"جفلة" سيدة جميلة الطالع حسنة الخلق من أبناء وسكان قرية "دير ماما"، شاع اسمها في مختلف المناسبات السعيدة بعدما تغنى بها والدها حباً، فتحولت إلى أغنية الريف الساحلي الشعبية.

وقد تباينت الآراء حول أصول أغنية "جفلة" التراثية التي لم تبقَ قرية في الريف الساحلي إلا تغنت بها في أعراسها ومناسباتها السعيدة، واليوم سنتعرف على قصة وحقيقة هذه السيدة، وكيف تحول اسمها إلى أغنية ارتبطت بالتراث الساحلي، ورددت غنائياً في جميع الأماكن والمواقع، وذلك من خلال لقاء مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 11 تشرين الأول 2014، مع السيدة "وحيدة خضور" من أهالي وسكان قرية "دير ماما"، حيث قالت: «"الجفلة" شخصية حقيقية واقعية عاشت وتربت في أحضان قريتنا "دير ماما" منذ عدة عقود ليست ببعيدة، هذه القرية الوادعة المطلة على سهول الغاب والمتربعة على سلسلة الجبال الساحلية من الجهة الشرقية.

تعد أغنية "الجفلة" أغنية شعبية تمثل تراث قريتنا، وتحمل بين طياتها الفرح والبهجة والمحبة، لأنها انطلقت من أب محب لابنته، وهي لا تزال تردد في مختلف مناسباتنا الشعبية التراثية كالأفراح والأعراس

فهذه الشخصية الواقعية التي أصبحت أسطورة وتراثاً وأغنية هي في الحقيقة والدتي التي عاشت ما يناهز السبعين عاماً، وبالعموم ارتبط هذا الاسم بتراثنا الذي نعتز به، حيث بدأت القصة وانتشرت منذ عدة عقود من حديث لجدي السيد "علي صالح خضور" هذا الرجل الفلاح المجد الطيب والبسيط الذي أحب ابنته "جفلة" لدرجة كبيرة لم تقدرها عواطف سابقة، وكانت بالنسبة له كل شيء في حياته رغم وجود زوجته وبقية أولاده، ولكنها مشيئة ومحبة الله زرعت في قلبه.

المختار أحمد عباس

كانت احتياجات ورغبات هذه الفتاة الشابة التي هي في مقتبل العمر مستجابة من قبل والدها، لأنها فتاة جميلة مطيعة ومحبة للحياة والعمل، وتساعد والدها في مختلف الأعمال التي تتمكن منها، حتى ولو لم يُطلب منها ذلك، وهذه أمور تزيد من تعلق الوالد بأولاده بالعموم، فكيف إذا كانت "الجفلة" الشابة المدللة لدى والدها».

وعن قصة الأغنية التي ارتبطت بالواقع وتحولت إلى تراث منطقة بكاملها، قالت السيدة "وحيدة": «في نهاية موسم الحصاد يتم جمع سنابل القمح في مكان واحد يسمى البيدر، ويرابط الرجل على رزقه خاصة فترات الاحتلال، حتى تتم عملية استخراج الحبوب من السنابل بعملية تراثية تسمى "الدريس" بواسطة "الحيلين" المعدني المعروف والشائع الاستخدام في تلك الفترة الزمنية، وهنا كان جدي يجهز لعملية "الدريس" وقد مضى وقت لم يرَ فيه ابنته الغالية على قلبه "جفلة"، وخلال ممارسته لعمله أطلت "الجفلة" أمامه، فما كان منه إلا أن رحب بها بكلمات نثرية جياشة نابعة من قلبه قال خلالها:

السيدة وحيدة خضور

"شفتك يا جفلة على البيدر طالعة.... وخدودك يا عيني الشمس الساطعة

وسألتك يا بيي عليش مفريعة.... قالت عرقانة تشم الهوا

الأستاذ محمد حسن

ميج يا بو الميج يا بو الميجانا.... من عرق خدا تصول وطحانا

حملت الحملة وقالت ردا لي.... والحطب أخضر عليش متقاله

ويلعن بو الحطب عابو المنجالِ.... على بو لدرج الحمو ببلادنا

وميج يا بو الميج يا بو الميجانا.... من حنطة خدك تصول وطحانا

حملت الحملة وحطيتا على راسا.... وخدودها الحلوين مين غيري باسا

قطعت العصا وتسمع لجراصوا.... ويا جمال العرب ما شالوا بحمالا".

فطرب الجميع لهذه الكلمات وانتشرت بين أبناء القرية كما ينتشر النار في الهشيم، حتى أصبحت تردد في مختلف أرجاء القرية كتراث يحتفى به في مختلف المناسبات، ومن ثم تحولت لتكون أغنية شعبية يرددها "الشعارَ" في مختلف المناسبات».

وفي لقاء مع السيد "أحمد حامد عباس" مختار القرية قال: «تعد أغنية "الجفلة" أغنية شعبية تمثل تراث قريتنا، وتحمل بين طياتها الفرح والبهجة والمحبة، لأنها انطلقت من أب محب لابنته، وهي لا تزال تردد في مختلف مناسباتنا الشعبية التراثية كالأفراح والأعراس».

أما الأستاذ "محمد حسن" المدرس المتقاعد، وزوج السيدة "وحيدة خضور" فقال: «هذه المفردات الخاصة بالأغنية التراثية "الجفلة" هي ذاتها المفردات التي أطلقها السيد "علي صالح خضور" لابنته، ولكن بعض المطربين الشعبيين الذين تداولوها في حفلاتهم زادوا عليها مفردات ومقاطع على ذات النغمة والقافية لتكون أغنية طويلة تتناسب ومناسباتهم الشعبية».