وهب نفسه لدور التربية والتعليم، وسخّر إمكاناته وطاقاته لخدمة اللغة العربيّة، فألّف عشرات الكتب في سبيل ذلك، وبنى اسماً مضمونه الإجلال والتقدير.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 4 تموز 2016، وقفت عند شخصية متميزة على مستوى القطر في مجال اللغة والأدب، والثقافة عامة، ضمن سيرته ومسيرته محطات كثيرة حافلة بالعطاء والسخاء، وخير من يفتتح الحديث عن سيرته ابنته "ريم محمود فاخوري"؛ التي تحدّثت عن البدايات بالقول: «السنوات التي عاشها أبي قدم فيها الكثير من الأعمال الأدبية والمنجزات الثقافية، وتولّى الكثير من المناصب الإدارية في المجالات المذكورة، فمراحل الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية التي كانت في "حماة" امتزجت بالتفوق والمثابرة، ودراسته الجامعيّة في جامعة "حلب" كلية الآداب قسم اللغة العربية التي بدأت عام 1951 كانت بذات التميز، أمّا شهادة الماجستير فحصل عليها عام 1975، بعد ذلك قام لسنوات عدة بالتدريس في مدارس ومعاهد مدينة "حلب"، ثم كانت العودة مجدداً إلى كلية الآداب بصفة محاضر لطلبة اللغة العربية.

أشرف على تدريسي في الجامعة في بداية الثمانينيات، وحقاً كان مربياً ومعلماً، نصائحه وتوجيهاته الأبوية حاضرة في أذهاننا حتى يومنا هذا، الثقافة التي يحملها تعدّ كنزاً وإرثاً كبيراً، خسرناه بالجسد، لكن الذي يسطر ويقدم كل هذه الخدمات الجليلة للغة والعلم فحكماً سيبقى في الأذهان

كان عاشقاً للعلم والثقافة والعلوم، وعدّها واجباً عليه وساهم في تطويرها، فانتقل من مكان إلى آخر، ومن دار أدبي إلى دار ثقافي حبّاً باللغة وعشقاً بالأدب، فمنذ عام 1995 حتى عام 2000 كان عضو اتحاد الكتاب العرب، وشغل منصب أمانة السر فيه طوال السنوات التي ذُكرت، إضافة إلى ذلك كان عضو تحرير في مجلتي "التراث العربي" في "دمشق"، ومجلة "الضاد" في "حلب"، إلى جانب عضويته في مجمع اللغة العربية بـ"دمشق"، وتزامناً مع ذلك حافظ على عضويته في جمعية "العاديات" بمدينة "حلب"، إلى جانب رئاسته لنادي التمثيل العربي للآداب والفنون منذ عام 1990 حتى يوم رحيله».

في إحدى الجلسات للحديث عن اللغة العربية

تتابع "ريم": «لم يتردد بتلبية نداء الهيئة الاستشارية للموسوعة الإسلامية الميسرة التي كانت تصدر في "حلب"، فكان عضواً فيها، وشارك بالكثير من موادها ومجلداتها الأدبية، وشارك أيضاً في كتابة بعض مواد الموسوعات العربية بـ"دمشق" مع موسوعة "القيم ومكارم الأخلاق" التي صدرت في "السعودية" ضمن 52 مجلداً، لم يتقيد بوسيلة واحدة أو جانب معين في سبيل إيصال رسالة الأدب واللغة، بل كانت له أحاديث دورية على منبر الإذاعة بمدينة "حلب" كل أسبوع منذ عام 1986 وحتى عام 2006 للحديث عن الجانب المختص فيه، مع إطلالات دائمة على جميع وسائل الإعلام للهدف ذاته. وفيما يخص أنشطته الأخرى، فكانت من خلال المحاضرات والندوات، ونشر المقالات والدراسات في الصحف المحلية والمجلات العربية، وله الكثير من البرامج والحلقات التلفزيونية المحلية والعربية.

بالنسبة إلى معهد التراث العلمي العربي في "حلب"، فقد شارك بمؤتمرات سنوية حول تاريخ العلوم عند العرب، حتى محطات التكريم فهي عديدة، وأكثر من مرة من وزارة الثقافة ومؤسسات ثقافية وأدبية في "حلب"، وحصل على جائزة "الباسل" لتكريم المبدعين للإنتاج الفكري عام 2001».

"موسيقا الشعر" من مؤلفاته

الدكتور "محمد الوادي" من زملاء التدريس في جامعة "حلب"، عنه يقول: «أفضاله على اللغة العربية في جوانب كثيرة، وفي سبيل ذلك أنجز وقدم الكثير من الأعمال، وسافر إلى دول وبلدان عديدة من أجل المشاركة بمؤتمرات وندوات حول اللغة والعلوم، من تلك الدول: ("لبنان"، "الأردن"، "فلسطين"، "فرنسا"، "مصر"، و"إيطاليا")، مع مشاركة له في مؤتمر عقد في "بولونيا" عام 2000 عن الشعر العربي في العصور الوسطى، وأسهم في تأليف بعض الكتب المدرسية لمدارس القطر. كُتب عنه في وسائل إعلام عربية كثيرة، وله مؤلفات خاصة باللغة العربية منها: "سفينة الشعراء"، "صفة الصفوة"، "مسلم بن الحجاج القشيري النيسبوري"، و"موسيقا الشعر العربي"؛ والمؤلف الأخير يُدرّس لطلبة كلية الآداب قسم اللغة العربية السنة الأولى، والكثيرون من المؤلفين يستعينون بمؤلفاتهم عند تأليف كتبهم، لذلك تعدّ مؤلفاته خير مرجع للمؤلفين».

التربوي "حسين مزهر" من مدينة "القامشلي" نثر عنه بعض الجمل لمعرفته به أثناء الدراسة، ويقول: «أشرف على تدريسي في الجامعة في بداية الثمانينيات، وحقاً كان مربياً ومعلماً، نصائحه وتوجيهاته الأبوية حاضرة في أذهاننا حتى يومنا هذا، الثقافة التي يحملها تعدّ كنزاً وإرثاً كبيراً، خسرناه بالجسد، لكن الذي يسطر ويقدم كل هذه الخدمات الجليلة للغة والعلم فحكماً سيبقى في الأذهان».

يذكر أن "محمود فاخوري" من مواليد قرية "الغرّاية" التابعة لمحافظة "حماة" عام 1933، وتوفي عام 2016.