"ومن الزيتون لأقطف لك باقة فيها من الحب وفيها من الراحة"، مع صوت العتابا المنبعث من الحنجرة السمراء تبدأ في تشرين الأول رحلة القطاف المضنية والمتعبة في موسم يطلق عليه نزهة الزيتون العائلية، ورغم انشغال بعض أفراد العائلة إلا أن الإعفاء ممنوع والكروم لا تنتظر.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 23 أيلول 2014، التقت السيد "سليمان عيسى" من منطقة "عين الكروم"؛ ليُحدثنا عن قطاف الزيتون هذا العام في محافظة "حماة"، حيث قال: «أربعة أشهر تقريباً تحتاج حبات الزيتون لتعطي لونها الأخضر الفضي دالةً على نضجها، وقرب موعد قطافها، فبين شهر أيلول وتشرين الأول تنضج حباته، وتبدو عليها بعض النقاط البيضاء وتبدأ بعض الحبات السقوط عن الأغصان، وعادةً لا يقطف الزيتون قبل هطول أول مطر؛ فهو يغسل الأشجار والثمار ويروي عطش الأشجار بعد صيف طويل، والزيتون الأخضر ينضج قبل الأسود بأسبوعين تقريباً، وإذا كان القصد كبسه بالملح والليمون لتناوله فيجب قطفه قبل نضجه لأن الزيتون الناضج لا يصلح لـ"الكبس"، ولذلك يجب عدم خلط الزيتون المقطوف مع الزيتون المتساقط على الأرض وحده».

للزيتون العديد من الفوائد الطبية والصحية ولا يزال يباع في محلات العطارة، ويستخدم في الطب الشعبي، وذلك لدخول زيت الزيتون في معظم الأدوية المستخدمة، عن طريق تناوله أو دهنه على المناطق المصابة، إلا أن زراعته فقدت بريقها بسبب قلة الرعاية وفقدان الفلاح صبره على الزراعة، وتوجهه إلى مهن وأعمال أخرى؛ ففي السابق كان "مد" الزيتون الأخضر يعطي 3 كيلوغرام زيت، أما اليوم فلا يعطي سوى نصف الكمية

ويضيف: «يعيش الزيتون في منطقة "الغاب" حالة من الصراع للبقاء نتيجة عدة عوامل مُجتمعة من الحراثة غير الصحيحة إلى الأسمدة الكيماوية المستخدمة، وتقلص المساحات المزروعة، وقلة المواسم السابقة، كما تؤثر "الحواشة" في الحبات، وتساقط المطر وبعض الديدان التي تُهاجم الثمرات يؤدي إلى ضعف الموسم وتساقط الزيتون، إضافة لغلاء الأجور في القطاف، والكسح لا يسمح للفلاح باستخدام اليد العاملة المأجورة، كما أن الرياح في منطقة الغاب وما حولها تستمر من شهر حزيران حتى أواخر شهر آب، وتبلغ سرعتها وسطياً 70كم×سا، تترك آثارها على أي مشروع زراعي، فكيف بأشجار الزيتون؟».

القطف بالعصا

وعن فوائد الزيتون أوضح "العيسى" بالقول: «للزيتون العديد من الفوائد الطبية والصحية ولا يزال يباع في محلات العطارة، ويستخدم في الطب الشعبي، وذلك لدخول زيت الزيتون في معظم الأدوية المستخدمة، عن طريق تناوله أو دهنه على المناطق المصابة، إلا أن زراعته فقدت بريقها بسبب قلة الرعاية وفقدان الفلاح صبره على الزراعة، وتوجهه إلى مهن وأعمال أخرى؛ ففي السابق كان "مد" الزيتون الأخضر يعطي 3 كيلوغرام زيت، أما اليوم فلا يعطي سوى نصف الكمية».

أما السيدة "سلمى اسماعيل" فحدثتنا عن رحلة قطاف الزيتون بالقول: «مع إشراقة الشمس وفي السادسة صباحاً تبدأ رحلة القطاف، حيث تُفرش حول الأشجار مفارش من البلاستيك أو القماش، وتبدأ عملية القطاف وتتعدد الطرائق لقطف ثمار الزيتون، فهناك طريقة "القطف اليدوي" التي تعد أفضلها، وطريقة "القطف بالعصي" التي تعد أسوأها، والتي اختفت تقريباً في أيامنا هذه، وطريقة "القطف الميكانيكي" باستعمال عدة أنواع من الهزازات والأمشاط أثناء عملية القطف، وهذه العملية تؤدي لتساقط نسبة كبيرة من الأوراق مع الثمار، وهي الأوراق الكبيرة في العمر أو المريضة، وهنا يجب فصل هذه الأوراق عن الثمار قبل إرسالها للمعصرة أو "الكبيس"، وتتم عملية فصل الأوراق عن الثمار، إما عن طريق غربلتها بغربال خاص، أو بتسليط تيار هوائي عليها».

فرش من البلاستك

وتابعت حديثها بالقول: «أجمل ما في علمية القطاف لم الشمل العائلي؛ حيث يجتمع جميع أفراد العائلة، ورغم الانشغالات يحاول الجميع القدوم ليساعد، فيتم توزيع أدوار العمل بين النساء والرجال، فيقوم الرجال بقطف الثمار العالية بواسطة السلالم، في حين تجمع النساء الثمار من على الأرض، وتقطف ثمار الفروع المنخفضة وتوضب في أكياس أو سلل بعد أن تزال معظم الأوراق، وبعد الانتهاء تحين العودة إلى المنزل، حيث يجتمع الجميع وتتم عملية فرز الحبات، قسم لـ"الرص والكبيس" المضاف إليه قطع من الليمون والفليفلة والزعتر، وآخر يُجهز للنقل للمعاصر ليتحول زيتاً».

الجدير بالذكر أن مديرية زراعة "حماة" قد قدرت إنتاج المحافظة من ثمار الزيتون للعام 2014 بنحو 47 ألف طن، وأوضح معاون مدير الزراعة الدكتور "بسام بازرباشي" أن المساحة المزروعة بأشجار الزيتون تبلغ 702939 دونماً، تضم 8614 شجرة مثمرة، و872505 أشجار مروية، وأهم الأصناف المزروعة في المحافظة هما: "القيسي"، و"الصوراني". وقد تم إدخال أصناف جديدة من الغراس ذات الإنتاجية العالية.

سلمى اسماعيل