ورث عن أبيه حرفة الستائر فأبدع فيها، وعلّمها لأولاده وأوصاهم بمتابعتها، وحرص على تحصيله العلمي، فدرس في عدة معاهد بشكل متلاحق وتسلّم عدة مهام، وخدم مجتمعه دون مقابل، رافضاً أيّ مكافآت أو امتيازات.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 17 آب 2020 التقت الحرفي "محمد صائب" ابن الراحل "عبد الكريم الخطيب" ليحدثنا عن دراسة والده والمهام التي تسلمها قائلاً: «كان جدي نجاراً، وتركيب وتصميم الستائر من مهامه، لازمه أبي منذ صغره فأتقن الحرفة عنه، كان أبي شعلةً من الطاقة محبّاً للعمل والدراسة، وأنهى دراسة معهد تصميم وتنفيذ داخلي بـ"دمشق" عام 1954، ثم عاد وحصل على الثانوية مرة ثانية ودرس معهداً تجارياً في "حلب" 1958، وبالعام نفسه افتتح محلاً للستائر في حي "الأميرية" جانب المشفى الوطني، وكان الثاني بـ"حماة" في هذه الحرفة، ثم عاد ودرس في المعهد الصناعي قسم مكانيك سيارات في المعهد الأول بـ"حماة" 1961، وقدّم على مسابقة التوظيف وعيّن مديراً للمكتب الفني في المعهد الصناعي الأول لأكثر من ثلاثة وثلاثين عاماً، ومدرساً لمادة الرسم الصناعي بالمعهد نفسه، إضافة إلى أنه عضو مجلس مدينة منذ عام 1990 حيث بقي 28 عاماً، وعضو لجنة حي، وعضو بمديرية الآثار والسياحة وعضو مكتب تنفيذي في المحافظة من عام 1999 حتى 2003، حيث كان ملتزماً بوظيفته في النهار، وبعدها يعمل في حرفة الستائر حتى الثانية عشرة ليلاً، وقد غطى احتياج المحافظة والريف، بالإضافة أنه كان رئيس الفوج الثالث للكشافة العرب منذ عام 1960 وحتى 1970».

علمني مادة الرسم الصناعي عندما كنت طالباً في المعهد الصناعي الأول، ومن حبه للعلم كان يحببنا به، يعاملنا كأولاده، ولم يبخل علينا بنصيحة أو استزادة بالمعرفة والعلم

ويضيف "محمد صائب" عن والده قائلاً: «على الرغم من تحصيلنا العلمي فأخي "صفوان" خريج ر. ف. ك، و"غزوان" أيضاً ر. ف. ك، و"أحمد" خريج تجارة واقتصاد وماجستير إدارة أعمال وهو حالياً رئيس شعبة الجباية ورئيس مكتب أملاك المدينة في المجلس، وأنا مساعد مهندس، و"رائد" خريج تجارة واقتصاد، و"زاهر" رئيس مجمع المعاهد بـ"حماة"، إلا أننا جميعنا نعمل في حرفة الستائر، فقد حرص والدي على متابعة هذه الحرفة حتى أصبح لدينا ثلاثة فروع موزعة في المحافظة، حيث علمنا إياها منذ نعومة أظفارنا، وعلّمناها لأولادنا مع حرصنا على تحصيلهم العلمي، فمنهم الطبيب "حاتم" أخصائي عظمية سنة خامسة، و"عاصم" طب أسنان سنه ثانية، و"عبد الكريم" هندسة سنة ثانية».

الحرفي محمد صائب الخطيب

ويتابع: «عندما كان أبي عضو مكتب تنفيذي في "حماة"، ومسؤولاً عن اكتتاب المحلات في المنطقة الصناعية رفض التسجيل لأي منا فيها، لأنه يرى في غيرنا حاجة لها أكثر، لقد كان أباً صارماً مع كل الحنان، دقيقاً في مواعيده ولا سيّما ما يتعلق بحياتنا اليومية والعملية، وبقي في عمله الوظيفي حتى تقاعد عام ألفين، وظل في حرفة تصميم الستائر حتى وفاته عام 2003».

الدكتور "نادر زكار" تحدث عن الراحل "الخطيب" قائلاً: «كان يتمتع بأخلاق عالية، اجتماعي، مثقف، محب لخدمة المجتمع، وأنصف المتضررين في حي "بين الحيرين" بموضوع الاستملاك عام 1983، وقدم خدمات جمّة للبلد عندما تسلم مهاماً في المكتب التنفيذي لمجلس المدينة أو المحافظة، مثل حديقة "الكندي" التي كانت مقبرة، وشق الطرقات متل طريق "طارق بن زياد"، وغرس 2700 شجرة في الجزر الموزعة بين الطرقات العامة في "حماة"، وكل المهام التي كلف بها تفرغ لها دون أي تعويض، حتى أنه صرفت له مكافأة من وزير الإدارة المحلية عام 1997 لكنه رفضها علماً أنه كان بحاجة ماسة لها، خرّج أجيالاً من المهنيين حتى أصبحوا معلمين في حرفهم في المعهد الصناعي الأول، وأخي أحد تلامذته».

النجار محمد دله

ويضيف النجار "محمد دله" عن المربي الراحل "عبد الكريم الخطيب" قائلاً: «علمني مادة الرسم الصناعي عندما كنت طالباً في المعهد الصناعي الأول، ومن حبه للعلم كان يحببنا به، يعاملنا كأولاده، ولم يبخل علينا بنصيحة أو استزادة بالمعرفة والعلم».

يذكر أنّ "الحرفي "عبد الكريم الخطيب" من مواليد "حماة" 1935، توفي عام 2003.

الدكتور نادر زكار