منذ مئة عام مضت، وكل من يزور "السلمية" لا بد له من تحلية يتناولها في استراحة المسافر، من صنع "إبراهيم درويش"، الذي أسس محلاً لبيع الحلويات الشعبية التي ما زالت حتى اللحظة تلقى رواجاً كبيراً على الرغم من وفاة صاحبها، حيث طور أبناؤه الصنعة، وحافظوا على موروثهم من دون أن يغيروا الأصناف التي اعتادها الناس.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 27 شباط 2019، الحلواني "فيصل حسن إبراهيم درويش"، ليتحدث عن بداية هذه المهنة قائلاً: «أنهيت تحصيلي العلمي، إلا أنني أمارس صناعة الحلويات منذ صغري، حيث تعلمتها من والدي الذي توفى عام 2000 وقد ناهز الثمانين من عمره، والذي طوّر صناعة حلوى "الفيصليات" على الرغم من صعوبة تحضيرها، حيث كان الفحم الوسيلة الوحيدة للطهو، وصنع الحلويات الشعبية، مثل: "المشبك، والنمورة، والوربات بالقشطة العربية والفستق الحلبي"، وكان يبيعها في محطة المسافرين للقادمين إلى "السلمية". تعلمت صناعة عجينة النابلسية، حيث كنت أبيع القطعة بسعر فرنك ونصف الفرنك للمحال، وتباع للزبون بفرنكين، وبعد ذلك أصبحنا نبيع للمحال في سوق المدينة، لكن الآن وبسبب غلاء المواد الأولية اقتصر عملنا على الأنواع الشعبية، لأننا نعدّ أنفسنا مكان الزبون، فما نصنعه نأكل منه ونطعم أبناءنا، لذلك حافظنا على زبائننا من الطبقة الشعبية والمسافرين القادمين إلى المنطقة، حيث أصبحت حلويات "الشعيبية" (ترويقة) لهم، التي لا يتجاوز سعرها مئة ليرة سورية».

أتناول الحلوى وأعشقها كغيري من الناس، وقد اعتدنا زيارة المكان لأنه يقدم أصنافاً منوعة ولذيذة جداً، وأسعارها مناسبة. وأفضل ما أحب تناوله "الكاتو، والبلورية"، وفي أيام العطلة أذهب مع مجموعة من رفاقي لتناول الحلويات المتنوعة كنوع من الطقس الذي اعتدناه وجعلناه مثل السيران، هم ليسوا بحاجة إلى دعاية أو إعلان، فقد ورثوا صنعتهم من جدهم، وحافظوا على الأصالة في العمل، وطوروا منتجهم وفق العصر، وهو تطور طبيعي، لذلك منحوا الثقة من الناس

ويحدثنا "أكرم علي إبراهيم درويش" عن بدايته في صناعة الحلويات وتصريفها قائلاً: «ورثت المصلحة من أبي الذي ورثها من جدي؛ ذلك الرجل الذي تعلّم الكثيرون من خبرته، حيث بدأ عمله في "القدموس" في صنع "الملبس، والمعلل، والمشبك، والنمورة" لينتقل إلى "السلمية"، ويبدأ صناعة أنواع جديدة. لقد عانينا الكثير بسبب أنواع الطحين وصعوبة تحضير الحلويات على الفحم، وحافظنا على ما بدأه جدي من الأصناف الشعبية، وعلمناها لأولادنا الذين أضافوا إليها أنواعاً جديدة من الحلويات العربية والغربية، والآن يقتصر دورنا على الإشراف، ونسوق منتجاتنا في "السلمية" و"حمص" و"حماة" و"دمشق"، وأيضاً فتحنا فروعاً لنا في "إيطاليا" و"ألمانيا"، وقد كسبنا شهرتنا لإخلاصنا في الصناعة، حيث نالت منتجاتنا شهادة الجودة العالمية، وزبائننا في ازدياد؛ لأن منتجاتنا تناسب كل مستويات الدخل».

الحلواني علي محمد درويش

الحفيد "علي محمد إبراهيم درويش" الذي تعلّم الصنعة من والده، قال: «تعلمت صناعة الحلويات منذ طفولتي، وكنت أشعر بمتعة وأنا أراقب والدي عند تحضيرها، فأتقنت الصنعة وخاصة "الكنافة"، وحافظت على الأنواع الشعبية؛ لأنها تعدّ السلعة الأساسية بسبب زيادة الطلب عليها، ومناسبتها لمستوى دخل أفراد المجتمع المحلي، وإن تنوع الطحين وتوفر الكهرباء والغاز في العصر الحديث سهّل إنتاج أنواع جديدة من الحلويات، وساعدني على إنتاج أصناف جديدة، مثل: "التمرية" المؤلفة من التمر والمكسرات أو جوز الهند، التي نالت إعجاب الزبائن. أما تسويق المنتجات، فهو في تحسن مستمر، ووصل إلى أرياف "حمص"، و"طرطوس" و"القدموس". أحب هذه المهنة وأخلص لها دائماً، وقطعت وعداً على نفسي أن أسير على ذات النهج الذي ربانا عليه أهلنا، وتعليم أولادي أصول الكار، مع حرصي على دراستهم الجامعية».

"رهف الجرف" من زبائن الحلواني "درويش"، قالت: «أتناول الحلوى وأعشقها كغيري من الناس، وقد اعتدنا زيارة المكان لأنه يقدم أصنافاً منوعة ولذيذة جداً، وأسعارها مناسبة. وأفضل ما أحب تناوله "الكاتو، والبلورية"، وفي أيام العطلة أذهب مع مجموعة من رفاقي لتناول الحلويات المتنوعة كنوع من الطقس الذي اعتدناه وجعلناه مثل السيران، هم ليسوا بحاجة إلى دعاية أو إعلان، فقد ورثوا صنعتهم من جدهم، وحافظوا على الأصالة في العمل، وطوروا منتجهم وفق العصر، وهو تطور طبيعي، لذلك منحوا الثقة من الناس».

حلويات درويش
الحلواني فيصل حسن درويش