تكليفه ولمدة ثلاث سنوات بمهمة مدير سجن "دمشق" المركزي في "عدرا"، وهي مهمة أظهرت قدرات قيادية كبيرة في شخصيته، فقد انطلق في تعامله مع المساجين من مبدأين، الأول إظهار الحنكة في التعامل مع الأمور والقضايا، والثاني يتمثل في الجانب الإنساني، فقد قام بتنظيم زيارات السجناء أسبوعياً، وإحصاء عدد الذين لم يزرهم أحد من ذويهم، وتعيين ضابط مسؤول عن كل جناح، وفي إطار معالجته لمشاكل السجناء قام بمخاطبة القضاء العسكري والمدني بأعداد الذين لم يقدموا للمحاكمة، وقد لاقت خطوته استجابة من الجهات القضائية المختصة وهذا ما دفعه إلى تخصيص غرف للمحاكمة، ولتنتهي بعد فترة زمنية مشكلة ثلاثة أرباع السجناء من ذوي الأحكام الخفيفة، على أن الإنجاز الأهم له كان في العام 1989 عندما تعاون مع وزير التربية على إحداث مدرسة رسمية لتعليم السجناء، ويضيف في حديثه لمدوّنة وطن : <<ساعدت طلاب الجامعة على تقديم امتحاناتهم فأرسلتهم بسيارة خاصة مع الحرس، ونال الكثيرون منهم شهادات جامعية، واستجررت مياه نقية للشرب على بعد خمسة كيلو مترات، ودعمت الصحة بكادر طبي بخمسة وعشرين سريراً لمعالجة المرضى، وأقمت ورشات عمل داخل السجن ليجد السجين عملاً في السجن أو بعد انتهاء مدة محكوميته كالنجارة، والحدادة، والخياطة، وصناعة الأحذية، وأمنت مكاناً أوسع للحفاظ على الصحة العامة للمساجين، كذلك أمنت مصعداً لنقل الطعام المطبوخ الساخن للطابق الثاني، وكنت حريصاً على نظافة الطعام والعمال فأعتني بصحتهم وأتفقد السجناء بشكل منفرد وأسأل عن أحوالهم >>.

أحد مؤلفات الجنرال عبدو شقرة

وعن مؤلفاته أضاف: في كتاب قانون المؤسسات العقابية (السجون) أعددت مجموعة قوانين داعمة للقوانين، والتي يعود تاريخها لعام 1929 أيام الاستعمار الفرنسي رقم 1222وتعديلاته؛ فصغت مجموعة جديدة بعد الاطلاع على مجموعة من القوانين العربية والأجنبية منها الروسي والصيني والألماني والسعودي والأمريكي والمصري والسوري والسوداني، مراعياً تطوير الإنسان ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وأمنياً وتأهيله ليكون الحريص الأول على تطبيق القانون كما أن كتاب "ماذا في السجون؟" أخذت الأمم المتحدة منه نسخة لإعجابهم بما يحتويه، وكذلك الروس أيضاً، أما كتاب "الهيكل التنظيمي للسجون" فقد وضحت فيه مسؤولية كل جهة بدءاً من المؤسسة القضائية وحتى آخر حلقة وهو الشرطي الحارس، أما كتاب "الجريمة والسجون" ففيه توضيح لدور المشرّع في حياة الشعوب والحل الأمثل الذي نسعى إليه وهو التربية، وهناك أيضاً كتاب "المرأة في السجون وحقوق الإنسان">>.

الباحث في التاريخ "غسان قدور" تحدث عن الجنرال "عبدو شقرة" ومؤلفاته فقال: أعرفه منذ ستينيات القرن الماضي، حيث عمل مدرساً متعاقداً في متوسطة "تلدرة" الخاصة، إنه مشبع بالإنسانية بعمق، أعجبت بتواضعه لاعتماده على أكثر من مدقق لإنتاج عمله الأدبي، وبما حوته كتبه من دقة ورغبة في إيصال تجربته إلى زملائه وللآخرين، وتجربته الأدبية غنية بما حوته من تنوع في المصادر والمراجع، وصياغة أدبية محببة، فضلاً عن استبعاده الربح المادي إطلاقاً، وقلة التخصصات التي تناولها على المستوى العربي >>.

الباحث في التاريخ غسان قدور

الدكتور "محمد فارس عجوب" صديق طفولته قال: أعرفه منذ الطفولة، شخص عصامي، درس الحقوق في ظروف صعبة على ضوء السراج، وهو إنسان مثقف ونزيه، ولديه طموح لأن ترى كثيرةٌ من الإصلاحات في قوانين السجون النورَ.

الجدير بالذكر أنّ الجنرال "عبدو شقرة" من مواليد "سلمية" 1940 تقاعد في 2000 بعد خدمة 32 عاماً.

الدكتور محمد فارس عجوب

أجري اللقاء في 9 شباط 2021.