اشتهر الحمويون باللباس التراثي القديم المكون من "القنباز" المفتوح من الأمام، ويجمع طرفيه حزام من الجلد، يلبس فوقه في فصل الشتاء "دامر" مصنوع من الجوخ وهو شبيه بالجاكيت ولكن من دون أزرار وبأكمام عريضة، ويستبدل بعضهم الدامر بالبكدلية أو "الفروة" وهي "دامر" طويل وعريض مبطن من الداخل بجلد من صوف الخاروف، ويلبس كبار السن ممن تكون أحوالهم المادية جيدة الجبة فوق القنباز وتبطن شتاء بجلود ذات فراء فخمة.

المهندس "مرهف أرحيم" مدير السياحة في "حماة" والباحث في التراث الحموي قال: «لابد للجميع من ارتداء لباس للرأس على الدوام، فبعضهم يضع على رأسه الطربوش الأحمر المعروف، ولكن الأكثرية تضع الكوفية وفوقها العقال، وأما كبار السن فيلفون "عمة" فوق الطربوش، وتكون من القماش الأبيض إذا كانوا من المتفقهين دينيا، أو من القماش الأبيض المطرز "بالأغباني" إذا لم يكونوا من المتفقهين، ومعظم الناس يستخدمون الأحذية العادية في الشتاء، ولكن البعض يلبس الحذاء العالي ويسمى "بوتين" وأما في الصيف فيكاد الجميع ينتعلون "الشاروخ الحموي" الذي يتفننون في أشكاله وزينته».

هذا ولا تزال صناعة "الشاروخ" مزدهرة في حماة لاعتمادها على الاستهلاك المحلي أولا وعلى التصدير لدول الخليج ثانيا

وحول لباس النساء يضيف المهندس أرحيم: «وأما النساء فجميعهن محجبات ولا يظهرن كثيرا في الطرقات، وترتدي المسنات منهن "الملاية" الزمّ السوداء التي تغطي كامل الجسم ويسدلن المنديل السميك على الوجه، وأما الشابات فيرتدين الخراطة السوداء "التنورة"، ويضعن فوقها "البرلين" الأسود ومنديل الوجه الرقيق، ومع مرور الأيام تطور لباس الشابات فأصبح "مانطو" من القماش الرقيق، ومنديل اسود يلف الرأس والعنق وتتدلى منه قطعة شفافة أمام الوجه يمكن التحكم فيها، وكان هذا في الزمن الماضي ورغم احتفاظ البعض بعادة ارتداء هذه الملابس، إلا أن أغلبية الحمويين يرتدون اليوم الملابس الشائعة في باقي المحافظات السورية».

اللباس الحموي التراثي

ويتابع المهندس أرحيم: «وأما في الريف فلا يختلف لباس الرجال في شيء عن لباس أهل المدينة، والخلاف الأساسي هو في لباس النساء حيث ترتدي المرأة الريفية ثوبا طويلا من قماش غامق اللون، ويطرز بخيوط "الكنفا" بشكل كامل تقريبا، وأما لباس رأس المرأة فيختلف من منطقة لأخرى والقاسم المشترك فيه هو العصبة السوداء المطرزة بخيوط الذهب أو الفضة أو الحرير، وتلبس المرأة تحته صفا من النقود الذهبية يتماشى مع الحالة المادية للأسرة، وغالبا ما تضع المرأة شالا من خيوط الحرير الطبيعي».

وتمتاز محافظة حماة بصناعة البكدلية و"الشاروخ الحموي" وبفن تطريز الملابس "الخرج".

الخرج

فما الخرج ؟

هو فن تطريز الملابس يدويا بخيوط سميكة من الحرير الملون، يحدثنا عنها الخياط "حسين محيميد" من أشهر خياطي "الخرج" في حماة فيقول: «إن خياطي القنابيز والجلابيات درجوا على عادة تخريج حواف الأكمام والجيوب في "القنباز" و"السروال" و"الدامر"، وكذلك تطريز فتحة الصدر والقبة في الجلابية بالخيوط الحريرية لزيادة متانتها ولتزيينها، وتتطلب هذه الحرفة دقة عالية وقدرة على الصبر بالإضافة إلى حدة البصر، وكلما زادت كثافة الخرج زادت معه قيمة وأهمية الجلابية أو الدامر أو القنباز».

ويضيف "محيميد": «إن الخيوط واحدة ولكن القيمة في كمية الخيوط المستخدمة وفي زمن عملية التخريج، ويتباهى الحمويون بجمال أشكال وكثافة الخرج لأنه هو الذي يميز الدامر أو الجلابية وليس التصميم أو الشكل العام فهو واحد في جميع الأحوال، وخاصة في الطقم العربي الكامل المؤلف من الدامر القنباز أو الجلابية والذي يبلغ سعره أضعاف سعر بدلة أوروبية، فقد يصل سعر الطقم كامل إلى "خمسين ألف ليرة سورية"».

*صناعة "البكدلية"

بسبب ارتباط سكان محافظة حماة الوثيق بالبادية وبسبب توافر الأغنام، دأب الرجال على استخدام البكدلية أو ما يسمى محليا "الفروة"...

الخياط "محمد السقا" أشهر خياطي البكدليات في حماة يقول: «البكدلية تستخدم لاتقاء برد الشتاء وهي تشبه "مانطو" عريض بأكمام عريضة تصنع من قماش قطني سميك، وتبطن بكاملها من الداخل بفرو الغنم، وتكتسب الفروة أهميتها من عدد الفراء المستخدم، حيث يحرص الخياطون على استخدام الفراء الصغيرة الحجم، أي فراء خراف تذبح صغيرة لا يتجاوز عمرها الشهرين أو الثلاثة على أن يكون لونها أبيض، وهذا يتطلب معالجة دقيقة لجلود الغنم من حيث التعقيم وقصر الألوان ومن ثم المهارة في القص والتركيب، ويزين ظهر البكدلية وصدرها وأكمامها بالخرج لتزداد قيمتها الفنية والمادية لتصل إلى عدة آلاف من الليرات السورية».

*الشاروخ...

تنفرد محافظتا "حماة" و"ديرالزور" بصناعة "الشاروخ" بسبب قربهما من البادية، الحاج "أحمد زكار" من أشهر صانعي "الشاروخ" في حماة يقول: «"الشاروخ" الحموي يتميز من سواه بتعدد موديلاته وأشكاله وتنوع المواد التي يصنع منها، وهو حذاء مكشوف له إصبع في المقدمة يدخل فيها إبهام القدم فيما يغطي باقي القدم بقطع بسيطة من الجلد، تؤمن التهوية لكامل القدم وراحة في المشي».

وحول صناعته يقول "زكار": «إن نعل "الشاروخ" يصنع عادة من جلد الجمل أو البقر السميك، ونظرا لغلاء أسعار هذه المادة بات يصنع "الشاروخ" من مواد صناعية كالمطاط و"البوليتيلن"، وأما وجه "الشاروخ" فيصنع من الجلد الرقيق ويزين بخيوط من القصب الملون أو من الجلد، ويتفنن الحذاؤون في تصميم أشكال القسم العلوي من "الشاروخ" وفي قيمة المواد التي يزين بها».

ويضيف "زكار": «هذا ولا تزال صناعة "الشاروخ" مزدهرة في حماة لاعتمادها على الاستهلاك المحلي أولا وعلى التصدير لدول الخليج ثانيا».