تتحوّل حقول قرية "البيرة" إلى خلية عمل تلتقي فيها الألفة والعون، لتكون طقساً اجتماعياً بامتياز يسوده التعاون والمحبة والهمة والنشاط أثناء اجتماع أهالي القرية في الحقول لجني محصول الذهب النباتي.

من بين حقول الحصاد وسنابل القمح الذهبية، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 حزيران 2014، المختار "يوسف محمود" ليحدثنا عن بعض عادات الحصاد، فيقول: «قبل يوم من موعد الحصاد يجتمع أفراد الأسرة للاستعداد وتحضير الأدوات المكونة من المناجل (جمع منجل وهو عبارة عن قطعة معدنية معكوفة نصف دائرية حادة) والمسنّ الذي يستخدم لشحذ المناجل والمشط المعدني، وتجهز الأم وجبة طعام خفيفة لعدة أشخاص مؤلفة من الخيار والبندورة والبيض المسلوق والسمن البلدي وقمرالدين، إضافة إلى الماء و"الشنينة" "العيران"، هذه الوجبة تمد الجسم بالطاقة بعد عناء العمل».‏

قبل يوم من موعد الحصاد يجتمع أفراد الأسرة للاستعداد وتحضير الأدوات المكونة من المناجل (جمع منجل وهو عبارة عن قطعة معدنية معكوفة نصف دائرية حادة) والمسنّ الذي يستخدم لشحذ المناجل والمشط المعدني، وتجهز الأم وجبة طعام خفيفة لعدة أشخاص مؤلفة من الخيار والبندورة والبيض المسلوق والسمن البلدي وقمرالدين، إضافة إلى الماء و"الشنينة" "العيران"، هذه الوجبة تمد الجسم بالطاقة بعد عناء العمل

والحصاد يتطلب لمة العائلة والتعاون من قبل الجميع والجهد والحيوية، وهنا يقول السيد "سليمان ريحاني" من أبناء القرية: «إن موسم الحصاد فيه المتعة والتعب، ويحتاج إلى القدرة على الصبر والتحمل لأن العامل يتقيد بأوقات لم يكن يلتزم بها، ويضطر لتحمل أشعة الشمس، ولكن الطقس الاجتماعي وخاصة في ساعات الفجر الأولى عند انطلاق الأهالي لحقول "الحصيدة"، ولقاء الأصدقاء والأقارب وتبادل الأحاديث واجتماع أفراد العائلة، وفرصة عودة الغائبين لمشاركة ذويهم، والالتقاء بالحقل، كل ذلك يخفف من آثار التعب والإرهاق. كما تدخل روح المنافسة بين الحواصيد لتكون حافزاً لإنجاز العمل بسرعة ونشاط دون كلل أو ملل، ويتسابق الجميع بحصد أكثر عدد من الشمل، ويعلو صوت المناجل في حف السنابل بين المجموعة أو بينهم وبين حواصيد الحقل المجاور».

الدرّاسة الآلية

ويضيف المختار "محمود": «عند الوصول إلى الحقل المراد حصده يأخذ كل شخص لديه الخبرة منجلاً ويبدأ بطرف من الحقل وشخص آخر يتولى مهمة تمشيط الأرض لجمع السنابل المبعثرة، ويقوم بتجميع السنابل على شكل حزم صغيرة وربطها تسمى "الشميل"، ثم تجمع بمجموعات كبيرة تدعى "الغمر" ويعني تسطير الشمل فوق بعضها بعضاً ووضع رأس السنابل الملأى بالحنطة من الداخل لحمايتها من حرارة الشمس حتى لا تتساقط حباتها، وبعد فترة من العمل واشتداد أشعة الشمس يحين موعد الاستراحة لتناول الطعام في الطبيعة، وإعادة شحذ المناجيل بالمسن لسهولة قص السنابل، ليتم متابعة العمل مع أحد المتبرعين من أهالي القرية بعد انتهائه من حقله وتعبيراً عن مودته، وتسمع أهازيج العتابا والمواويل من كل جانب وصوب ابتهاجاً بموسم الخير والعطاء، وتبادل الأهالي المباركات، ويستمر الحصاد لمدة أسبوع أو أكثر يتخلله تبادل المساعدة بين الأهالي».

يتابع السيد "ريحاني" عن مرحلة ما بعد الانتهاء من عملية الحصيدة: «يترك المحصول الزراعي لفترة وجيزة من الزمن في الحقل، وانتظار انخفاض درجة الحرارة ويكون الجو غائماً استعداداً لعملية "الضميم" أو "الرجيد" كما يطلق عليها أهالي منطقة "مصياف"، أي بما معناه ضم ونقل الموسم إلى البيادر من أجل درس الحنطة والشعير بواسطة الدراسة الآلية التي حلت عوضاً عن "الحيلان" الذي كان يستخدم في السابق، وهو مصنوع من الخشب على شكل عربة صغيرة عجلاته مسننات حديدية لكنه يستهلك وقتاً وجهداً، لذلك تم الاستغناء عنه بالدرّاسة الحديثة التي تقوم بفرز الحبوب في مخرج مخصص يعلق عليه كيس من النايلون أو شوال القنب، والمخرج الآخر لتدفق "التبن" بعد تقطيع قش السنابل ليصبح غذاءً للحيوانات، ثم ينقل الإنتاج إلى المنازل لتحويل القمح بعد خضوعه للغربلة والتنقية، وتخصص كميات "للسليقة" لإعداد وجرش مادة "البرغل" والقمحية أو "الدقة" وإعداد الطحين الذي يتم على مراحل، ويستمر التعاون بين الجوار والأقارب طوال شهر كامل وسط أجواء من المحبة والمودة تساهم في تنمية اللحمة الاجتماعية وتقوية أواصر صلة الرحم».