شاب سوري منح روحه الكثير من الراحة، ليحملها لشخصية اخترعها من أعماقه أطلق عليها اسم "عطا"، فكيف يرانا هذا المخلوق؟.

المغترب الأستاذ "عبد الكريم القطريب" يرى في لوحات "الآغا" واقعية الرصد، ويضيف: «أعتقد أنه من المواهب الفنية التي يجب احترامها، وتتجلى لوحاته بانتقاد الواقع بالطريقة التي يراها "عطا" هذه الشخصية الخيالية التي تعكس حقيقة ما يفكر به الفنان نفسه».

أعتقد أنه من المواهب الفنية التي يجب احترامها، وتتجلى لوحاته بانتقاد الواقع بالطريقة التي يراها "عطا" هذه الشخصية الخيالية التي تعكس حقيقة ما يفكر به الفنان نفسه

موقع eSyria التقى الفنان الكاريكاتوري الشاب "إسماعيل الآغا" في 14/12/2011، المغترب في الخليج العربي منذ خمس سنوات، وهو من أهالي مدينة "سلمية"، في محافظة "حماة"، ولد في العام 1982، شعاره في الفن وكما يقول: "كي تكون رساماً ناجحاً.. يجب أن تكون حراً"، معه كان هذا اللقاء.

"إسماعيل الآغا" يرسم نفسه

  • بداية متى التمست في نفسك ميلاً لهذا الفن؟
  • ** لا أذكر تماماً متى ..لأنني من طفولتي أجد نفسي في مجال هذا الفن الجميل المعبر.. وأذكر عندما كنت في بداية المرحلة الإعدادية كان هناك "كشك" معدني مهترئ هو عبارة عن دكّان صغير أمام مدرستي، فبعد انتهاء الدوام كان لي حصة برسم الكاريكاتير بالطباشير على جداره.. حيث كنت أرسم معاناتي مع المعلمين أو بعض الأصدقاء.

    عقلية المجتمع كما يراها "عطا"

  • ماذا حقق لك هذا الفن على الصعيد الشخصي؟
  • ** حقق لي ذاتي فقد وجدت نفسي فيه.. كما أن ريشتي هي دوماً الناطق الرسمي لترجمة شخصيتي في كل حالتي النفسية.. تحزن لحزني، وتفرح لفرحي، وكثيراً ما أرسم حين أجوع.

    ارتفاع الأسعار

  • أيهما تفضل الرسم الملون أم الأبيض والأسود؟
  • ** في الحقيقة أنا ميال أكثر للأبيض والاسود على الرغم من بعض تجاربي في إدخال اللون على لوحاتي ومازلت أعشق الرسم بالطرق التقليدية أي الرسم على الورق بقلم الرصاص والتحبير بالأسود على الرغم من دخول التكنولوجيا في الرسم الكاريكاتيري كالرسم مباشر على الكمبيوتر باستخدام القلم الضوئي.. ولكني أحب الحفاظ على العلاقة التي خلقت لدي بين قلم الرصاص وروحي الكاريكاتورية فحقا ان قلم الرصاص له روح من الصعب شرح هذه العلاقة المشابهة للحب.... فهل من الممكن شرح حالة الحب أو معنى كلمة حب؟.

  • أكثر الأشياء التي تشدك كي ترسمها؟
  • ** أنا ارسم الأفكار التي أعيشها.. ولا توجد أشياء تشدني لرسمها أكثر من غيرها.. فكل لوحة هي عبارة معاناة لها طعم خاص، هي ألم، وهي فرح، وهي واقع أعيشه وأجدها في الشارع في المقهى..الخ. فكما قال الجاحظ "الأفكار تولد على قارعة الطريق".

  • هل استثمرت هذه الموهبة في كسب الرزق؟
  • ** حتى الآن لم أستثمر موهبتي في كسب المال وتلقي الأجور مقابل الرسم .. ولكني آمل بذلك، وأعتقد أن هذا حق لا يعيبني، فقد أصبح رسام الكاريكاتير مرغوباً به ومنذ زمن بل وجوده ضروري في الصحف اليومية، ربما أفكر يوماً بهذا الاتجاه.

  • باعتقادك متى يمكن للكاريكاتير أن يتألق، بمعنى آخر ما هي ظروف تألقه؟
  • ** من المعروف أن هذا النوع من الفن على تماس مباشر مع الخطوط الحمر لأنه فن مشاكس ولا يتألق إلا بتوافر مساحات من الحرية للرسام.. فالحرية هي الظرف الأساس للكاريكاتور وهذا ما نجده في سورية فالكاريكاتير قد تألق بشكل جميل في بلدنا ولكن على الفنان أن يستغل هذه الحرية لتقديم أفكاره لتلامس الواقع وتحاكيه ولكي تصل من أكبر شخصية إلى أصغر ولد، وهذه الميزة التي تميز الرسم الكاريكاتيري لانه يصل إلى الجميع وبشكل "المضحك المبكي".

  • كما عند "ناجي العلي" حنظله الشخص الذي يراقب الأحداث، اتخذت لنفسك شخصية "عطا" من أين جاءت هذه الشخصية، وهذا الاسم، ومن هو "عطا"؟
  • ** "عطا" شخصية كاريكاتورية منبثقة من الواقع الراهن.. فهو الشخص المراقب الذي يجلس على زاوية اللوحة يشاهد ما يجري أمامه من أحداث محاولاً النهوض لإصلاحها لكن دون جدوى، فقرر الاستمرار بهذه الوضعية أفضل له ولغيره، من هنا جاء شعار موقعي الرسمي "عطا الرؤيا من منظور آخر"، حقيقة لا أعرف من أين أتيت بهذه الشخصية وهذا الاسم، ببساطة عندما ولد "عطا" منحته اسماً مثل أي طفل بعد ولادته، أعطيته هوية شخصية مثل أي شخص في العالم، والبيانات الشخصية له تقول:

    الاسم: عطا

    اسم الأب والأم : لا أعرف.

    مكان وتاريخ الولادة: العالم بعد أحداث الحادي عشر من أيلول.

    المهنة: النظر بتمعن فقط.

    نمرة القدمين: حافي القدمين دوماً مثل وضع هذا العالم.

  • هل عرّفت الجمهور على فنك من خلال معارض أقمتها أو شاركت بها، ومتى كان أول معرض أقمته؟
  • ** نعم وكان أول معرض في حياتي الفنية في المرحلة الاعدادية والمعرض الثاني في المركز الثقافي بمدينة تدمر2003 وايضا كان لدي عدة مشاركات في مسابقات كاريكاتورية دولية منها مسابقة كاريكاتورية في أذربيجان عام 2006 وآخرها مسابقة سورية الدولية عام 2011.

  • آراء قيلت في فنك، هل من شخصيات تحدثت عن "إسماعيل الآغا"، أو عن "عطا"؟
  • قيل الكثير عن "عطا".. وبعضهم من قال إنه "ناجي العلي" الجديد... وغيرها من التعليقات والآراء واذكر في إحدى مشاركاتي في برنامج جيلنا على الفضائية السورية قد أهديت رسم بورتريه كاريكاتوري للموسيقار والفنان "شربل روحانا".. وكنت سعيداً عندما التقيت به هنا في "الدوحة".. وقد شكرني وتحدث عن إعجابه برسوماتي خاصة تلك اللوحة التي أهديته إياها في إحدى حلقات البرنامج.

  • ماذا أضافت لك سنوات الاغتراب في زيادة المخزون الثقافي؟
  • ** لا شك أن الابتعاد عن أرض الوطن يمنح الإنسان تمسكاً إضافياً في تشكيل هوية تعبر عن شخصيته السورية والتي وصلت إلى العالم بأنه مثقف ويصعب جرّه إلى الأماكن الضيقة، في العام 2010 الفائت كانت "الدوحة" عاصمة الثقافة العربية، ومن خلال الفعاليات التي أقيمت هنا والتي شملت ثقافات الشرق الأوسط وبعض ثقافات القارات الأوروبية والآسيوية، هذا من جهة، من جهة أخرى الغربة عن الوطن هي معاناة، فكانت هذه بذرة لكي تنبت وتثمر عدداً لا بأس به من رسوماتي.

  • كيف ترى الوطن من بعيد، وكيف تراه بعيون الناقد الكاريكاتوري؟
  • ** وطني نور الشمس الذي يسطع كل يوم، الشمس تزورنا كل صباح، ونسائم الوطن تزورني مع إشراقة أول خيط من هذا النور الإلهي، نوره ساطع رغم كل المحاولات لإخماد نوره، ولكن هل سمعت بحياتك بقدرة أحد على إخماد نور الشمس؟ أما كيف أراه من عين الناقد الكاريكاتوري، فالكلام كما يرى "عطا" الذي ينظر له على أنه كأس مملوء نصفه، والذي يعمل على أن يكمل النصف الآخر من خلال أفكاره وملاحظاته، "عطا" لا يرضى النظر إلى النصف الفارغ من الكأس، لأن هذا الفراغ لا يعنيه كثيراً، بقدر ما يعنيه كيف يمكن ملؤه.

  • كم عدد لوحاتك، وأكثر المواضيع التي تناولتها في رسوماتك؟
  • ** كثيرة هي اللوحات التي رسمها "عطا" ولكن أغزرها جاءت في هذه الفترة التي تمر بها سورية. فالكاريكاتير هو فن اللحظة، إن فاتت ماتت.

  • هل تعتقد أن الرسام الكاريكاتوري أخذ حقه من الشهرة أسوة بالفنون الأخرى؟
  • ** في السنوات الأخيرة، أستطيع القول "نعم" ربما للدور الذي يلعبه هذا الفن من جهة، وضرورته التي لم يعد يستطيع الإعلام إغفالها حتى المرئي منه، من جهة أخرى وجود مسابقات تعرّف الآخرين بالفنانين المشاركين، في سورية لدينا المسابقة الدولية، وعندنا من الرسامين من أصبح عالمياً، وهذا كله يمنح هذا الفن تواجداً مميزاً، ومهماً.

  • شكراً لك "عطا".. شكراً لك "إسماعيل" الذي تنظر إلى وطنك بعين المحب.
  • ** شكراً لمدونة وطن هذا الموقع الرائد في تعريف البشرية، أن هناك أشخاصاً لم يصل إليهم الإعلام لأنهم لم يبرقوا كثيراً، أو لم يتم تلميع البعض منهم، هذا الموقع ثروة للوطن.