امتزجت فيه الثقافة بالفن والاقتصاد، وأصبح مع الزمن رمزاً يعبر عن حاضر المدينة وتاريخيها، يقام في الأول من شهر أيار من كل عام، ويعتبر طقساً اعتاده أهالي المدينة منذ عام 1935، إنه مهرجان ربيع "حماة" الذي يغيب أحياناً ولكنه لا يموت.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 10/5/2013 السيد "أحمد حسان" البالغ من العمر 70عاماً، أحد سكان منطقة "الحاضر" في حماة، والذي تحدث عن المهرجان بالقول: «اعتاد سكان "حماة" منذ القديم على اقامة احتفالاتٍ جماهيرية كبيرة خلال فصل الربيع، واصطلحوا على تسميتها بعيد الربيع، حيث يعتبر هذا الفصل هو المفضل عند أهالي المدينة، وزاد من جماليته الاحتفالات التي تصاحبه».

اعتاد سكان "حماة" منذ القديم على اقامة احتفالاتٍ جماهيرية كبيرة خلال فصل الربيع، واصطلحوا على تسميتها بعيد الربيع، حيث يعتبر هذا الفصل هو المفضل عند أهالي المدينة، وزاد من جماليته الاحتفالات التي تصاحبه

وللتعرف أكثر على مهرجان ربيع حماة، السيد "سمير الشحنة" أحد المهتمين بدراسة التاريخ، تحدث بالقول: «يعتبر مهرجان ربيع حماة من الفعاليات المحببة عند أهالي المدينة، يعود تاريخه إلى عام 1935، حيث أحيت المدينة أول احتفال لها بالربيع على يد حزب الكتلة الوطنية، وكان يعبر في ذلك الوقت عن الوحدة الوطنية.

جانب من احتفالات المهرجان قديما

ففي ذلك الوقت كان لكل حي في "حماة" خيمة تنصب في ساحة الكبيرة للحي، لتلقي التهاني من الوفود القادمة من أنحاء المدينة وجوارها، وأيضاً من حكماءِ القوم وعقلائهم وكبارهم، الذين يتقدمون الجموع وهي تجوب شوارع المدينة، وكان يقدم في هذه الخيام القهوة المرة تعبيراً عن الأصالة، بالإضافة إلى تقديم الحلويات الحموية كالنمورة والبقلاوة والمأكولات الشهيرة كالمناسف تعبيراً عن الكرم».

يضيف: «من مظاهر الاحتفالات التي اكسبتها طابعاً مميزاً، اجتماعُ الشبان ورفعهم للرايات المعبرة عن المهرجان، ليبدأ التنافس فيما بعد بين الأحياء على تقديم الأفضل، من خلال مسابقات عديدة كانت تجري بينهم، كما كان لمهرجان الربيع قديماً لباسه الخاص حيث يرتدي الشبان الثوب الأبيض العريض من الأسفل مع القبعة.

وشاركت الطرق الصوفية في احتفالات الربيع قديماً من خلال مجموعة من الفعاليات والعروض كالإنشاد و"ضرب الشيش"، و"الدوس"، وهو سير الأحصنة على أجساد بعض المتصوفة تعبيراً منهم عن عمق إيمانهم بالله».

يتابع: «لم تكن الاحتفالات تقتصر على أهالي المدينة فقط، حيث كان يتواجد فيها أعدادٌ كبيرة من أهالي المدن الأخرى القادمين للتعرف على هذه الاحتفالية المميزة، وهؤلاء كان يحتفل بهم أهالي المدينة من خلال صنع المناسف، فقد كانت تشرف على هذه الاحتفالات لجان للاستقبال والإطعام، وتؤمن المبيت للضيوف والزوار.

وما يميز مهرجان الربيع قديماً هو "العراضات"، التي كانت تشترك فيها معظم الأحياء، فيسيرون متلاصقين يمتطي كل واحد منهم كتفي أحد رفاقه، يرافق العراضة عادة لاعبو السيف والترس، وهذه اللعبة مقتبسة من المبارزة القديمة، التي كانت تجرى بين المقاتلين في الحروب، فيمتشق كل لاعب سيفه، ويمسك ترسه المعدني المصفح تصفيحاً قوياً بيساره، يتقي به ضربات سيف خصمه، حيث كان يظهر كل حي أكبر إمكاناته في التنافس مع الأحياء البقية، وهو ما كانت تشارك فيه أيضاً بعض المدن الأخرى المجاورة، كالعراضة الحمصية والحلبية والشامية وغيرها».

يختم حديثه بالقول: «مع بداية الحرب العالمية الثانية توقفت "حماة" عن الاحتفال بمهرجان الربيع، وذلك نتيجة للأوضاع الصعبة التي رافقة ظروف الحرب، وتكررت محاولات إعادة المهرجان في زمن الوحدة السورية المصرية، لكنها فشلت لأسباب غير واضحة، إلى أن عاد في فترة التسعينيات إلى الظهور مجدداً، بحلة جديدة غلب عليها الطابع الاقتصادي».