تعد شجرة الرمان من الأشجار المهمة في قرية "دير ماما"، ابتداءً من أهمية تحديدها للحقول الزراعية وانتهاءً باستثمارها لأصعب وأصغر المواقع الحقلية، ناهيك عن التفنن بزراعة أصنافها.

من النادر أن تجد حقلاً زراعياً صغيراً أم كبيراً في قرية "دير ماما" لا توجد بمحيطه أشجار الرمان، لتمثل سور الحماية والدلالة بالنسبة لبقية الحقول، وهذا بحسب حديث السيد "أحمد حامد عباس" مختار القرية، حيث أضاف لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 تشرين الأول 2014: «وجود شجرة الرمان في حقولنا الزراعية جاء نتيجة توظيف أبناء القرية توظيفاً متكاملاً لوجودها والفائدة المحققة من ثمارها، وذلك ضمن التراث القديم والمتوارث، والمعروف على مستوى المنطقة بأكملها، حيث كانت البداية من إمكانية نموها في أصعب المواقع الجغرافية، أي في المنحدرات وجانب المنازل وعلى أطراف الحقول الزراعية، حيث يعمد ابن القرية إلى زراعة غراس أشجار الرمان بمختلف أصنافها الحلو و"اللفان" ضمن محيط الحقل لتكون بمنزلة السياج الطبيعي المفيد، في حين اعتاد بقية المزارعين في بقية القرى استخدام أشجار السرو والصنوبر لذلك».

إن وفرة وجود أشجار الرمان في القرية رغم ضعف المساحات الزراعية المتوفرة فيها، كان نتيجة توافر المياه وملاءمة الطبيعة المناخية لزراعة وإنبات هذه الأشجار، فترى في موسم الإزهار حقول القرية وجوانب الطرق مغطاة بالأزهار الحمراء الجميلة والمميزة، وهو ما يمنحها جمالاً متميزاً عن بقية الحقول الزراعية الأخرى

وعن أنواع أشجار الرمان قال المختار "أحمد": «لقد أدرك أبناء القرية مختلف أصناف الرمان التي قد تكون ذات مردودية جيدة وفقاً للحاجة منها، أي إنهم اختاروا أصنافاً خاصة لصناعة "دبس الرمان"، وأصنافاً أخرى لتناول ثمارها، وأخرى هجينة بلا بذور، وتعدد الأصناف هذا كان وفق التجربة التي خاضها الأهالي مع هذه الشجرة عبر حياتهم التراثية والحالية المتطورة، حتى إن الضيافة الأساسية التي قد تقدم للزوار تكون من أفخر أنواع الرمان المنتج في القرية، وفي الأغلب تزرع جانب المنازل الأصناف الجيدة التي يكون من السهل قطافها وقت الحاجة، لتقديمها للضيوف والاستمتاع بمذاقها ونكهتها.

السيد تركي الشامي

والرمان الذي تكون ثماره بيضاء وذات قشر رقيق في الأغلب يكون حامض الطعم ويسمى "لفاني"، ويخصص لصناعة الدبس، أما الرمان الذي تكون ثماره حمراء وذات قشر سميك فيكون طعمه مائلاً إلى الحلاوة ويخصص للضيافة والتناول، وهذا بالعموم، وقد تختلف النوعيات والنكهات، ويبقى التذوق سيد الموقف، فيحاول الفرد منا في القرية أن تكون بجوار منزله أفضل الأصناف، وإلا يعمد إلى تطعيمها وتحسين إنتاجها».

السيد "تركي الشامي" من أبناء وسكان القرية، قال: «تنال أشجار الرمان لدينا العناية الجيدة لمساهمتها في تحسين الحالة الاقتصادية لأبناء القرية، ففي كل موسم نقوم بتسميدها وتقليمها مع بداية شهر شباط، ونحن هنا نتأخر بتقليمها للمحافظة على مياه عروقها، حيث تبدأ الأشجار التبرعم والإزهار مع بداية شهر نيسان، وهذا ما أدركناه من التجربة والخبرة، ليكون إنتاجنا جيداً، علماً أن محاصيل الرمان لا تتعرض لمواسم المعاومة، أي سنوات الحرمان كما أشجار الزيتون».

رمان دير ماما

السيد "محمد حسن" مدرس تاريخ متقاعد من أبناء وسكان القرية، قال: «إن وفرة وجود أشجار الرمان في القرية رغم ضعف المساحات الزراعية المتوفرة فيها، كان نتيجة توافر المياه وملاءمة الطبيعة المناخية لزراعة وإنبات هذه الأشجار، فترى في موسم الإزهار حقول القرية وجوانب الطرق مغطاة بالأزهار الحمراء الجميلة والمميزة، وهو ما يمنحها جمالاً متميزاً عن بقية الحقول الزراعية الأخرى».

ويتابع الأستاذ "محمد" بالحديث عن كيفية توظيف أبناء القرية لكامل إنتاج هذه الأشجار، بالقول: «لقد كونت زراعة الرمان في قرية "دير ماما" دون غيرها، رغم ضعف المساحات الزراعية المتوفرة فيها، حلقة إنتاجية اقتصادية متكاملة، فما يمكن أن يكون خاصاً بالتناول يستهلكه الشخص بكامله، ويستفيد منه في الصحة العامة، أما ما هو خاص بصناعة دبس الرمان فهو الذي يكوّن هذه الحلقة المتكاملة، فبعد عصر حبات الرمان لصناعة الدبس، تبقى البذور ويكون لها عدة استخدامات أتقنها أبناء القرية في حياتهم التراثية وتناقلوا هذه الخبرة منذ القدم، فمنهم من يستخدمها لتسميد الحدائق المنزلية الصغيرة المخصصة لزراعة الخضراوات والحشائش كالهندباء والبصل والبقدونس والرشاد والفجل وغيرها، ومنهم من يعمد إلى بيعها للتجار القادمين من المحافظات الأخرى، كمحافظة "حلب"، ليصار إلى إدخالها في صناعة الزعتر البلدي، أما القشور الخارجية فكانت تباع أيضاً لتجار قادمين من محافظة "إدلب"، ليستخدموها في عمليات دباغة الجلود».

زراعة الرمان في كل مكان بالقرية