يعتبر مرض "التلاسيميا" أحد أمراض فقر الدم المزمنة غير المعدي، ينتقل وراثياً من الوالدين إلى الأبناء بواسطة الجينات، كما يسبب فقر الدم بسبب خلل في الموروثات التي تحكم تصنيع خضاب الدم "الهيموغلوبين" ما يسبب نقصاً، أو عدم وجود "الهيموغلوبين" الطبيعي في كريات الدم الحمراء مؤدياً إلى هشاشتها وانحلالها وضعفاً في وظيفتها.

والأرقام تشير إلى وجود 86 حالة تلاسيميا في "سلمية" فمن خلال التعاون المثمر بين جمعية أصدقاء سلمية مطلقة الحملة والبرنامج الصحي في "مؤسسة الآغا خان" أعلن عن انطلاق هذه الحملة التي تهدف إلى دعمين معنوي ومادي لأصحاب هذا المرض. والبداية كانت في الندوة التي أقيمت في قاعة "الكرماني" وضمت من المحاضرين الدكتورة "ناديا عيشة"، الدكتور "أحمد بكور"، الدكتور "مصعب الحموي"، إضافة إلى الممرض "راني عجمية" مدير البرنامج والحملة، وهو أحد المصابين بهذا المرض.

عندما تدخل التلاسيميا من الباب يهرب الحب من النافذة

موقع eSyria حضر ومنذ اللحظة الأولى انطلاقة هذه الحملة لما لها من أهمية كبرى على الصعيد الإنساني.

"راني عجمية" مدير برنامج التلاسيميا

البداية تعريف بهذه الحملة من خلال لقاء أجريناه مع الممرض "راني عجمية" مدير الحملة الذي تحدث عنها ومدى أهميتها وضرورتها، فقال: «ما ينقص مجتمعاتنا هو الوعي لهذا المرض ومعرفة خفاياه ومدى تأثيره السلبي على حياة المصاب به، فالحملة في أهدافها تحمل التوعية للناس على حد سواء من أجل الخضوع لفحص ما قبل الزواج بشكل طوعي، هذا من جانب التماس الوقاية، أما الأمر الآخر فهو نشر ثقافة التبرع بالدم التي كثيراً ما يكون لها الأثر الإيجابي على مرضى التلاسيميا».

وعن فريق عمل هذه الحملة قال: «بدعم من جمعية أصدقاء سلمية وفريق مكون من ثمانية عناصر مصرين على نجاحها تمت الموافقة على إطلاق الحملة من قبل الجهات المختصة وتمت دراسة النشاطات من قبل اللجنة في جمعية أصدقاء سلمية والتي تطوعت لدعم هذه الحملة بالاستمرار ولمدة سنة».

جانب من الحضور

ولمعرفة المزيد عن البرنامج السنوي لهذه الحملة التقينا الدكتورة "ناديا عيشة" مديرة برنامج الكشف المبكر عن الأورام وتعتبر هذه الحملة من ضمن برنامجها فقالت: «من ضمن خطة العمل سنعقد عدداً من الندوات لأطباء مختصين ومهمتين، إضافة إلى إطلاق حملة تبرع بالدم، وحملة تشجير في حديقة خاصة بمرضى التلاسيميا، كذلك إقامة حفل فني خيري لدعم هذه الحملة، مع توزيع "بروشورات" وملصقات، ومطويات تتضمن شرحاً مفصلاً عن هذا المرض. وستكون هذه الحملة بالتعاون مع المؤسسات غير الحكومية والمؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى بعض الفعاليات الاقتصادية».

من جهة أخرى ولمعرفة المزيد على واقع هذا المرض التقينا الدكتور "مصعب الحموي" رئيس قسم وحدة التلاسيميا في "سلمية"، فقال: «في الحقيقة ما نهدف إليه هو تفعيل الفحص الطبي لاستكمال أوراق الزواج، وأن يصبح فاعلاً وفعالاً، وغايتنا هو الإرشاد وليس المنع، فيمكن أن نضع الخطيبين أمام حقيقة وجود أو احتمال وقوع إصابات بهذا المرض، ولكننا لسنا مخولين في منع هذا الزواج لو أصر الطرفان على المضي فيه».

من اليمين الدكاترة: "مصعب" "ناديا" "أحمد"

وعن عدد الإصابات في سلمية ومحيطها، يقول: «بداية يجب أن نعرف أن نسبة الحاملين لهذا المرض على المستوى العالمي تصل إلى 7% وعندنا في سورية قاربنا هذه النسبة كثيراً، ففي منطقة "سلمية" التي تتبع لمركزنا فإن عدد الإصابات وصل إلى 86 إصابة موزعة على الشكل التالي: 23 مريضاً في سلمية، تسعة مرضى في ناحية "السعن"، ومثلها في ناحية "بري الشرقي"، وعشر إصابات مناصفة بين قريتي "حمادة عمر" و"خطّملو"، وباقي الإصابات موزعة على باقي القرى بواقع إصابة أو اثنتين».

ويضيف: «القوانين والتشريعات تسمح بإجراء التحاليل ولكنها لا تسمح بفرض عملية وقف الزواج لمن هم مرضى أو حاملين لهذا المرض، في الوقت الذي تجاوزت فيه بعض الدول مثل قبرص واليونان هذه العراقيل ومنعت الزواج وبذلك حققت القضاء المبرم على هذا المرض في الوقت الذي كانت فيه قبرص تشكل أعلى نسبة إصابات بهذا المرض».

«عندما تدخل التلاسيميا من الباب يهرب الحب من النافذة»، هذا ما بدأ به الدكتور "أحمد بكور" رئيس مركز التلاسيميا في "مجمع الأسد الطبي" في مدينة "حماة"، فتحدث عن المركز الذي يديره فقال: «يعتبر المركز الأكبر في المحافظة، فهو يعالج 538 مريضاً مصابون بالتلاسيميا، وتبين لنا أن أكثر الإصابات قادمة من "منطقة الغاب"، ومن "السقيلبية" ما نسبته 35% من الإصابات».

ويتابع: «تكمن خطورة التلاسيميا من خلال معاناة الأهالي في الصرف المادي والجهد المبذول في مرافقة المرضى في فترة العلاج والتي تكون دائمة ومدى الحياة، فقد تصل ساعات العلاج من أربع ساعات إلى ثمانية بمعدل خمسة أو ستة أيام في الأسبوع، وهذا مؤشر خطير يعكس مدى معاناة الأهل».

ــ مما قيل في هذه الندوة:

ــ ينتشر المرض في العالم بدرجات متفاوتة، تكثر الإصابة في دول حوض البحر الأبيض المتوسط لذلك يطلق عليه فقر دم البحر الأبيض المتوسط.

ــ تشير بعض الإحصائيات المنشورة من مصادر سورية إلى وجود حوالي سبعة آلاف حالة مرضية كبرى تحتاج لنقل الدم، وحوالي مليون شخص يحمل المرض دون ظهور العلامات المرضية.

ــ أسباب التلاسيميا خلل في الجينات التي تحكم إنتاج خضاب الدم وتنتقل من الوالدين إلى الأبناء بشكل متنحي.

ــ من علامات مرض التلاسيميا الشحوب المزمن، واليرقان، وقلة الجهد والتعب، مع ظهور سحنة خاصة بهم مع التقدم في العمر.

ــ للوقاية منه علينا تجنب التزاوج بين الأشخاص المرضى أو الحاملين للمرض عن طريق فحص الدم قبل الزواج.

ــ يعالج مرضى التلاسيميا بطرق ثلاث هي: نقل الدم- معالجة تراكم عنصر الحديد في الدم- زراعة النخاع العظمي.

ــ تم قبول 55 حالة تلاسيميا عام 2009 ووصل قبول المرضى إلى 48 حالة في العام الحالي 2010.