لعله "طيش الشباب"، أو حب التحدي، أو الاعتزاز بالذات، ومحاولة لفت أنظار الآخرين، سمه ما شئت، لكن الشاب "عامر النقار" (26) عاماً لن ينسى أبداً ما حدث معه في 7/8/2009 داخل حوض السباحة في "مسبح الأسد"، حيث حوله تحدٍّ على أجمل قفزة من على (المنكس) بينه وبين ابن عمه إلى نزيل إجباري في غرفة العناية المشددة في المستشفى الوطني في "حماة".

وللاطلاع بشكل أكبر على تفاصيل الحادثة eSyria توجه إلى المستشفى الوطني والتقى السيد "محمود فرج" صديق المصاب وأحد من شهدوا الحادثة حيث قال:

لعله قدر صديقي "عامر" أن يدفع الثمن غالياً، ولكن السؤال هل ستتوقف عنده عجلة التهور؟ ألا يجب أن نفكر كيف نتخذ بعض الإجراءات التي تقي شبابنا من احتمالات الموت أو ما هو أصعب من الموت أحياناً؟ من كل قلبي أتمنى له الشفاء، وأتمنى أن ينتبه كل الشباب إلى تصرفاتهم أن يفكروا قليلاً قبل أن يندفعوا بحماس قد يكون الأخير في حياتهم

«ما حدث في يوم الجمعة لم نكن نتوقعه مطلقاً، حيث انقلبت رحلتنا الجميلة إلى أسوأ لحظات حياتي، فقد اصطحبني "عامر النقار" أنا وأولادي مع أبناء عمه إلى "مسبح الأسد"، وبعد أن سبحنا معاً لمدة نصف ساعة ونحن نصفق لـ"عامر" على أدائه الجميل من على (المنكس) رغم أن عمق الماء لا يتجاوز المتر ونصف المتر، طلبنا منه الخروج من الماء لنتوجه للاستراحة، وفعلاً لبى "عامر" الطلب وخرج من الماء، وإذا بابن عمه "بلال" يناديه ويطلب من التحدي بقفزة أخرى، فقبل "عامر" الدعوة رغم معارضتي الشديدة له لأن آثار التعب بدت ظاهرة على وجهه، وأنا متوجه نحو منطقة الاستراحة وإذا بأصوات تملأ الحوض وتطالب بإسعاف، ركضنا نحوه وإذا بشاب غارق ببركة من الدم وقدماه تطفو على السطح تبين لنا عند سحبه أنه "عامر"، أخرجناه بسرعة من الحوض حيث ارتطم رأسه بقاع الحوض، واتصلنا بالإسعاف التي قامت بنقله في تمام الساعة (12) ليلاً، ومن سوء حظي تلك ليست أول حادثة أشهدها بأم العين، فقد سبق لي أن شاهدت حادثة مماثلة لهذه مع ابن جيراننا يدعى "بشير زعتيني"، وأنا أطلب من إدارة المسبح أن تزيل هذا المنكس اللعين».

أخصائي العصبية محمد سلطان

وعند سؤالنا عن الوضع الصحي للمصاب أجابنا الدكتور "محمد سلطان" اختصاصي الجراحة العصبية في المستشفى الوطني والمشرف على حالة الشاب "عامر" حيث قال:

«في تمام الساعة (12) ليلاً من يوم الجمعة وردنا إلى قسم الإسعاف حالة سقوط في المسبح لشاب، نتج عن هذا السقوط شلل كامل بالقدمين وجزئي باليدين مع انعدام للحس من مستوى حلمتي الثدي وإلى الأسفل، قمنا بعدها مباشرة بإجراء صورة "طبقي محوري" تبين من خلالها تضرر بالفقرة العنقية الخامسة وكسر في السادسة مع انزلاق في الفقرة العنقية السابعة، وبعدها أعطيناه الأدوية بالجرعة النظامية وأجرينا له صورة "رنين مغناطيسي" للعمود الرقبي أظهرت وجود تهتك بالنخاع الرقبي من مستوى الفقرة العنقية الرابعة إلى مستوى الفقرة السادسة، وحالياً يتم تحضيره للعمل الجراحي، وإن أشد ما أثر بحالة "عامر" هو تضرر النخاع وليس الكسر بحد ذاته بسبب احتوائه على بعض المراكز الحيوية كمركز التنفس».

عامر في المشفى

وعن طبيعة هذا العمل الجراحي الذي سيجرى له قال:

«بصراحة العمل الجراحي حساس جداً، وممكن إجراؤه بطريقتين، الأولى عن طريق نزع طعم عظمي من منطقة الحوض وزرعه بالرقبة لكنها طريقة مؤلمة جداً لم يفضلها الأهل، والثانية التي اعتمدناها ستتم عن طريق زراعة ثلاث فقرات رقبية بعد نزع الفقرات المتضررة، وستجري العملية في مستشفى "المركز الطبي" حيث اختار الأهل ذلك رغم إمكانية عملها هنا، فهذه العملية تستغرق ما لا يقل عن (10) ساعات مع تكلفة مادية باهظة جداً، حيث سيقوم الدكتور "عماد الروح" باجرائها له، ونسبة النجاح لا يعلمها إلا الله بسبب تضرر مركز التنفس».

محمود فرج

وبالعودة لـ"محمود فرج" والذي تغمره مشاعر الأسى على ما أصاب صديقه من ضرر قال: «لعله قدر صديقي "عامر" أن يدفع الثمن غالياً، ولكن السؤال هل ستتوقف عنده عجلة التهور؟ ألا يجب أن نفكر كيف نتخذ بعض الإجراءات التي تقي شبابنا من احتمالات الموت أو ما هو أصعب من الموت أحياناً؟ من كل قلبي أتمنى له الشفاء، وأتمنى أن ينتبه كل الشباب إلى تصرفاتهم أن يفكروا قليلاً قبل أن يندفعوا بحماس قد يكون الأخير في حياتهم».