من أهم المؤشرات على الوضع الصحي في المجتمع هو زيادة أو نقصان نسبة وفيات الأطفال ما دون خمس سنوات، كما أن أبرز أسباب الوفيات عند الأطفال هو عدم وعي الأسر بعلامات الخطورة عند مرض الطفل، وبالتالي التأخر في علاجه ومتابعته ما يؤدي إلى تدهور حالته الصحية، ويمكن الوقاية من حدوث مثل هذه الحالات بزيادة وعي الأهالي بما يجب عمله خلال مرض الطفل. هذا ما تعمل به جمعية الشلل الدماغي في "سلمية" بالتعاون مع البرنامج الصحي لمؤسسة الآغا خان.

من خلال زيارة موقع eSyria لجمعية الشلل الدماغي في "سلمية" التقى بعض المشرفين والمشرفات والمتدربات وكذلك الأمهات اللاتي يرافقن أبناءهن إلى هذه الجمعية التي تعنى بالطفل المعاق. ولا مناص لنا من لقاء إحدى السيدات لنتعرف على الخدمات التي تقدمها هذه الجمعية، فالتقينا السيدة "ربا أبو جمعة" وهي أم لولدين منهما بنت مصابة بمتلازمة "داون" لتقول رأيها حول نظرة المجتمع لطفلتها، وكيف تتعامل هي مع هذه النظرة، فقالت: «لا يستطيع المرء وصف الشعور الذي ينتابه وفي عائلته طفل معاق، هناك نظرة قاتلة يصدرها المجتمع تجاهنا، لا أحد يقتنع بأن هناك أشياء لا قدرة لنا على منعها، ومع هذا أقول الحمد لله على كل شيء».

لا يستطيع المرء وصف الشعور الذي ينتابه وفي عائلته طفل معاق، هناك نظرة قاتلة يصدرها المجتمع تجاهنا، لا أحد يقتنع بأن هناك أشياء لا قدرة لنا على منعها، ومع هذا أقول الحمد لله على كل شيء

لكن السيدة "ربا" جد سعيدة مما تقدمه هذه الجمعية من خدمة ورعاية لابنتها، وتابعت تقول: «هذه أول مرة أدخل الجمعية، بصراحة كنت مترددة، لكنني وجدت فريقاً متطوعاً يستحق منا كل الاحترام، يقدمون الرعاية للأطفال المعاقين بكل محبة، وأهم ما لاحظته هو هذا الهدوء الذي يسيطر على المكان وكأن لا أحد هنا، الأطفال سعداء هنا، وبالنسبة لابنتي فقد لمست عندها تحسناً جيداً من خلال طريقة المعاملة، كذلك مزاجها الذي يعتبر خاصاً لدى أصحاب هذه الإعاقة، وهذا بالتأكيد يعود لما تقوم به هذه الجمعية من رعاية».

عدد من الأطفال المرضى وقت الغداء

ولكننا صادفنا عدداً من المشرفات اللاتي يقدمن النصائح للأمهات، من بينهن المشرفة "نسرين الجرف" وهي مدربة في مجال صحة الطفل في المنطقة الصحية في "سلمية" ومتطوعة في البرنامج الصحي في مؤسسة الآغا خان، تحدثت عن الرعاية المنزلية للطفل المريض، ودور المجتمع المحلي في تقديم الخدمة والمعلومة للأمهات، وتضيف: «بات الكلام النظري لا يغني ولا يسمن، فعمدنا إلى تقديم المعلومة للأم عن طريق مشاهد تمثيلية، ونحن نعرف مدى تأثير الفعل الدرامي لدى شرائح كبيرة من المجتمع خاصة الأمهات الأكثر تأثراً ومشاهدة، ونعمد إلى إشراك الأمهات في الفعل الدرامي ولا نكتفي بها متفرجة».

وفي دراسة ميدانية وجد أن 98% من الأمهات يعمدن إلى التوقف عن الإرضاع الطبيعي في فترات مبكرة، وأن 2% فقط من يلتزمن بإرضاع الطفل حتى بلوغه السنتين، فما يقدم هؤلاء للسيدات الأمهات، تقول "نسرين": «لا يمكن إجبار أحد على فعل ما، لكن كل ما نقدمه هو النصيحة التي تستند إلى وقائع علمية، ونعرف السيدة على الممارسات الخاطئة التي يمارسنها بحق أطفالهن، وترسيخ الممارسات الصحيحة والتأكيد عليها».

اهتمام من قبل الأمهات

من جانب آخر التقينا السيد "عادل مقداد" المدير الإداري لجمعية الشلل الدماغي، وسألناه عن الوسائل التي يتبعونها للوصول إلى ذوي الأطفال الذين يعالجون في هذه الجمعية فقال: «في الحقيقة الفجوة كبيرة بين الجمعيات الخدمية وبين المجتمع الأهلي، لذلك وبالتنسيق والتعاون مع البرنامج الصحي في مؤسسة الآغا خان وجدنا أن السبيل لذلك من خلال اللقاء معهم، تقديم المعلومة مباشرة للأم، وفعلاً نعمل على دعوة الأمهات للحضور ومراقبة الابن خلال تواجده عندنا، الاطلاع على الخدمة، والاستفادة مما يقدم لهن من قبل مدربات ومشرفات في مجال العناية بالطفل أثناء تواجده في المنزل، يجب أن يكون هناك توافق بين المكانين كي يستفيد المعاق من طرق المعاملة».

السيدة "خديجة خضور" رئيسة قسم المعالجة الفيزيائية في الجمعية تحدثت عن دور العلاقة بين الجمعية من جانب الرعاية المدروسة والأم التي تعتمد على الجانب العاطفي في علاقتها مع طفلها، قالت: «بالتأكيد كل أم تزور هذه الجمعية هي المستفيدة الأكبر، وهذا من شأنه أن يطور العلاقة الإيجابية بينها وبين المكان الذي يستقبل ابنها لساعات يومياً، ودورنا هو تقديم الإرشادات لهن، ونؤكد دائماً ضرورة الابتعاد عن المفاهيم القديمة في طرق التربية، وتأكيد الانتباه جيداً لما هو في مصلحة الطفل».

"نسرين الجرف" في مشهد تمثيلي للأمهات