قيمة الإنسان بالعمل، والعمل يحتاج لرأسمال، هذا ما قد توفره المؤسسات التي تدعم المشاريع الصغيرة، فهي شرارة لخلق دخل معقول.

«في عملي هذا لم يكن من الممكن أن أحصل على تمويل من أي مصدر رسمي باستثناء الاستدانة من الآخرين، وهذا ما كان يشكل عبئاً كبيراً عليّ. الآن أنا مرتاح، فوضعي مستقر، وأسدد أقساطي بشكل جيد».

نحن بصدد فتح وحدة خدمات في منطقة "القدموس"، وأخرى في بلدة "السعن"، وفي مناطق مختلفة، وقريباً سيفتتح لنا فرع في مدينة "الرقة"

هذا ما صرح به المقترض "عبد المحسن علي الجاسم" وهو من أهالي قرية "سوحا" حيث وجد لنفسه فرصة عمل من خلال تجارة نشارة الخشب والفحم.

"أنيس فياض" مدير فرع سلمية

موقع eSyria زار مؤسسة التمويل الصغير الأولى- سورية- FMFI-SYRIA فرع "سلمية" للوقوف أكثر عند أهمية هذه المؤسسات التي وجدت لتقدم المعونة لأشخاص أو جماعات بإمكانها خلق فرص عمل تقيها الفاقة والعوز، فالتقينا الأستاذ "أنيس فياض" مدير فرع "سلمية" ومشرف على فرع "مصياف"، والبداية عن أهمية القروض الصغيرة على الصعيد العام وما يمكن أن تقدمه لطالب العمل، فقال: «أولاً يجب أن نعرف أين تكمن الأهمية هذه إذا عرفنا أنها تبحث عن المهمشين اقتصادياً بالدرجة الأولى، وعادة نستهدف هذه الشريحة من الناس لخلق أثر في تحسين الحياة».

ويتابع: «السياسة التي نعتمدها في مؤسستنا هو التدرج في الخطوات مع المستفيد من هذه القروض، وخلاف البنوك التقليدية فنحن نعمد على رفع مستوى الوعي الاقتصادي المالي وحتى الاجتماعي من خلال عملية التزام المقترض عبر هذه العلاقة التعاقدية بينه وبين المؤسسة، من هنا نسعى بالتعاون مع المقترض إلى إيجاد فرص عمل دائمة».

"عبد المحسن الجاسم" أحد المقترضين

وخلافاً لما هو معمول به في البنوك تعتمد مؤسسة التمويل الصغير على المجتمع، والناس هم وسائل التأكد من التزام المقترض، ويضيف الأستاذ "أنيس" قائلاً: «الحياة الاجتماعية للمقترض أمر أساسي في الموافقة على الإقراض، فليس همنا أن نجذب المتعاملين معنا بقدر ما نبحث عن الشريحة التي يمكنها تحقيق هذا الالتزام، وكثيراً ما نقع في عدم وضوح الرؤية تجاه مقترض ما، لكن هذا لا يمنعنا من انتهاج هذه السياسة لما لها من أهمية في زيادة العلاقة بين المؤسسة عبر موظفينا، والمقترض، وكثيراً ما يكون رفض طلب الاقتراض هو في مصلحة المتقدم للقرض لعدم قناعتنا في جدية هذا المشروع، أو قدرة المتقدم على السداد».

لكن هناك من يرى أن الفائدة التي تضعها هذه المؤسسة مرتفعة نسبة لما هو معمول به في البنوك الأخرى، وهذا يعود لأسباب قالها الأستاذ "أنيس فياض" وهي: «تكلفة القرض أعلى- قد يكون جزء من رأسمال هذا القرض هو قرض من مؤسسات مالية أخرى، وهذا أيضاً يرتب علينا دفع فائدة لتلك الجهة- وجود شركاء في رأسمال المؤسسة- إضافة إلى طريقة دراستنا للقرض ومتابعة هذا القرض من قبل موظفينا، وهذا يلزمه تكاليف، فالمسافة بين المؤسسة والمقترض قد تصل إلى مئات الكيلومترات خلاف البنوك الأخرى التي لا يفصل بينها وبين الزبون سوى زجاج كوة الدفع».

القروض تقدم بطريقة علمية

ثم يتحدث الأستاذ "أنيس" عن آلية دفع وسداد القرض والذي يستند في أساسه على قدرة المقترض وعدم إرهاقه، قال: «الجدوى الاقتصادية التي يقدمها المقترض تساعدنا في تحديد آلية السداد، ونحن لا نترك المقترض بل نتابعه في مكان عمله، ونتواصل معه باستمرار، نشاركه الرأي، يصبح فرداً من عائلتنا علينا أن نوجهه لما فيه مصلحته، وهذا ما تقوم به لجنة القروض من خلال دراسة مبدئية، فالمطلوب من المقترض هو كفيل موظف، وآخر اجتماعي لا يستند في كفالته على أساس راتبه أو دخله بشكل عام، ونحن لا نجعل من الكفالة عائقاً فيمكن لأي جهة عامة أو ورشة أو سجل تجاري أو رهن عقاري أن يلعب دور الكفيل».

مضيفاً أن الغاية من فكرة الكفيل الاجتماعي هو رفع ودعم الحالة المجتمعية بين الناس من خلال هذه الكفالة.

وكما باستطاعة المرء أن يقترض، كذلك يمكنه الادخار وفتح حساب في هذه المؤسسة، وعن ذلك يتحدث قائلاً: «لقد صمم فتح حساب ادخار لملاءمة نفس الشريحة في حالة الاقتراض، والحد الأدنى لفتح حساب هو /250 ليرة سورية/ دون دفع رسوم، والوديعة تبدأ من /25 ألف ليرة سورية/ وهذا الأمر غير متاح في البنوك الأخرى، كما أنه يلبي طموحات المدخرين من حيث سعر فائدة مناسبة للمبالغ الكبيرة، ولدينا ثلاثة أنواع من حسابات الادخار هي: الحساب الجاري حدّه الأدنى /250 ل .س/ والفائدة /0%/. حساب التوفير حدّه الأدنى /250 ل .س/ وفائدته /6،5 %/. الودائع حد أدنى /25 ألف ليرة سورية/ وفائدة /6،5 %/، وهذا التصميم جاء ليناسب كل شرائح المجتمع».

وننهي اللقاء بطموحات هذه المؤسسة والتي أوضحها الأستاذ "أنيس فياض" فقال: «نحن بصدد فتح وحدة خدمات في منطقة "القدموس"، وأخرى في بلدة "السعن"، وفي مناطق مختلفة، وقريباً سيفتتح لنا فرع في مدينة "الرقة"».

من جهة أخرى التقينا السيد "فاضل حسينو" أحد موظفي المؤسسة الذي تحدث عن عمله فقال: «مهمتنا هي دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع المقدم إلينا والتشاور مع الزبائن، إضافة إلى زيارتنا الدورية إلى أماكنهم لنطلع على سير عمل المقترض، والعمل على تقديم تقارير حول جدوى المشروع الذي اختاره كل واحد من المقترضين».

يذكر أن "مؤسسة التمويل الصغير الأولى" إحدى المبادرات التي تقدمها "شبكة الآغا خان للتنمية"، والتي بدأت عملها في سورية عام 2003 وانتشرت على مساحة كبيرة من القطر العربي السوري لتشمل عدة محافظات ومدن هي: "دمشق- سلمية- حمص- حلب- طرطوس- السويداء- مصياف"، وقريباً في "الرقة".