يعدّ اللوحة السفير المتجول للجمال والمحبة بين الشعوب، قدم لوحات تحاكي الشرق والفلكلور والتراث الحضاري والأساطير القديمة، فمن خلال لوحاته رسم هويته المحلية بهدف تشكيل اتجاه محلي عربي وشرقي بالرسم بعيداً عن المدارس الغربية، وحصد جوائز عدة.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع التشكيلي "أديب شحادة خليل" المقيم في "ألمانيا" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بتاريخ 15 آذار 2019، ليحدثنا عن مسيرته الفنية: «رافقني الرسم منذ الصغر، فقد نشأت وترعرعت في بيت يزخر بالمشغولات الفنية؛ فأبي كان من عشاق "الأنتيكا" يزين بها بيتنا، وأمي كانت تجيد فن تطريز الثوب الفلسطيني، وأخي كان فناناً يهوى الرسم، وخالي وخالتي أيضاً كانا من هواة الفن، هذه البيئة الفنية التي نشأت بها كان لها دور كبير بشغفي وتعلقي بالفن، كما أنني كنت مشاركاً دائماً بالمعارض المدرسية، حتى إنني أقمت عام 1973 أول معرض فردي لي بمدرسة "سمخ" الإعدادية عن حرب "تشرين" التحريرية، وقد شجعني أساتذتي وبعض الفنانين في مدينتي "حماة" لتنمية موهبتي الفنية، فدرست الرسم والحفر والنحت في مركز "سهيل الأحدب" للفنون التشكيلية، فالموهبة كالنبتة تحتاج إلى رعاية وعناية، ولا بد من صقلها بالدراسة الأكاديمية والتدريب والعمل المتواصل، فالدراسة تمكن الفنان من امتلاك أدواته ووضعها على الطريق الصحيح».

للون هوية ودلالة تمثل رؤية الفنان، أحب التعامل معها جميعها، واختياري لبعضها يعكس حالتي النفسية ويخدم موضوع اللوحة، فبعض لوحاتي تميل إلى مجموعة البني (بني، ذهبي، أوكر، وأصفر) وبعضها استخدم فيها مجموعة الأزرق (درجات الأزرق، والبنفسجي، والنيلي، والفيروزي، والفضي)، ولدي رهبة من اللونين الأحمر والأسود، فهما يعطيان انطباعاً يبعث الحزن باللوحة، فلا أستخدمهما إلا للضرورة القصوى

وعن الطابع الذي غلب على لوحاته، قال: «لوحاتي كانت تحت تأثير وإلهام جمال الطبيعة في مدينتي "حماة"، حيث نهر "العاصي" والبساتين حوله والنواعير، إضافة إلى وجود عدة مواقع أثرية من الحضارات السابقة جعلتني محباً للفن والجمال، وبرأيي إن الفنان الناجح لا ينفصل عن بيئته؛ فكل مرحلة من حياته تفرض حالة شعورية، وأخرى لا شعورية معينة تنعكس على أعماله، ويمكن ملاحظتها مباشرة بعين الناظر، فأغلب رسوماتي تعبّر عن الواقع والبيئة الطبيعية التي نشأت فيها، إضافة إلى الأساطير والحضارات التي مرت على مجتمعنا، فقد رسمت الإرث الحضاري والزخرفة الإسلامية والمنمنمات، وفن التطريز الفلسطيني كان مصدر إلهام لي لتقديم لوحة معاصرة من بوابة التراث، وكانت ريشتي وألواني تجول وترسم وتؤرخ في كل ما هو مجسد للتراث، فأنا ابن التراث الفلكلوري، أسهم ذلك في تقديم لوحات خاصة بالشرق الساحر، وتعبر عن مجتمعي العربي وحضارتي وبيئتي، فأصبحت لوحاتي موضوع اهتمام في "سورية" و"ألمانيا"، لأنها تعبير عن الشرق العربي الساحر والمدهش الجميل، وتعبير صادق عن عشقي وحبي للشمس والنور والسلام، فبرأيي اللوحة هي السفير المتجول للجمال والمحبة بين الشعوب، أحاول من خلالها نشر رسائل المحبة والجمال وتعزيز إنسانية الإنسان بعيداً عن أجواء العنف والإرهاب والحروب، لتكون صلة الوصل للتقارب الثقافي والحضاري بين الشعوب وجسراً بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب، فالرسم لغة بصرية عالمية تنقل من خلالها مفاهيم وعادات المجتمعات على مرّ العصور من خلال العلاقات اللونية التشكيلية التي تنتمي إليها، والموضوع فيها يكون وسيلة والأهم من الموضوع قوة الرسم واللون والتكوين وامتلاك الأدوات وتقديم أسلوب شخصي جديد بعيداً عن المدارس الغربية، بهدف تقديم لوحة معاصرة من بوابة التراث تحمل بصمتي وأسلوبي الخاص بهوية محلية تعبر عني وعن انتمائي إلى بيئتي التي نشأت فيها، فأنا أرفض تقليد المدارس الغربية كالانطباعية والتكعيبية، وأطمح إلى تشكيل اتجاه محلي عربي وشرقي بالفن».

من أعماله التشكيلية

وعن الألوان ودلالتها بلوحاته، قال: «للون هوية ودلالة تمثل رؤية الفنان، أحب التعامل معها جميعها، واختياري لبعضها يعكس حالتي النفسية ويخدم موضوع اللوحة، فبعض لوحاتي تميل إلى مجموعة البني (بني، ذهبي، أوكر، وأصفر) وبعضها استخدم فيها مجموعة الأزرق (درجات الأزرق، والبنفسجي، والنيلي، والفيروزي، والفضي)، ولدي رهبة من اللونين الأحمر والأسود، فهما يعطيان انطباعاً يبعث الحزن باللوحة، فلا أستخدمهما إلا للضرورة القصوى».

الناقد التشكيلي "عبد الله أبور راشد" المقيم "بألمانيا" قال عن التشكيلي "أديب خليل": «تعرّفت إلى تجربته الفنية من خلال معرضه الذي أقامه في مدينة "بون" الألمانية، فهو فنان يستحضر التاريخ من خلال أعماله في رموزيته، منذ حفريات الكهوف مروراً بالحضارات والمجتمعات والثقافات الإنسانية وصولاً إلى مرئيات العصر الراهن، يرسم قصيدته البصرية من مصفوفات الكائنات الحية ومن المرأة أكسير الحياة، فلوحاته أقرب إلى المنمنمات التي تأخذ من الكسوة اللونية مسحة متجانسة تبعث في عين وعقل المتلقي الدهشة والتأمل».

من أعماله بألوان البني

عن تجربته الفنية تحدث الناقد التشكيلي "أديب محزوم": «تعدّ تجربة التشكيلي "أديب خليل" طرحاً لبعض الجماليات التعبيرية والرمزية المرتبطة بثقافة فنون العصر، وتتركز حول الوجوه والعناصر الإنسانية والحيوانية والمعمارية والزخرفية، كما يغلب على بعض أعماله السابقة والجديدة، هاجس إخراج الأشكال المختلفة بطريقة حلزونية، مغايرة للمألوف، ففي بعض لوحاته يكون أكثر انحيازاً نحو جمالية التشكيل على مساحات شبه هندسية، إلا أنه يعمل دائماً للتخفيف من رزانة التشكيل الهندسي، وتحقيق الحضور العفوي والذاتي، وتمثّل بعض لوحاته من الناحية الفنية عودة إلى الأجواء السجادية وفن المنمنمات، إضافة إلى أن العناصر في لوحاته لا تأخذ لونها الطبيعي أو الحقيقي، وقد يصل إلى حدود تقديمها بخطوط عفوية رفيعة وإشارات رمزية».

الجدير بالذكر، أن التشكيلي "أديب خليل" من مواليد "حماة" عام 1960، وهو من أصل فلسطيني، كان يقيم بمخيم العائدين في "حماة"، أقام العديد من المعارض الفردية داخل "سورية"، وفي "ألمانيا، وتركيا، وباكستان"، وحاز جوائز بالتصوير الزيتي والإعلان، منها: الجائزة الأولى لمسابقة يوم القدس العالمي في "إيران" عام 2002، وجائزة الإمام الخميني للإبداع والفنون، وجائزة بمسابقة المقاومة الإسلامية اللبنانية عام 2006، وغيرها.

من لوحاته الفنية بالثوب الفلسطيني