للكتاب في مدينة "سلمية" أهمية خاصة، فقد فُطر أهلها على القراءة وحب الأدب والشعر، فمن الممكن ألا تجد في معظم بيوتها صيدلية منزلية، إلا أنك لا بد أن تجد مكتبة صغيرة، ووصل الأمر في بعضهم إلى مرحلة باتوا ينافسون فيها المكتبات العامة من حيث ضخامة وتنوع مكتباتهم المنزلية.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 4 آذار 2014 التقت المهندس والشاعر "مهتدي غالب" الذي رافقه الكتاب منذ صغره إلى الآن، فإضافة إلى اهتماماته المسرحية كان جمع الكتب هوايته المفضلة فبلغ عدد الكتب - على تنوعها- في مكتبته نحو 5000 كتاب، ومردّ ذلك إلى بيئته المنزلية ورعاية والده له وقراءاته الخاصة التي أثرت في اتساع ثقافته بشكل كبير، وعن بدايته مع الكتاب يقول: «في مرحلة مبكرة من عمري كان لي اهتمامات قصصية، وخاصة البوليسية منها وقصص الخيال العلمي، وهذا ما أثر في اتجاهي نحو الكتابة المسرحية، فعملت على متابعة ما بدأه والدي ولم أكتف بالحفاظ على المخطوطات التي ورثتها عن أبي، فمع الوقت زاد شرائي للكتب التي كان معظمها له علاقة بالشعر والمسرح وروائع الروايات، أيضاً أملك الكثير من كتب الفلسفة وأحياناً أمزج بين المسرح والفلسفة وعلم النفس في كتاباتي المسرحية، وهناك عدد لا بأس به من محتويات المكتبة تعود إلى مكتبة والدي سواء مجموعته أم أعماله، أما باقي المحتويات فهي مجموعتي الخاصة».

بدأت جمع الكتب منذ خمسينيات القرن الماضي، وأهمية المكتبة في حياتي جعلتني لا أعير أي أحد منها خشية فقدان أو عدم إعادة الكتاب، فكل كتاب فيها رفيق دربي ولا أستغني عنه أبداً

للمكتبة عند الأستاذ "مهتدي" مكانة خاصة، فهو يعدّها فرداً من أفراد أسرته يعتني بها ويطورها ويوسعها لتكون كما يرغب يقول: «على الإنسان أن يطلع على شيء من كل شيء حتى يوسع آفاق معرفته، ويكون لديه إلمام بسيط في جميع العلوم، ولمكتبتي عدة مجالات للاستفادة منها فهي المرجع الوحيد الذي أعود إليه عند إعدادي لأي بحث، كما أن معظم الطلبة والأصدقاء يترددون إليها لإجراء أبحاثهم ودراساتهم».

الشاعر مهتدي غالب

في دراسة للأستاذ "شادي أبو حلاوة" حول "مكتبات السَلَمونيين الخاصة" عرّج على مكتبة من أشهر المكتبات المنزلية في "سلمية"، وتخص الأستاذ الراحل "إسماعيل المير علي" الذي بدأ التأليف في بداية الخمسينيات، وتحتوي مكتبة منزله مواضيع متعددة ومتنوعة فلسفية واجتماعية وتاريخية ودراسات أدبية وكتباً أدبية مترجمة من عدة لغات وكتب دينية ودراسات، إضافة إلى كتب شعرية وسياسية ومسرح عربي وعالمي، ومجموعة من الصحف والمجلات القليل منها باللغة العربية ومعظمها بلغات أخرى بلغ عدد الكتب ما يزيد على 4000 كتاب ومجلة، إلا أنه اضطر لبيع بعض محتوياتها لسوء الحالة المادية، يقول "المير علي" في دراسة "شادي أبو حلاوة" عن أهمية مكتبته: «صحيح أننا من بيئة فقيرة مادياً، لكنها بالمقابل غنية بمثقفيها وفكرهم، وأنا أتكلم عن نفسي ومكتبتي، فأنا أشبه نفسي لمالك المال الذي يجب ألا يحتكره بل أن يستثمره في شيء يفيده ويفيد من حوله، وصاحب الفكر والعلم يجب ألا يحتكر علمه بل يجب أن ينشره».

لديه مجموعة من الكتب بكافة المجالات الفكرية التاريخية والفلسفية والأدبية والسياسية والأساطير، يصعب تحديد رقم موجودات مكتبته لكثرتها ولكنها تفوق الـ 6000 وأكثر بكثير بين كتاب ومجلة وقصة ودورية، فالكتب خرجت عن نطاق المكتبة وتبعثرت في كل أنحاء المنزل، هي مكتبة الأستاذ "هاشم الشيخ ياسين" يقول: «حولت مكتبتي -بعد ملاحظتي للردة الثقافية بين الأهالي- إلى ملتقى ثقافي، تجري فيه المحاورات والأخذ والرد في الأمور الثقافية التي في الأغلب تكون من محتويات مكتبتي، ولتشجيع الحركة الثقافية في المنطقة، وأولاً وأخيراً الملتقى الاجتماعي والصداقات وتبادل الآراء المنوعة».

إسماعيل المير علي يتوسط عارف تامر وأنور الجندي

القاضي "علي رزوق" أسس مكتبته الخاصة لمدة تزيد على ثلاثين عاماً، وقد انقسمت إلى مكتبتين: المكتبة القانونية التي تحتوي أكثر من 900 كتاب، والأخرى هي المكتبة المتنوعة وتقارب 1600 كتاب، يقول: «على الإنسان أن يقرأ ويزيد من معارفه مادام قادراً على ذلك، وأنا شخصياً أعتبر الكتاب هو المصدر الأفضل للوصول إلى ذلك، فأي شخص مهما كان مجال عمله يحتاج إلى المعلومة وخاصة الحديثة منها، فالمكتبة رفيقة الدرب والعمل ترافقني في كل مكان في المنزل، ووجودها يشجع أبنائي على حب الكتاب وقراءته».

مكتبة منزلية أخرى متنوعة في موضوعات عديدة ومجالات مختلفة، بلغ عدد محتوياتها نحو 450 من كتب ودوريات، هي مكتبة الأستاذ "غسان الجندي" يقول عنها: «بدأت جمع الكتب منذ خمسينيات القرن الماضي، وأهمية المكتبة في حياتي جعلتني لا أعير أي أحد منها خشية فقدان أو عدم إعادة الكتاب، فكل كتاب فيها رفيق دربي ولا أستغني عنه أبداً».

من مكتبة الأستاذ أمين قداحة

جدير بالذكر أن هناك الكثير من المكتبات المنزلية المشهورة في مدينة "سلمية"، مثل: مكتبة "حسين الجندي"، ومكتبة "أحمد كلول"، ومكتبة الأستاذ "حسن القطريب"، ومكتبة الباحث "أمين قداحة"، والمحامي "تامر تامر"، عدا المكتبات المنزلية الضخمة والهامة لأشخاص من "سلمية" ولكنهم يقيمون في مدينة "دمشق"، مثل مكتبة الشاعر "خضر الآغا"، والدكتور "سامي الجندي"، وغيرهما.