حقّق نجاحاً كبيراً في بلاد الاغتراب على الصعيد الاجتماعي والمهني، وللتعريف بالثقافة السورية أنشأ جمعية "الصداقة السورية الأوكرانية"، وتقديراً لجهوده أطلق اسمه على نجمة ووثقت في كتاب "نجوم الكون العالمي"، لكنّه آثر العودة إلى الوطن لمساعدة أبناء بلده.

«الذكريات التي حملتها معي، والتي شدتني للعودة بعد غربة دامت أكثر من 27 عاماً ملأى بالنجاحات على الصعيد المهني والاجتماعي»؛ هذا ما قاله الدكتور "قاهر أبو الجدايل" لمدونة وطن "eSyria" التي التقته بتاريخ 23 آب 2016، حيث تحدث عن أهم المحطات بحياته قائلاً: «حصلت على الشهادة الثانوية بعلامات شبه تامة، ولأنني أحب الفيزياء تقدمت للدارسة بهيئة الطاقة الذرية بـ"دمشق"، وأعلن عن مسابقة عام 1988 للدراسة في إحدى جامعات "الاتحاد السوفييتي"، وتم اختياري من بين المئات؛ أثناء دراستي لمست مدى حب المغترب لوطنه، ولأنني كنت مؤمناً بهذه المقولة: "لا يبهرك نور الشمس الساطع في هذه البلاد، فهي تحرق المشاعر وتقتل القلوب"؛ أنشأت "جمعية الصداقة السورية الأوكرانية" عام 2000، وبمساعدة مجموعة من المغتربين المؤمنين بأهداف الجمعية والباحثين عن طريقة للتواصل مع الوطن، قمنا بتحديد أهداف الجمعية التي تدور حول مدّ جسور الصداقة والمحبة بين الشعبين، من خلال النشاط الاجتماعي والاقتصادي والفكري المشترك».

اجتماعنا مع بعضنا ليس مصادفة، فروح العطاء التي تملكتنا ساهمت بتحقيق أهداف الجمعية

ويتابع: «صدر قرار إلغاء إقامة المفاعل النووي في "سورية"، فتبدلت الأولويات بالنسبة لخياراتي؛ ولأنني لم أكن أطمح أن أكون موظفاً عادياً بإحدى مؤسسات الكهرباء، قرّرت دخول المجال التجاري الذي كان يستهويني، فكوّنت شركة استيراد وتصدير، ونجحت بهذا المجال، وتمكّنت من دعم الجمعية مادياً، وبدأت تأخذ صدى إيجابياً، ولم أكن بعيداً عن المجال العلمي، حيث أشرفت على العديد من الأبحاث العلمية».

كتبت عنه أغلب الصحف الأجنبية والعربية

«اجتماعنا مع بعضنا ليس مصادفة، فروح العطاء التي تملكتنا ساهمت بتحقيق أهداف الجمعية»؛ هذا ما قاله المهندس "نضال ناجي" أحد أعضاء الجمعية، ويتابع: «تعرّفت "أبوالجدايل" في مطلع عام 2003؛ أثناء الجهد الكبير الذي بذله لافتتاح خط طيران مباشر بين "أوديسا" الأوكرانية ومدينة "حلب" لتسهيل تواصل الجالية السورية مع الوطن. وليرفع من شأن وسمعة السوريين المقيمين في المدينة، حرص على الاهتمام بشؤون الطلبة العرب والسوريين، وتقديم يد المساعدة لهم لمتابعة تحصيلهم العلمي، حيث عمل على تكريم الطلاب السوريين المتفوقين، والكادر التدريسي في جامعاتهم بشتى الاختصاصات ولعدة سنوات متواصلة، وهذا كان حافزاً حقيقياً لتشجيع عدد كبير من أبناء الجالية السورية على الاجتهاد، وهو صاحب الفضل الأكبر بنجاح أهداف الجمعية، الأمر الذي ساعد على مرّ السنين في القيام بالكثير من الأعمال الخيرية والنشاطات الثقافية والاجتماعية، وأقام العديد من المعارض في البلدين، كمعرض الفنون للمتميزين في مدرسة "أدهم إسماعيل"، مع استضافة الرسامين ودفع نفقات تنقلاتهم وسفرهم وإقامتهم، وأقام معرضين؛ واحد بالعاصمة "دمشق"، وآخر في "حماة" لمدرسة "كاستاندي" الأوكرانية للمتميزين، لتعريف المجتمع السوري بهذه الفنون، وأقام العديد من النشاطات الرياضية تحت شعار الصداقة السورية الأوكرانية، وأوفد فرقة فنية أوكرانية شاركت بفعاليات مهرجان "ربيع حماة" السنوي الشهير ليشجع السياحة في بلدنا، كذلك أقام أسبوعاً ثقافياً سورياً بامتياز في ربيع عام 2005 في أوكرانيا».

ويتابع: «رغبة منه في التعريف بالمستوى الراقي للشعب السوري، قام بدعوة واستضافة فرقة "إنانا" السورية للباليه، ونظم لها عروضاً في أشهر دور الباليه في كل من "كييف" و"أوديسا"، وظلت لسنوات عديدة مداراً للحديث الشعبي والرسمي، كما أقام معرضاً مهماً للسياحة السورية في أوكرانيا، لإظهار الجوانب الحضارية والتاريخية لبلدنا، واستضاف المشاركة السورية "إيزابيلا بيطار" ضمن فعالية ملكة جمال البحر الأسود.

سعد الدين التونجي

ومن منجزاته أيضاً اكتساب الجمعية عضوية اتحاد الجاليات وجمعيات الصداقة الأوروبية السورية، كما نظّم العديد من الفعاليات الخيرية لمصلحة دور العجزة والأيتام، وشارك في العديد من الندوات الفكرية المتلفزة في أوكرانيا للتعريف بالشعب السوري».

وأضاف عن سبب وضع اسم "أبو الجدايل" على أحد النجوم المكتشفة: «عرفاناً بالجميل للأعمال التي قام بها، ولقدرته على مدّ جسور الصداقة بين الشعوب، وبموجب استطلاع للرأي تم تكريمه وأطلق اسمه على أحد النجوم المكتشفة وغير المسماة عام 2004، التي تعادل أحد عشر ضعفاً لشمسنا، ووثقت في كتاب "نجوم الكون العالمي" في معهد الفضاء الدولي "تيتوف" في "موسكو"، كما صدر كتاب بعنوان: "الاعتراف الشعبي"، الذي ضم جميع الشخصيات التي تم اختيارها بناء على الاستفتاء وحسب الاختصاص، الذي ابتدأ بعبارة: "نحن جميعاً أبناء هذه الكرة الأرضية، ويحتاج بعضنا إلى بعض، والإرث الثقافي الذي ليس له ثمن كما الجواهر الموزعة على الأرض"، ومنح شهادة دولية، وهذه الجائزة تمنح للعلماء والباحثين والناشطين الاجتماعيين».

دوار ساحة المأمون

المغترب الدكتور "سعد الدين التونجي" الحاصل على دكتوراة بالعلوم الرياضية والفيزيائية، قال: «أفخر أن يكون لي صديق مثله مجتهد في عمله ومحب للأعمال الخيرية، تعرّفته عندما طُلب مني أن أقوم بإعداد جداول لجميع الطلاب المتفوقين السوريين والعرب وحتى الأجانب في جميع الاختصاصات؛ لتكريمهم ضمن حفل وتوزيع الجوائز المادية والتذكارية، وهذا كله ترافق مع نجاحه كرجل أعمال مرموق في "أوديسا"، فالعلاقات القوية والمتينة التي تربطه مع كبار رجال الدولة كان لها أثر إيجابي في دعم مشاريعه الخيرية».

مختار "مصياف" "إياس الملوحي" المشرف على عدد من الأعمال التي موّلها الدكتور "قاهر" لتحسين واقع الحياة بالمنطقة، قال: «معرفتي به تعود إلى بداية عام 2007 عندما زارنا رغبة منه في القيام بمشاريع تنموية مفيدة لمنطقته، فقرر إنشاء دوارات بالمدينة للتخفيف من حوادث السير، وإضافة منظر جمالي وحضاري إلى المنطقة، التي نحن بأمس الحاجة إليها؛ حيث إن البلدية لا تستطيع أن تتكلّف بمبالغ باهظة.

تم إشادة أول دوار عام 2008، وبتكلفة 850 ألف ليرة سورية ضمن أكبر ساحة بالمنطقة، التي تسمى ساحة "المأمون"، وفي عام 2009 أعدنا تأهيل دوار "الشهداء" الذي يقع وسط المدينة، وهو مفتوح على أربعة اتجاهات وبتكلفة 340 ألف ليرة سورية، أشاد في عام 2010 دواراً عند مدخل المدينة من جهة "وادي العيون" و"حمص"، حيث تكثر حركة السير والحوادث، واخترنا نصباً تذكارياً للمرآة المصيافية الريفية البسيطة مع حمامة تحط على كتفها وهي تحمل سلة تين وعنب وتستقبل الضيوف بكل محبة وسلام، ونحت النصب النحات "محمد بعجانو"، حالياً يُشاد دوار أمام المستشفى الوطني بتكلفة مليونين وأكثر.

قرّر البقاء في "سورية" ولم يتركها إلا لفترات قصيرة، فهمّه مساعدة أبناء منطقته لتخطي الأزمة، وبعد أن استقر بالبلد يعدّ ناشطاً اجتماعياً في العديد من النشاطات التي تحقق الفائدة لأبناء بلده، لهذا قام بشراء أرض قريبة من "مصياف"، وعمل على شراء معمل لتصنيع واجهات زجاج، الذي يمكن أن يشغل أكثر من 200 عامل. حالياً هو عضو مجلس إدارة "جمعية مصياف الخيرية"، ويوزع سنوياً مبالغ مادية لأكثر من 70 طالباً لإكمال تحصيلهم العلمي».

يذكر أن قاهر "أبو الجدايل" من مواليد "مصياف"، عام 1969، وحاصل على دبلوم هندسة مفاعلات نووية عام 1995، وحاصل على شهادة الدكتوراه باختصاص معامل الطاقة النووية والحرارية عام 2004، تم تكريمه لتميز نشاطه في أوروبا مرتين؛ الأولى عام 2005، والثانية عام 2007 من قبل الرئيس بشار الأسد.