ولدي يحب ألا يضايقه أحد، ابنتي نظيفة أرجو ألاّ تصطدم مع الفتيات الأقل نظافة، ابني مدلل، ابنتي حساسة... الخ. هذا غيض من فيض مما يعانيه العاملون في "رياض الأطفال" من خلال تدخل الأهل في بنية العلاقة بين ولدهم والمكان الجديد والأول بعد المنزل الذي يؤمه الطفل ولساعات طويلة بعيداً عن رقابة الأهل. فهل علينا أن نقف على رؤوس أصابعنا أمام الطفل كي نرتقي إلى شفافيته؟

موقع eSyria حضر اللقاء الإرشادي الذي رعته "جمعية أصدقاء سلمية" متعاونة مع المجلس الإسماعيلي المحلي، والمجمع التربوي في سلمية، حضره العديد من المهتمين ومديري رياض الأطفال التي كثرت في الآونة الأخيرة حتى وصل عديدها في "سلمية" إلى ثمانية عشرة روضة.

الشروط التي حددتها الوزارة جيدة ومناسبة، وأتمنى أن تتم زيارات إلى الروضات للوقوف على أحوالها

ولأخذ لمحة عن تاريخ رياض الأطفال التقينا السيدة "ابتسام سفر" المرشدة النفسية في مدرسة "الشهيد علي أمين" فقالت: «يعتبر "فروبيل" الذي عاش بين عامي 1782-1852 المؤسس لحركة رياض الأطفال، ورياض الأطفال هي كلمة ألمانية لـ "حديقة الأطفال- روضة الأطفال" وهي تعبر عن نظرة "فروبيل" الروحية للأطفال، فهو يراهم كالنباتات الصغيرة التي تحتاج لرعاية وحماية قبل الدخول إلى المدرسة، والمدرس في "رياض الأطفال" هو البستاني الذي يساعد في عملية بناء ونمو الطفل، كما يعتبره الأمريكي "روبرت أوين" منشئ أول دار للحضانة».

من اليمين "ديمة أبو قاسم- ابتسام سفر- سعاد الحركه

وتضيف: «لذلك تعتبر الروضة مؤسسة تربوية اجتماعية تقوم على رعاية الأطفال في سنوات ما قبل الدخول إلى المدرسة، ويشمل اهتمامها نواحي نموهم المختلفة من لغوية، وبدنية، واجتماعية، ونفسية، وإدراكية، وانفعالية، وغيرها، هادفة إلى توفير أفضل الظروف التي تمكن من النمو السليم المتوازن في هذه النواحي، وذلك بتقديم برنامج يشمل اللعب والتسلية والتعليم المفيد».

وبالعودة إلى موضوع الندوة أفادتنا عن أهميتها خاصة أننا على عتبة نهاية العام الدراسي، فقالت: «مع تعدد رياض الأطفال ازدادت المنافسة فيما بينها لاستقطاب أكثر عدد من الأطفال، غير أنها اعتمدت على مناهج خاصة بكل واحدة منها، وغايتنا من هذا اللقاء ألا يكون هناك تفاوت في المناهج التي تعتمدها تلك الرياض، فالبعض اعتبر أن "الكرّاس" كافٍ، والبعض الآخر اعتمد كتاب الصف الأول الابتدائي، ولكن الهدف هو الوقوف عند حقيقة واحدة، ماذا يجب أن نعتمد من المناهج لطفل يستعد بعد سنتين أو ثلاث لدخول المدرسة بشكل نظامي؟».

حضور نوعي من المهتمين

أما التحضيرات فقد حدثتنا عنها السيدة "سعاد الحركه" مديرة روضة "نور الشمس" فقالت: «استمر التحضير لهذا اللقاء قرابة ثلاثة أشهر، وقد نظمنا اجتماعين متتالين حضرهما العديد من العاملين في هذه الرياض، وكذلك بعض من الأهالي المهتمين، وتم تبادل وجهات النظر والخبرات والمعارف، وكان نتاج هذين الاجتماعين هذه الندوة التشاركية التفاعلية».

أما الآنسة "ديمة أبو قاسم" مديرة روضة "البلابل" فحدثتنا عن الإشكاليات التي تعاني منها إدارات رياض الأطفال، فقالت: «المنهاج أول ما يركز عليه الأهل، والسؤال يأتي ماذا تعلمون الطفل؟ ولمست الرغبة الشديدة عند معظمهم في اعتماد منهاج الصف الأول الابتدائي، وعند هذه الرغبات أصبحت أكثرية الرياض تعتمد هذا المنهاج نزولاً عند رغبة الأهل، وكأنه على الروضة أن تحل محل المدرسة».

إحدى المداخلات

السيد "عدنان أبو حلاوة" عضو "جمعية أصدقاء سلمية" والقائم على مراحل التحضير، قال: «نهدف من خلال هذه الندوة إلى التعرف على طبيعة العلاقة بين الأهل ورياض الأطفال، والعمل على تهيئتهم سلوكياً ونفسياً وعلمياً عن طريق التعاون الواعي بين الطرفين».

السيدة "هنادي حسون" اعتبرت أن تدخل الأهل في العملية التربوية في رياض الأطفال أمر غير صحيح، وأضافت: «ولكن هناك أمر على غاية الأهمية، فما الذي يمنع الآنسة في الروضة من إقناع الأهل بصوابية ما يعتمدونه من منهاج تعليمي ترفيهي لطفلهم، وكثير من المدرّسات لا يقبلن "النقد" وبالنسبة لي أعتبر أن المكان الذي يعتمد للروضة هو الأساس، ويجب أن يكون صحياً».

عن المكان ومدى صلاحيته ليكون روضة تحدث المهندس "همام الدبيات" عضو المكتب التنفيذي لمحافظة "حماة" مسؤول مكتب التربية، فقال: «في الشروط التي وضعتها وزارة التربية لترخيص أي دار حضانة يجب أن يكون لكل طفل داخل الغرف ما مساحته متراً ونصف المتر، في المقابل يجب أن يتوافر له مساحة للعب ما مقداره ثلاثة أمتار، على أن تتوافر فيها كل الشروط الفنية اللائقة».

وتحدث عن أهمية هذه الندوة، فقال: «الندوة مهمة، وبدأ الاهتمام منذ العام 2004 فقد حدد كيفية النشاط المعتمد في رياض الأطفال، وكذلك كيفية إعداد مناهجها، وفي نظرة رقمية نجد أن ما نسبته 12% من الأطفال فقط هم من التحق برياض الأطفال، والدولة تسعى لزيادة هذه النسبة، وتسعى الحكومة للوصول إلى رقم/2000/ في عدد رياض الأطفال، مع العلم أن عدد رياض الأطفال في سورية وصل إلى 1737 روضة بين القطاعين الحكومي والخاص».

الأستاذ "منذر فياض" المشرف على المجمع الإداري في سلمية، اعتبر أن دخول الطفل إلى الروضة أمر في غاية الأهمية، وأضاف: «ولكن يجب أن تتوافر في هذه الأماكن الشروط والمعايير المناسبة، ويعتبر المكان والمنهاج وكذلك الكادر التعليمي المؤهل من المعايير النموذجية التي يجب أن تتوافر في كل روضة».

وعن رأيه في هذه الندوة التشاركية التقينا الأستاذ "حسين ديوب" والذي اعتبرها من أهم الندوات التربوية، ويتابع: «فيجب أن تكون المربية في الروضة "الأم البديلة"، ومن خلال استبيان قال أحد الأطفال أنا لا أحب المعلم، لأنه يوقفنا عن الرسم متى دق جرس نهاية الحصة ليقول لنا افتحوا دفتر الرياضيات، وهنا يحضرني قول لـ"جان جاك روسو" مفاده:/ إذا وقفت أمام طفل فقف على رؤوس أصابعك كي ترتقي إلى شفافية هذا الطفل/».

الشاعر "ناجي دلول" قال في نظرية التعليم: «من خلال هذه الندوة وجدت الحرص من قبل القائمين عليها على لفت النظر تجاه ما يحدث في بعض رياض الأطفال، وأذكر أن أحد الفلاسفة قال:/ كان لدي ثلاث نظريات في التربية، وعندما أصبح عندي ثلاثة أولاد لم يعد عندي ولا نظرية/، وأترك هذا التساؤل في عهدة الجميع: هل القائمون على رياض الأطفال هم أكفاء فعلاً؟».

أما السيد "محمد قلفة" فهو لا يرى وجوداً لأية إشكالية لأن أمام الأهل خيارات عدة، وأضاف: «مادام الأمر محكوماً بالمال فأنا أختار ما يناسب ولدي، فليست كل معلمة مربية، والمعيار هو كيفية حسن التعامل مع الطفل، وعلى المعلمة أن تتقبل "النقد"، وأن تكون بحق "الأم البديلة"».

السيدة "نجلا استانبولي" مديرة روضة، قالت: «كثير من المنازل تحولت إلى رياض أطفال، ومع هذا أقول أن اللعب بالنسبة للطفل يجب أن يكون بنسبة 75% والباقي الاهتمام بالناحية التعليمية، فالتربية من أصعب الأشياء التي تتعرض لها دور رياض الأطفال، وأنا ابحث عن أفعال على الأرض، ولا أريد نظريات فقط».

أما السيدة "غصون خولا" وهي مديرة روضة "بوابة المستقبل" فقالت: «الشروط التي حددتها الوزارة جيدة ومناسبة، وأتمنى أن تتم زيارات إلى الروضات للوقوف على أحوالها».

أما السيدة "تهامة المعصراني" فاعتبرت أن دور المعلم هو التيسير، أما الطفل فهو مركز العملية التربوية.

يبقى أن نقول إن "جمعية أصدقاء سلمية" هي جمعية أهلية تأسست بموجب القرار الصادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سورية، رقم 1516 تاريخ 6/8/2006، وتعمل على تحقيق التنمية البيئية والثقافية والاجتماعية في مدينة "سلمية".