دعا الدكتور "فايز فوق العادة" رئيس "الجمعية الكونية السورية" إلى تتغير العادات الاستهلاكية والعودة إلى الطبيعة والاستفادة من مواردها بالشكل الأمثل والذي يراعي التوازي الحيوي-الحياتي.

وقال "فوق العادة" في الندوة التي دعت إليها جمعية أصدقاء البيئة في "حماة" بتاريخ الثامن والعشرين من شهر كانون الأول 2010 والتي حملت عنوان "تأثير التلوث على كوكب الأرض": «وضع كوكب الأرض يرثى له، وأنا لا أستطيع إخفاء كوني متشائماً».

وضع كوكب الأرض يرثى له، وأنا لا أستطيع إخفاء كوني متشائماً

واستعرض "فوق العادة" عدداً من العادات الاجتماعية والاستهلاكية السيئة التي تؤثر سلباً على سلامة البيئة بأسلوب مبسط وعبر أمثلة تناولت الحياة اليومية من خلال الإشارة إلى النقاط التي تساهم في صنع التلوث والفوضى وقال: «إن لم نقم بتعديل سلوكنا، فالعالم سوف يتجه نحو الخراب، لقد درسنا التقشف كمبدأ أخلاقي وبات لزاماً علينا أن ننادي بالتقشف كمبدأ بيئي، ودرسنا الصدق كقيمة أخلاقية، واليوم نطالب بالصدق كمبدأ بيئي».

الدكتور "فايز فوق العادة"

وأشار رئيس الجمعية الكونية السورية إلى أن: «التلوث ليس أمراً حكومياً بل هو ضريبة المدنية الحديثة، فعندما نبسط إجراءات الحياة فذلك يعني المزيد من التلوث، لكن ذلك لا يعني أن نستغني عن المدنية، لأن المعادلة صعبة جداً».

واستعرض عدداً من الإحصائيات عن مقدار مساهمة بعض أنواع الصناعات في تشوه مجرى الأنهار فقال: «إنتاج طن واحدً من "الصلب" يحتاج إلى خمسين طن من الماء، وإنتاج طن واحد من "الأصباغ" يتطلب خمسمائة طن من الماء، كلنا نجرم بحق الأنهار، إذ يدخل النهر بارداً ومليئاً بالحياة إلى مصنع للأصبغة ويخرج حاراً ومسمماً وحاملاً للموت».

التلوث في مجرى نهر العاصي

وحمّل "فوق العادة" الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية ما يحدث قائلاً: «مؤتمر "كوبنهاغن" الذي انسحبت منه الولايات المتحدة الأميركية والصين وأعاقت عمله وقراراته، إن هذا الانسحاب ناتج عن وجود تقارير تثبت أن ثمانين بالمئة من تلوث العالم سببه ومصدره الولايات المتحدة الأمريكية، والباقي تقتسمه دول العالم الأخرى».

وقال الدكتور "فايز فوق العادة" في تصريح لمدونة وطن eSyria: «من سلبيات الحياة الحديثة هو البحث عن أشياء ثابتة، ولكن المبدأ في الحياة أن لا يكون هناك شيء ثابت، إذ أن ما ينتهي ويموت يجب أن يتحلل لفسح المجال أمام تكوينات حياتية جديدة، فكيس النايلون يحتاج وسطياً إلى ألف عام لكي يعاد تحليله، كثير من المنتجات الحالية التي يفتخر المنتجون اليوم أنها ثابتة تعارض أحد قوانين الحياة "الإرجاع"، لا بد من الإرجاع».

المحامي "نصر كيلاني"

وأضاف: «أحد أسباب انتشار "قناديل البحر" على شواطئ المتوسط هو وجود أكياس النايلون بكميات كبيرة، إذ أن هناك توزاناً بين "السلاحف البحرية" و"قناديل البحر"، لكن شكل القناديل البحرية يشبه شكل أكياس النايلون مما جعل السلاحف البحرية تأكل أكياس النايلون، وتصاب بالانسداد المعوي وتموت، فانتشرت القناديل البحرية بشكل مرعب، إنه إخلال هائل في قوانين الطبيعة».

وعن الدراسات الحديثة التي تناولت موضوع التغيرات المناخية على كوكب الأرض قال "فوق العادة": «في تقرير أعده احد العلماء الأمريكان قال فيه أنه بدءاً من عام 2010 سيدخل العالم في عصر جليدي، ووافقه عليه عالم ألماني مع اختلافه معه في تحديد السنة».

وأضاف: «تشير الدراسة إلى أنه آجلاً أم عاجلاً ستدخل أوروبا في "عصر جليدي"، أما بلادنا فستغرق بالأمطار، وأوضح التقرير الذي أهمله الرئيس الأمريكي الأسبق "جورج بوش"، أن البشرية سوف تتعرض إلى عصر جليدي قادم لا ريب فيه».

وقال الدكتور "فايز فوق العادة": «أما القطب الجنوبي ليس بأفضل حال من الشمالي، حيث يشكل القطب الجنوبي "ترموستات" العالم، ونتيجة الأطماع البشرية المتزايدة يجري الآن تغيير بيئة القطب الجنوبي بحثاً عن النفط، حيث أوضحت الدراسات أن الجليد بدأ بالذوبان، وعلى الرغم من الحقائق الهائلة التي يقدمها العلم عن المخاطر التي يسببها التلوث البيئي، إلا أن الحكومات في أمريكا وأوروبا لا تأبه، وكل شيء يؤول إلى التردي».

وحذّر الباحث "فايز فوق العادة" من خطورة "التلوث النفسي" والذي برأيه ينجم عن: «أنواع عديدة من البضاعة الناتجة عن داء الاستهلاك، نتيجة تنوع أشكال البضاعة المعروضة، حيث يصبح الإنسان متردداً في عاداته الاستهلاكية ويقدم أكثر على شراء منتجات مشابهة في المواصفات وتختلف في الشكل، وهنا يجب أن نسأل أنفسنا: لماذا نستهلك أكثر من احتياجاتنا؟؛ طريقتنا الاستهلاكية في العالم كله هل هي طريقة سليمة؟».

واستدرك قائلاً: «إن هذه الطريقة تفترض الفرض الخاطئ في أن كوكب الأرض يستطيع أن يزودنا بالعطاءات والفلزات إلى ما لانهاية، لقد نفذ الفحم، والنفط في طريقه إلى النفاذ، ومقولة أن كوكب الأرض هو مكب للنفايات لا قاع له هي مقولة خاطئة أيضاً».

وعن دور الإعلام فيما يحدث قال "فوق العادة": «الآن يستخدم علم النفس في معرض مدمّر إلى درجة رهيبة، فالإنسان يسلب تماماً أمام التلفاز وأمام وسائل الإعلام المرئية، "المخ" الآن مستعمر بصرياً، وأكبر تجربة وكذبة مرّت هي أنفلونزا الخنازير، وهي كذبة كبيرة انطلت على العالم كلّه».

وختم الدكتور "فايز فوق العادة": «لا بد أن أذكر آباءنا وأجدادنا الذين لم يكونوا يعرفون القراءة والكتابة ولم يعرفوا شيئاً عن العلم، وبالرغم من ذلك كانوا يعلمون أن دورة الحياة يجب أن تستمر، وأنه يجب أن نفسح الطريق لحياة جديدة».

والتقينا أيضاً المحامي "نصر كيلاني" رئيس جمعية أصدقاء البيئة في "حماة" والذي قال لنا: «نحن نسمع جميعاً بما يتأثر كوكب الأرض بالملوثات، يجب أن ندرك دورنا الصحيح في تصحيح ما يحدث من اختلالات كبيرة في دورة الحياة».

وأضاف "كيلاني": «نشكر الدكتور "فايز فوق العادة" على حضوره بيننا اليوم، وآمل أن يكون اللقاء معه فيه فائدة لكل من حضر».

الجدير بالذكر أن جمعية أصدقاء البيئة في "حماة" تأسست عام 2005 بموجب قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رقم 1950 ويبلغ أعضاءها 162 عضواً، وأغلبهم من أصحاب الخبرات العملية، وتعمل الجمعية على نشر التوعية البيئية والمشاركة في حملات النظافة والتشجير، وتهتم بمجرى نهر العاصي، وقامت بالعديد من النشاطات في مجال مكافحة التدخين.